رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 23 أبريل، 2012 0 تعليق

الشيخ حازم شومان لـ«الفرقان»: لن يفشل المشروع الإسلامي في مصر لأن الإسلام لم يوكل إلى الإسلاميين ولكن له رب يرعاه ويحمـــيه وينصــره

 

مثلت نتيجة الاستفتاء على الدستور مرحلة فارقة في تاريخ الدعوة الإسلامية في مصر، وأظهرت هذه النتائج القوة الحقيقية للتيار الإسلامي ومدى تأثيره في الناس، ومنذ هذه اللحظة بدأ أعداء هذا الدين في الداخل والخارج يدركون خطورة هذا الـمشروع على مخططاتهم وعلى تواجدهم وبقائهم في مراكز السلطة واتخاذ القرار، فبدأوا حملة شرسة لوقف هذا المد الإسلامي الهائل على حد وصفهم. 

ومع مرور الأيام وتتابع الأحداث وحصول الإسلاميين على أغلبية في مجلسي الشعب والشورى، ازدادت تلك المخاوف، وازدادت معها كذلك الحملة الموجهة لضرب الإسلاميين وتشويه صورتهم لدى الرأي العام، كما حدث في الانتخابات الرئاسية ومنع وصول المرشحين الإسلاميين إلى تلك الانتخابات، وعلى رأسهم الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، هذه المسألة بالذات وما صاحبها من انقسام في صفوف الإسلاميين في إدارة هذا الملف وضعت الجميع أمام تساؤلات كثيرة حول نجاح المشروع الإسلامي في مصر، وقدرة الإسلاميين على الصمود في وجه هذه المؤامرات، وكذلك قدرتهم  على توحيد صفوفهم والعمل من خلال جبهة موحدة وهدف مشترك؛ لذلك كان سؤالي الأول لفضيلة الشيخ الدكتور حازم شومان الداعية الإسلامي:

- هل يمكن لهذه المؤامرات أن تحقق هدفها في إفشال المشروع الإسلامي في مصر؟

- بإذن الله لن يفشل المشروع الإسلامي في مصر؛ لأن الإسلام لم يوكل إلى الإسلاميين ولكن له رب يرعاه ويحميه وينصره، وإن الله يغرس لهذا الدين بيديه سبحانه وتعالى، {ولينصرن الله من ينصره}، ولابد أن ننتبه أن قضيتنا ليست في أن الإسلام سينتصر أم لا، الإسلام سينتصر بنا أو بغيرنا، إن قضيتنا هي: هل سيستعملنا الله في نصرة دينه أم لا، هل سيشرفنا الله بخدمة الإسلام أم لا؟ فالخلافة قادمة قادمة، ودين الله ظاهر لا محالة، ولكن القضية هي: ماذا سيكون دورنا؟

-  ما تقييمكم لـمجريات الأحداث في مصر في الفترة الأخيرة؟

- قال تعالى: {والله من ورائهم محيط}، مصر ما زالت تبتلى بظالم بعد ظالم، ولكن الله سبحانه وتعالى يرينا آيات بينات منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير ومن قبلها، وكلما مكروا مكرًا، أو كادوا كيدًا لتعطيل حكم الشريعة الإسلامية في مصر، يرد الله كيدهم في نحورهم، وأنا على يقين أن الأيام القادمة بإذن الله تعالى ستحمل لهم مفاجآت بدون أي ترتيب من البشر، مفاجآت لم يكونوا يتخيلونها، لا أمريكا ولا أذنابها في مصر، قال تعالى: {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}، فالله حين يتولى عبدا من عباده سبحانه وتعالى لا يستطيع أحد أن يمكر بهذا العبد، أو أن يكيد له، فالله سبحانه وتعالى إن تولانا في مصر فلن يستطيع أحد أن يمكر بنا.

       فالإنسان لابد أن ينظر بعين الأمل لأنك إذا نظرت للأحداث بعين الرصد يمكن أن تصاب بالإحباط، ولكن إذا نظرت باليقين في قدرة الله يختلف الأمر، لأجل ذلك حينما مر نبي الله عُزير على بيت المقدس بعد تخريبه ماذا قال؟ قال: {أنَّى يحيي هذه الله بعد موتها، فأماته الله مائة عام} فهو نظر إلى المشكلة قبل أن ينظر إلى قدرة الله فقدم «هذه» قبل أن يذكر لفظ الجلالة، فيجب أن ننظر إلى قدرة الله قبل أن ننظر إلى أي مشكلة، مصر إن تغيرت فستتغير 46 دولة إسلامية نحو الشريعة، مصر تقود العالم الإسلامي حقيقة، مصر إن قام فيها الإسلام فسيقوم الإسلام في العالم أجمع، وهم يعلمون هذا لذا يخططون ليل نهار، {بل مكر الليل والنهار }، ولكن: {والله  من ورائهم محيط}، {ومكروا مكرا ومكرنا مكرنا وهم لا يشعرون، فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم}هم من سيدمرون أنفسهم بأنفسهم.

- ما الدور الواجب على العلماء تجاه ما تمر به الأمة من أزمات ونوازل؟

- قال الله تعالى: {كزرع أخرج شطأه} فالزرع هنا هو الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلما كان النبي  صلى الله عليه وسلم  صالحًا خرج الشطأ طيبًا وهم الصحابة، فدائمًا العلماء والدعاة إلى الله عز وجل هم الأصل والناس هم الشطء، فلو صلح العلماء لصلح الناس.

- وأنا أقول: إن أخطر مرضين يمكن أن يدمرا العمل الإسلامي ووجودهما عند العلماء يمثل كارثة: «التخلي، والتعصب»،  التخلي بمعنى أن يوجد عالم آتاه الله حب الناس واتباعهم له ويتخلى عن هذه المكانة ويتفرغ لنفسه، ويحاول أن يتخلى عن دوره الفاعل في الإصلاح والعمل على نهضة الأمة، فهذا مدمر.

وأما التعصب فيعني أن كل واحد يتصور أنه الحل الوحيد للأزمات التي تمر بالأمة.

        وهذا من أخطر ما يكون، ففي حديث الثلاثة والصخرة ذكر النبي  صلى الله عليه وسلم   أن الصخرة فتحت على يد الثلاثة، كل واحد فتح بسببه جزء، كذلك فإن صخرة الواقع لن تفتح إلا على يد الجميع، ويجب أن يؤمن الجميع بهذا، من أجل ذلك عندما ذهب سيدنا يوسف إلى مصر وبرغم ما فعله به إخوته إلا أنه قال لهم: {ائتوني بأهلكم أجمعين}، وهذا فضلاً عن تسامحه فإنه يشير إلى أنه لن يوجد شخص يستطيع حمل الدين في دولة بمفرده، فسيدنا يوسف يحتاج إخوته لحمل الدين معه في مصر.

       كذلك سيدنا موسى وهو واحد من أولي العزم من الرسل، ومع ذلك قال: {هارون أخي أشركه في أمري}، فهذه سنة، أنك لن تستطيع تحمل الأمر وحدك؛ لذلك قال الله تعالى: {أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} بمعنى أن الدين مثل البناء، فهذا البناء شارك فيه البناء، والنجار، والسباك، والكهربائي وغيرهم، لذلك قال الله تعالى في أول سورة المائدة: {وتعاونوا على البر والتقوى}، وانظر إلى قوله: {على} ولم يقل «في» وهي تفيد أن هذا الأمر عال ولن يستطيع أحد إقامته بمفرده، أعلى من إمكانيات أي فرد، فيجب أن نؤمن بهذا إيمانًا جازمًا وهو أن الدين لن يقوم إلا بنا جميعًا.

        ومصيبة التعصب أن كل شخص يظن أنه يستطيع حمل الأمر وحده، الوحيد الذي كان يستطيع تحمل هذا الأمر وحده هو النبي  صلى الله عليه وسلم  ؛ سيدنا زكريا نفسه قال: {يرثني ويرث من آل يعقوب} فلم يغلق الدين على نفسه، وفي التفاسير يقولون: أي يرث مني العلم ويرث من آل يعقوب الأخلاق، وهذا فقه الأنبياء.

        لذلك يجب على العلماء عدم التخلي وعليهم أن ينزلوا إلى الناس وأن يكونوا في المقدمة، كقول القائل: «إذا أردت أن تكون إمامي فعليك أن تكون أمامي».

- هل يعاني الصف السلفي أزمة في إيجاد خطاب موحد وخاصة في القضايا المصيرية التي تمر بالأمة؟

- الوحدة ليس معناها أن نقول جميعًا قولاً واحدًا، فأين إذًا ثقافة الخلاف؟ القوة أنني يمكن أن أختلف معك ويكون لي رأي ويكون لك رأي، وأن يكون لي رؤية ولك رؤية، ومع ذلك لا نفترق، ولا نصطدم ببعض، فرأيي أن المشكلة في ثقافة الخلاف عندنا، فهل يعني أن تختلف معي أنه يجب أن أنسفك، وأسقطك، لماذا نحول الخلاف دائمًا لعداء؟ النبي  صلى الله عليه وسلم  عندما شرب الصحابي الخمر فلعنه عمر رضي الله عنه قال  صلى الله عليه وسلم : «لا تعينوا الشيطان على أخيكم»، يعني لا تحولوا الخلاف إلى عداء، أخوك أخطأ تذبحه؟ شيخ من المشايخ أخطأ أحول هذا الخلاف إلى عداءات بيننا وبين بعضنا البعض؟ أنت قبل أن تنتقد أخاك على المنبر هل ذهبت إليه ونصحته؟ كيف تنتقده أمام الناس وأنت لم تنصحه؟!

- هناك محاولات حثيثة لتشويه صورة التيار الإسلامي، كيف يمكن التصدي لهذه الهجمة وهل يمكن أن تؤتي ثمارها؟

- منهج أهل الباطل دائمًا ضرب الدعوة من خلال الدعاة؛ لأن الدعوة كاملة، ومقدسة، وطاهرة وعظيمة، فكيف سيضرب الإسلام؟ سيضرب من خلال المسلمين؛ لذلك في أحد مقدمات الإنجيل كتب: إذا أردت أن تعرف الإسلام فانظر إلى المسلمين، فهم يريدون ضرب الإسلام من خلال أخلاق المسلمين، فكيف يضربون الحركة الإسلامية في مصر؟ من خلال تشكيك الناس في الدعاة، وأن يكرّهوا الناس في الدعاة، ويفتروا على الدعاة، فيجب على الدعاة أن يفطنوا لهذا الأمر جيدًا، ويجب عليهم عندما يتم التعرض لفرد منهم، أن يقوم الكل ويدافع عنه، فأي داعية يحارب هذه ليست المشكلة؟ المشكلة أن الدعوة كلها تطعن من خلاله، ويكون ثغرة ينفذون من خلاله، فأنا أدعو كل إخواني العاملين في الدعوة إلى الله حينما يستهدف أحد منهم لتشويه صورته، يجب أن نناصره جميعًا؛ لأن الناس قد تفتقد القدوة، فإذا وجدوا القدوة الذي يجمع بين العلم والعمل في هذه اللحظة الناس سيدخلون في دين الله أفواجًا، ويدخلون في الالتزام أفواجًا، وهذا يعلمنا أن ننزل بين الناس، قال تعالى: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم}، قال تعالى {مع} وحرف «مع» معناه أن نعيش بين الناس وننتشر بينهم.

- ما الدور الواجب على الشباب في الفترة المقبلة في ظل هذه الفتن والنوازل التي تمر بالأمة؟

- الشباب هم أيدينا وأرجلنا، لن نستطيع أن نغير الواقع بدون طاقات هؤلاء الشباب، لقد اكتشفنا في مصر قرى لا يعلم أهلها اسم النبي محمد عليه الصلاة والسلام، لا يعلم أهلها ما الصلاة، عندنا في مصر 4000 قرية، من الذي سيطوف عليها ويعلم أهلها، نحن نحتاج أن تتكاتف الأمة كلها من أجل إقامة الدين، ويجب ألا نستسلم لمخططات أهل الباطل في ضرب العلاقة بين الشباب وبين الدعاة، وهذا لن يحدث إذا طبقنا منهج النبي  صلى الله عليه وسلم  في الدعوة، فالدعوة عند النبي  صلى الله عليه وسلم  لم تكن ميكروفونا وكاميرا، حينما ظهرت القنوات الفضائية الإسلامية ماذا فعلوا؟ أنفقوا ملايين الجنيهات على قنوات فضائية فاسدة وجذابة جدًا أخذوا بها ملايين من الشعب، فهم في نفس وقت وبعد الدرس سيعملون حفلات ماجنة واختلاط فاحش والشباب لن يسمعوا لنا.

        لذلك إذا استمرت الدعوة في صورة دعوة الراغبين للدروس العامة فلن نتقدم، ولن نصل إلى الناس، يجب أن نعيد دعوة النبي  صلى الله عليه وسلم   وهي دعوة غير الراغبين، دعوة غير الراغبين هي دعوة النزول للناس في الشارع، ودعوة الراغبين هي دعوة المسجد في الدروس العامة.

       كما وقف النبي  صلى الله عليه وسلم  في أكثر مكان فيه كثافة سكانية في مكة على جبل الصفا وهتف في الناس: أرأيتم لو أن رجلا رأى العدو فخشي أن يسبقوه إلى أهله فأخذ يهتف يا صباحاه يا صباحاه؟ فالنبي  صلى الله عليه وسلم  يهتف فيهم، لماذا؟ لأن عقوبة ذنوبكم ستنزل عليكم وتدمركم، هذه اللحظة ماذا سميت في كتب السيرة؟ سميت بداية الدعوة الجهرية، أي بداية مرحلة العذاب والتنكيل والقتل وطعن سمية وجلد الصحابة.

        هم يعلمون أن النبي  صلى الله عليه وسلم  منذ ثلاث سنوات يقول إنه رسول، ويعلمون أن هناك ناسا يتبعون النبي  صلى الله عليه وسلم  ، متى بدأ الأذى؟ حينما نزل النبي  صلى الله عليه وسلم  إلى الناس، ورقة بن نوفل كان موجودًا قبل بعثة النبي  صلى الله عليه وسلم   وكان يقول إنهم كفار، لماذا لم يؤذوه؟ لأنه لم ينزل إليهم، زيد بن عمرو بن نفيل كان يجلس ويسند ظهره إلى الكعبة ويقول: أنتم كفار ولستم على ملة إبراهيم، لماذا لم يؤذوه؟ لأنه لم ينزل إليهم؛ إذًا يجب أن نفهم سر قوتنا، سر قوتنا كدعاة إلى الله وكملتزمين النزول إلى الناس، يجب أن ننزل إلى المقاهي وإلى النوادي، ننزل إلى الشوارع، ننزل إلى ساحات الجامعات، حينما أذهب لندوة في إحدى الجامعات، قبل الندوة أطوف على الشباب غير الملتزم حتى أدعوهم إلى الله.

        وأخيرًا: أنا أرى أن أخطر قضية يجب أن يواجهها التيار الإسلامي بعد قضية التربية، هي قضية توظيف طاقات الملتزمين والملتزمات على ثغور نصرة الإسلام التي سميت في الإسلام: {تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال} لابد أن يكون لكل منا مقعد للمنافحة عن دين الله عز وجل.

          حينما قال الله لموسى: {وأنا اخترتك}، هذا يسمى عندنا في الدنيا تعيين أو توظيف، كل واحد فينا يجب أن يصل إليه هذا الخطاب «أنا اخترتك»، كل واحد فينا يجب أن يصل إليه هذا التعيين من الملك سبحانه وتعالى، مع الأسف نحن نعاني من بطالة دينية، نحن نقول: 20 % من الشباب عنده بطالة دنيوية، ولكن 95 % من الملتزمين والملتزمات لديه بطالة دعوية، لا يعملون في الدعوة، ولا يعملون في ثغورها، ولا يعملون في نشر الهداية، ولا يعملون في نصرة دين الله عز وجل، هو ملتزم ولا يفعل شيئا للإسلام.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك