رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم أحمد الناشي 17 مايو، 2011 0 تعليق

الشيخ الدكتور محمد الحمود في حوار خاص لـ«الفرقان»:(1-2) استهداف المملكة العربية السعودية لأنها تعد قبلة العالم الإسلامي والعلم الشرعي

 

أكد الدكتور الشيخ  محمد الحمود أن التغيير للأفضل، والتطور للأسهل، والقضاء على الأمراض، وقضاء الحاجات؛ مطلب الجميع اليوم عند الأمة الإسلامية وغيرها من أمم الأرض، مشيرا إلى أن التغيير لابد أن يتم وفق وسائل التغيير التي شرعها لنا ديننا الحنيف وجاءت بها النصوص من الكتاب والسنة، فهي كفيلة بإحداث التغيير المنشود والمطلوب، ولسنا بحاجة إلى بعض الوسائل التي تحفها الأخطار وتزهق فيها الأرواح كالمظاهرات والاعتصام وغير ذلك.

وقال الشيخ الحمود في حوار مع «الفرقان»: إن الدعوة إلى إصلاح الأمة وإصلاح الناس والمجتمع والدعوة إلى التمسك بدين الله وصراطه المسستقيم، فرض واجب على كل مسلم ومسلمة.

وأشار إلى أن التشبه بالكفار والمشركين حرام شرعا وتقليد للآخرين ومتابعة لهم على قولهم وفعلهم؛ لأن المشابهة في الظاهر تؤدي إلى المشابهة في الباطن وتورث نوعا من المودة والمحبة.

وأوضح أن المملكة العربية السعودية تعد قبلة العالم الإسلامي، ويعتقد أعداء الإسلام أن المملكة العدو الأول لهم، فنجدهم بين الفينة والأخرى، يدخلون علينا عن طريق الغزو الفكري والثقافي بكل صوره وأشكاله، وهذا يعد من أخطر الأشياء، موضحا أن استهداف المملكة بحكم ما فيها من حكم شرعي وعلم شرعي وجامعات شرعية وعلماء والتمسك بالشريعة الإسلامية، كل هذه الأمور تجعل المملكة في صدارة الدول المستهدفة، بخلاف أية دولة عربية أخرى، وهذا نص الحوار:

 

- بعض الشعوب العربية تنادي الآن بالتغيير حتى أصبح  ذلك مطلب بعضهم اليوم عند الأمة الإسلامية وغيرها، فكيف يمكن التغيير للأفضل من وجهة نظرك؟

- وسائل التغيير التي شرعها لنا ديننا الحنيف وجاءت بها النصوص من الكتاب والسنة، كفيلة بإحداث التغيير المنشود والمطلوب؛ فالإنسان يغير ولكن وفق قول الله عز وجل: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، والرسول[ يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» متفق عليه، فأعتقد أن هذه الوسائل كفيلة بإحداث التغيير المطلوب ولسنا بحاجة إلى بعض الوسائل التي تحفها الأخطار وتزهق فيها الأرواح كالمظاهرات والاعتصام وغير ذلك.

       فالتغيير للأفضل، والتطور للأسهل، والقضاء على الأمراض، وقضاء الحاجات، مطلب الجميع اليوم عند الأمة الإسلامية وغيرها من أمم الارض.

       فالطريق الصحيح للإصلاح والتغيير يبدأ بالعودة إلى دين الله، والعمل بأوامر الله ورسوله [، وبإقامة الصلاة بأوقاتها، وإيتاء الزكاة لأهلها، والأمر بهما، وبغيرهما من المعروف الذي يحبه الله ويرضاه، والنهي عن المنكرات البغيضة إلى الله والمباعِدة من رحمته.

استهداف المملكة

- لماذا تتعرض المملكة العربية السعودية للاستهداف في الفترة الحالية؟

- المملكة بحكم ما فيها من حكم شرعي وعلم شرعي وجامعات شرعية وعلماء والتمسك بالشريعة الإسلامية، كل هذه الأمور تجعل المملكة في صدارة الاستهداف، بخلاف أية دولة عربية أخرى.

       ولأن المملكة تعد قبلة العالم الإسلامي، يعتقد أعداء الإسلام أن المملكة العدو الأول لهم، فنجدهم بين الفينة والأخرى يدخلون علينا عن طريق الغزو الفكري والثقافي بكل صوره وأشكاله، وهذا يعد من أخطر الأشياء؛ لأن الغزو الفكري الذي يقدم  عبر الفضائيات، والإنترنت، والفيس بوك وخلافه، لاشك أنه يعد محاولة لطمس هوية المسلمين وبث حالة التغريب فيهم.

       وللأسف الشديد نجد الشباب اليوم يعيش بلا هدف ولا غاية؛ لأنه نشأ بعيدا عن الهدف الذي من أجله أوجد الله تعالى الخليقة والناس كلها، وهي إقامة دين الله على الأرض وتوحيد الله؛ فهناك شباب غير واع لما يحاك ضده وحجم الأخطار المحيطة بنا جميعا ولا يعلمون أن الأعداء يمكرون بهم، ويعتقدون أن العيش في الحرية الغربية خير لهم الآن مما هو واقع ويسميه الغرب تخلفا.

إصلاح الأمة

- ما حكم الدعوة إلى إصلاح المجتمعات الإسلامية مع اشتغال الناس بحياتهم اليوم؟

- الدعوة إلى إصلاح الأمة الإسلامية وأحوالها، وإلى إصلاح الناس والأسر، والدعوة إلى التمسك بدين الله وصراطه المستقيم، فرض واجب على كل مسلم ومسلمة، كلٌ على قدر استطاعته، وما آتاه الله من علم ومعرفة وقدرة، فالكل مطالب بأن يدعو إلى الله تعالى، لا يعفى منها إلا من سقط عنه التكليف.

       وقد دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة:قال تعالى: {يََأَيّهَا الرّسُولُ بَلّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رّبّكَ} (المائدة: 67). وقال تعالى: {ادْعُ إِلِىَ سَبِيلِ رَبّكَ} (النحل: 125). وقال النبي [: «بلغوا عني ولو آية» متفق عليه.

       وهذه الألفاظ (بلِّغ) و(ادع) و(بلِّغوا) أوامر صريحة، والأصل في الأمر الوجوب، وفي الإطلاق الشمول. فهي توجب الدعوة على كل مسلم ومسلمة، كلً في حدود وسعه. والوسع يشمل: الوسع العلمي والبدني والمالي، والقدرة على أداء الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.

       ونشير إلى أن مقام الدعوة إلى الله تعالى في الإسلام مقام عظيم، بل هو أساس انتشار الدين، وركن من أركان قيامه، وهو طريق النبي[ وأتباعه؛ قال تعالى عن رسوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِى أَدْعُو إِلَىَ اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتّبَعَنِ وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (يوسف: 108).

       وقال سبحانه {يََأَيّهَا الرّسُولُ بَلّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رّبّكَ وإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (المائدة: 67). فلولا الدعوة إلى الله لما قام دين الله تعالى، ولا انتشر الإسلام، ولما اهتدى العباد، ولما عُبِدَ الله حقا.

       فبالدعوة إلى الله تعالى: يُعبَد الله وحده لا شريك له، ويهتدي الناس لربهم، ويتعلمون أمور دينهم، ويعرفون الشرك من التوحيد، ويتعلمون كيف تكون عبادتهم، وأحكام دينهم من حلال وحرام، وحدود ما أنزل الله على رسوله [.

       وبالدعوة إلى الله تعالى: تستقيم أحوال الناس ومعاملاتهم، من بيع وشراء وإجارة، وعقود نكاح وغيرها، وتصلح أحوالهم الاجتماعية والأسرية. وبالدعوة إلى الله تعالى: تتحسن أخلاق الناس، وتقل خلافاتهم، وتزول أحقادهم وضغائنهم، ويقل أذى بعضهم لبعض.

       فالدعوة إلى الله تعالى إذا ما قامت على وجهها الصحيح، واتخذت لها الوسائل المناسبة بالحكمة، واستجاب الناس لها، تحقق للدعاة وللمدعوين سعادة الدنيا والآخرة، والنجاة من كل الشرور والفتن.

       وقال تعالى: {وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَىَ دَارِ السّلاَمِ} (يونس: 25). وقال تعالى: {الّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلََئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مّهْتَدُونَ} (الأنعام 82).

       فبالدعوة إلى الله سبحانه ينتشر الأمن والأمان، ويسود السلام والإسلام، ويتحقق العدل بين الأنام، وتعصم الأموال والأنفس.

       وبالدعوة تحصل النجاة للعباد من النار، قال تعالى: {وَيقَوْمِ مَا لِى أَدْعُوكُمْ إِلَى النّجَاةِ وَتَدْعُونَنِى إِلَى النّارِ} (غافر: 41). وبالدعوة إلى الله تعم الرحمة بين العباد، كما قال سبحانه: {وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لّلْعَالَمِينَ} (الأنبياء:107).

       والدعوة إلى الله تعالى هي سبيل إلى الاستخلاف في الأرض والتمكين؛ لأنها من أعظم الأعمال الصالحة؛ قال تعالى: {وَعَدَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنّ لَهُمْ دِينَهُمُ الذي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} (النور: 55).

القرآن والحديث

- تضارب الفتوى يثير الكثير من الحيرة والاضطراب بين المسلمين، خصوصا بعد انتشار الفضائيات، كيف نواجه تلك المشكلة؟

- الواجب على المسلم اتباع نصوص القرآن الكريم وأحاديث الرسول [؛ كما قال تعالى: {يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول}، وقال: {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء}، والمسلم الغيور يتألم كثيراً حينما يسمع بعض الفتاوى غير الدقيقة بل الشاذة أحيانا، في محطات الإذاعات والفضائيات في البلاد العربية، فكثير من تلك الفتاوى مخالف للصواب، إما أن يكون فيها تساهل وتفريط، وإما تكون متشددة، أو صادرة عن جهل وعدم دقة، وإما فيها نقص في استيعاب السؤال والاستعجال في إصدار الحكم.  وهذا هو منشأ كثير من التعارض بين الفتاوى. قال الإمام مالك: لو سكت من لا يعلم لقل الخلاف.

       أما إذا كانت الفتوى منضبطة بالأدلة، وصادرة عن أهلها من أهل الذكر والعلم والفهم الصحيح، وفيها شمول وتأنّ ودقة، ومحكمة ببيان الضوابط والشروط في الأجوبة، فإن هوَّة الخلاف تكون ضيقة جداً.

       وإذا توافرت الضوابط الشرعية من الالتزام بالنصوص، ووقع الخلاف بعد ذلك، فلا ضرر ما دام الخلاف في الجزئيات، وهذا من سماحة الشريعة وتيسيرها والمحافظة على الأخوة.

       والطريق لتجنب هذه الفتاوى المتضاربة، هو منع بعض الأفراد غير المؤهلين للفتوى من الإفتاء؛ لتفادي الخلافات وتشتيت العامة، وتشويش الأذهان، والاجتماع وعدم التفرق من مقاصد الشريعة الإسلامية المطهرة؛ قال تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}، ويجب احترام النص الوارد في الكتاب والسنة من الجميع، والعمل على الأخذ بالدليل الأقوى، ويكون العمل برأي الأكثر أو الجمهور أسلم في كثير من الأحيان، والبعد عن التعصب المذهبي لرأي مذهب واحد.

       ومع ذلك نقول: فمن اتبع عالماً مشهورا بالعلم والتمسك بالدين والورع، لقي الله سالماً إن شاء الله؛ لرفع الحرج عنا في معرفة الصواب، ولا سيما للعامة.

المحافظة على هويتنا

- كيف نحافظ على هويتنا وفى الوقت نفسه نتعايش مع الآخر؟

- أولا قد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على حرمة التشبه بالكفار، من أهل الكتاب والمشركين، وكذلك حرمة التشبه بالفسقة والشياطين وغيرهم.

       وأوصانا الله سبحانه بالتمسك بديننا الحنيف، من قرآن كريم، وسنة نبوية شريفة، وهدي مستقيم، فقال الله سبحانه {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون} (الأعراف: 3).

أي: اتبعوا كتاب ربكم الذي أنزله لكم، ليربيكم به أحسن التربية، ويهديكم به الهداية التامة.

       وقال سبحانه: {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون} (البقرة: 138). أي: الزموا صبغة الله، أي دينه وشريعته، وقوموا به ظاهرا وباطنا، في العقيدة والشريعة؛ حتى تكون لكم صفاتكم الخاصة بكم، وأحوالكم الخاصة بكم.

       وقال سبحانه: {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين} (الجاثية: 18). أي: شرعنا لك شريعة كاملة، تدعوك إلى كل خير وتنهاك عن كل شر، مما فيه السعادة في الدنيا والآخرة.

       وأما من السنة: فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَال رَسُولُ اللَّهِ [: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَومٍ فَهُوَ مِنْهُم» رواه أبو داود. قَالَ الْمُنَاوِيُّ: أَي: تَزَيَّا فِي ظَاهِره بِزِيِّهِم, وَسَار بِسِيرَتِهِم وَهَديهم فِي مَلْبَسهم وَبَعْض أَفْعَالهم. انتهى.  فالتشبه تقليد للغير ومتابعة له على قوله أو فعله.

       ثم إن التشبه بالغير فعل المغلوب والمهزوم نفسيا، كما قال ابن خلدون: «المغلوب مولع أبدًا بالاقتداء بالغالب في شعاره، وزيه، ونحلته، وسائر أحواله وعوائده، والسبب في ذلك: أن النفس تعتقد الكمال أبدًا فيمن غلبها، وانقادت إليه».  ثم قال: «... ولذلك ترى المغلوب يتشبه أبدًا بالغالب».

       والمشابهة في الظاهر تورث المشابهة في الباطن كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «...إن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة».

       فهذا يبين أن التشبه بالكفار أو الفجار، يورث عند المسلم نوع مودة ومحبة لهم، أو هي على الأقل مظنة المحبة والمودة ولو مستقبلا.

       وكذلك التشبه بالفساق والمنحرفين من الناس، من المغنين والمغنيات وغيرهم، في اللباس وغيره محرم؛ قال عز وجل: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا} (الكهف: 50).

       أي: تتخذون الفاسقين بدلا عني وعن طاعتي واتباع رسلي وما جاءوا به من ديني، بئس للظالمين هذا البدل وهذا المقام الذي اختاروه لأنفسهم. فالدلالة من الآيات جميعاً: أنها تنهى عن الفسق وموالاة أهله، وتبين عاقبته ومصير أهله، كما تنهى عن مشابهة أهل الفسق والعصيان والغفلة عن الله تعالى.

وإنما نهى الشارع عن مشابهة الفسقة وأشباههم؛ لأمرين:

- الأول: لأن التشبه بهم قد يفضي بالمسلم إلى الإعجاب بما هم عليه من منكرات وعصيان، ومن ثم الوقوع في فعلهم، وهذا أمر مشاهد في واقع الناس، فالمتشبهون بالفساق والمغنين آل بهم الأمر إلى شدة حبهم، والولع بما هم عليه من طباع وأخلاق، حتى إن بعضهم حمل صورهم، وعلقها على ثيابه، وتشبه بهم في اللباس والشكل والهيئة والشعر.

- الثاني: لأن المسلم إذا لبس لباس الفساق، وتشبه بهم في هيئتهم، فقد وضع نفسه موضع التهمة والريبة؛ فيظن من لا يعرفه أنه منهم، يظنه من الفساق والمنحرفين، والمسلم مطالب بصون عرضه، والبعد عن مواطن الريب والتهم، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كان كالراعي حول الحمى، يوشك أن يقع فيه.

       فإذا كان لأهل الفسق والمجون لباس معين، أو زي خاص، أو هيئة ما عرفاً، حرم على المسلم والمسلمة فعلها، والتشبه بهم فيها، وهذا مداره على الأعراف والأزمنة والأمكنة.

- ومن أسباب التشبه: الجهل: ولا شك أن من أعظم أسباب التشبه الممنوع: الجهل بأحكام الدين، والبعد عن تعلم أحكام الإسلام، فهو المصيبة العظمى، والبلية الكبرى وراء الوقوع في التشبه بشتى ألوانه، ثم عدم الحرص على تطبيقها في الحياة.

- ومن أسباب التشبه: ضعف التربية وتوجيه الأجيال المسلمة في مجتمعات المسلمين؛ إذ إن التربية والتعليم، هما الدعامتان الأساسيتان لإعداد الأجيال، وصلاح الشعوب، فقد كانت الأمة المسلمة تربي أبناءها وأجيالها قروناً على الدين والخلق والفضيلة والشرف والعفاف، والاعتزاز بالشخصية المسلمة.

       لكن ما كان في الأصل مأخوذًا عن الكفار ويفعلونه، ولكنه لا يدخل في الأديان والشرائع، فهذا ليس فيه محذور المشابهة إذا فعلناه؛ فلا يدخل تحت التشبه الاستفادة مما عند الكفار من الصناعات والعلوم ونحوها؛ إذ إنها ليست من خصوصيات الكفار؛ لأنها إمكانيات بشرية، تتوافر بالعلم والعمل عند من يحرص عليها وينميها، ويجدُّ في تحصيلها سواء كان مسلمًا أم كافرًا. ولا يمنعنا ذلك من مخالطتهم ودعوتهم إلى الإسلام.

سياسة الدفاع

- إلى متى نظل نتعامل بسياسة الدفاع عن النفس تجاه عداء الغرب لنا, وهو الموقف الأضعف؟

- المسلم المؤمن بالله واليوم الآخر يدعو الى الله على بصيرة من دينه، وبعلم من كتاب الله وسنة رسوله [، وبيان الشريعة وإقامة الحجة على الخلق، إنما يكون بتوضيح أحكامها وبيان شرائعها وحلالها وحرامها، بالنصوص من القرآن والسنة النبوية، كما يكون بيان دين الله وإقامة الحجة أيضاً بالردود، على أهل الشرك والكفر والنفاق، وأهل الشر والفساد، فالقرآن تولى الرد على شبهات الكفار وأهل الكتاب، ومن لا يؤمن بالبعث والنشور، أو من لا يؤمن بالرسالة المحمدية وغيرها من أصول الدين، بأنواع الردود القوية، وبالأدلة الواضحة والبراهين القاطعة، ومجادلتهم بالتي هي أحسن، وهي أمر مهم لرد الشبه، وإخراس المعارضين، وإسكات الأقوال الباطلة؛ قال الله تعالى {وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين} وقال: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا}، وهو داخل في عموم الدعوة الى الله تعالى بالتي هي أحسن.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك