رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: مشاري فيصل 30 سبتمبر، 2019 0 تعليق

الشيخ الأديب أحمد غنام الرشيد

 

 

الشيخ أحمد بن غنام بن رشيد الحمود، من عائلة كان منهم بعض العلماء قبل قدومهم إلى الكويت في نجد وفي الزبير، ولد في بيت والده، في عام 1347هـ/1928م وذلك في منطقة المرقاب بالكويت، ونشأ وسط أسرته، يقول الشيخ عن منطقته:

 

قلبي يحن إلى حي ولدت به                   حي يقال له بعرف الناس مرقاب.

 

طلبه العلم

     درس الشيخ أحمد كعادة أهل الكويت قديما في الكتاتيب؛ حيث ابتدأ دراسته في مدرسة العثمان في سوق الدعيج التي كان يدرس فيها الملا عثمان عبداللطيف العثمان وأخوه الملا عبدالله العثمان، وكان يدرس معه أخوه عبدالرحمن الذي يكبر الشيخ أحمد بسنة، وتوفي بعدها بسنوات وهو صغير، ثم إلى كتاب الملا سليمان العلي الخنيني بالمرقاب فتعلم عليه الكتابة وتصحيح القراءة وحفظ بعض سور القرآن الكريم، وظل عنده فترة من الزمن، ثم انتقل بعدها إلى مدرسة الملا مرشد محمد السليمان، وبعدها فتح المعهد الديني فالتحق به عام 1948م؛ حيث كان ضمن الدفعة الأولى له، ويقول «وكانوا يعطوننا ثلاثين روبية مكافأة للطلبة الدارسين بالمعهد الديني».

علماء الكويت

     كما درس على أيدي كثير من علماء الكويت، وممن استفاد منهم الشيخ العلامة محمد سليمان الجراح -رحمه الله-؛ حيث درس عليه في الفقه من باب الحج، كما درس على الشيخ محمد أحمد الفارسي متن الأجرومية في النحو مع شرحها، ودرس متن الرحبية وشرحها في الفرائض عند الشيخ عبدالرحمن الدوسري، وكذلك أصول الفقه عنده، ويقول -رحمه الله- «مازلت أحتفظ بمذكرة الأصول في مكتبتي» كما درس على الشيخ أحمد عطية الأثري.

عمله

     يقول الشيخ -رحمه الله-: إنه عمل أولا مؤذنا في مسجد العجيري المعروف الآن بمسجد الغربللي قرب مبنى البلدية، وكان ذلك عام 1948م، ثم انتقل إلى مسجد الوزان في المرقاب مؤذنا، وبعدها أصبح خطيبا في مسجد دسمان عام 1952م، وكان عمره آنذاك ثلاثة وعشرين عاما، ثم عُين إماما في مسجد ابن بحر، وموقعه مقابل إدارة الجمارك عند قصر السيف على شارع الخليج العربي، وهو أول مسجد في الكويت وأقدم مساجدها، وقد جدده المحسن عبدالله الإبراهيم، وعرف بمسجد الإبراهيم قبل أكثر من مائة سنة، ثم جاءت وزارة الأوقاف وهدمته ورفعته ووضعت تحته دكاكين لكي يوازي منطقة بهيتة، ومن تاريخ 1 أغسطس من عام 1957م كان الشيخ فيه إماما حتى عام 1962م، وبعدها أزيل لتوسعة شارع الخليج.

     ثم انتقل إلى مسجد العجيري مرة أخرى إماماً له، وبعدها أصبح إماما وخطيبا في مسجد قطعة «6» بالفيحاء، وذلك عام 1962م، ثم إلى مسجد الحداد مقابل البنك التجاري، وظل فيه إماما سنوات عدة، وفي عام 1967م رجع إلى مسجد العجيري وظل فيه إماما لمدة إحدى عشرة سنة حتى تقاعد في عام 1978م، وقد خدم في وزارة الأوقاف مؤذنا وإماما وخطيبا ثلاثين سنة، كما أنه كان يقوم بدل الشيخ العلامة محمد سليمان الجراح خطيبا في أوقات مرض الشيخ محمد؛ فكان يخطب في مسجد الساير، وبعدها في مسجد المطير بضاحية عبدالله السالم بدل الشيخ محمد وذلك حتى عام 1996م.

     كما درَّس في مدرسة الملا سليمان الخنيني، وكذلك في مدرسة تابعة لجمعية الإصلاح؛ حيث درس القرآن الكريم وبعض الأمور الواجبة في الفقه كالعبادات، وله حلقات مسجلة في إذاعة دولة الكويت في مجالس رمضان للشيخ عبدالله خلف الدحيان وهي في ثلاثين حلقة.

مكتبته النادرة

له مكتبة عامرة بالكتب الكثيرة والمتنوعة في مختلف العلوم، وفيها طبعات قديمة، فيقول عن نفسه: «أنا كونت مكتبة علمية لا بأس بها أقرأ فيها وأنهل من العلم؛ لأنني أحب القراءة وأجمع كل كتاب قيم وأشتريه لأقتنيه».

تواضعه ولطف معشره

     كان -رحمه الله تعالى- لطيف المعشر؛ فهو صاحب طرف ونكات مع وقار لا يخرجه عن سمته المعتاد، فيدخل السرور علىجلسائه بما يختاره لهم من قصص وحكايات يتخللها أبيات من الشعر الذي قد تكون وليدة لحظتها، وربما رد على أحد محدثيه بسؤاله نفسه بسجع غير متكلف، مع ابتكار وتفنن طبيعي، من أجل ذلك كان مجلسه لا يمل.

حبه للعلم ومشايخه وطلبته

     كان الشيخ أحمد -رحمه الله- يحب العلم ويحبب محدثيه إليه، ويدعو إلى طلبه، ويذكر مشايخ العلم بأحسن ما يذكر عنهم، ويوجه طلبة العلم إذا رأي منهم نجابة وفهما، ولا يبخل عليهم بالنصح، ويزودهم بنوادر الكتب والمراجع، أو ربما عرضها عليهم بأقل من سعرها الحقيقي تشجيعا لهم على اقتنائها.

قوة ذاكرته

     امتاز الشيخ أحمد بقوة ذاكرة يسرت له -بعون الله- استرجاع الحوادث والأخبار التي مرت به أو حدثت في الكويت وما حولها بدقة واضحة؛ فيذكرها كما لو أنه حديث عهد بها، وكم مرة سئل عن علماء وأخبار وحوادث فيجيب بثقة ووضوح، كان آخرها لما كان على فراش مرضه الأخير -رحمه الله- في المستشفى الأميري، عندما سئل عمن زار الكويت من علماء الأحساء من عائلة الملا، فأجاب وبدد كل شك في ذلك -رحمه الله.

زياراته العلمية

     حرص الشيخ -رحمه الله- على القيام بزيارات علمية كل فترة ولاسيما عندما كان في قوته حيث زار المدينة المنورة، وحضر مجالس المشايخ ومن أشهرهم العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -صاحب (أضواء البيان)-، ووصف حاله وعلمه وحليته وترحم عليه، وكذلك زياراته لعنيزة في فترة وجود العلامة الشيخ محمد العثيمين، وكان يحضر صلاة الجمعة معه إذا توافق ذلك، كما زار علماء الأحساء؛ حيث مر على مشايخها من آل ملا، والعفالق، والمبارك، والسماعيل وغيرهم... وزياراته لعلماء الشام كذلك.

سعيه لفعل الخير ونفع المحتاجين

     كان الشيخ أحمد -رحمه الله- قبل أن يقعده المرض- من الذين يسعون في قضاء حاجات المعوزين؛ فكان يوزع عليهم الزكوات والصدقات، ويتنقل بنفسه من مكان إلى مكان ليضمن تسلیم الزكوات إلى أهلها، وقد أمنه أهل الزكاة؛ فكانوا يسلمونه جزءا من زكواتهم ليوزعها بمعرفته على مستحقيها، فكان يوزعها بأمانه ودقة.

وفاته

     وبعد أن ركبت له بطارية للقلب خرج من المستشفى بعد ثلاثة أسابيع، وكان قد شفي مما أجلسه في المستشفى وفي صباح يوم الأربعاء سنة 1430هـ الموافق لـ4 مارس 2009م خرج من المستشفى كعادته ماشيا، وبعد أن وصل إلى البيت اخذ في الاغتسال من آثار المستشفى، وبعدها توفي -رحمه الله-، وكان خبر وفاته فاجعة لأهله وأقاربه وأحبابه وطلبته القريب منهم والبعيد، فرحم الله الشيخ أحمد الغنام وأسكنه أعلى فراديس الجنان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك