رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: القاهرة: د. أحمد عبدالحميد 7 يوليو، 2015 0 تعليق

الشيخ أحمد فريد للفرقان: شهر رمضان فرصة لتقارب الصفوف وسد الخلل والتناصح والتواد ونبذ الفرقة والخلاف

شهر رمضان شهر العبادات كلها وأنا أشبهه بمركز تدريب يفتح أبوابه شهراً واحداً في السنة

أهل الإيمان لا يزدادون بطول عمرهم إلا خيراً، وكل يوم يعيشه المؤمن فهو غنيمة

 

في حوارنا مع الشيخ أحمد فريد الدعاء للمسلمين المنكوبين في بلاد الشام والعراق واليمن، كما تحدث معنا عن ذكرياته في هذا الشهر الكريم وكيف كانوا يستقبلون الشهر بالحفاوة والفرح!! وكيف أن الشهر بالنسبة لهم شهر للتدريب والعبادة ومدرسة للتقوى!! كذلك حدثنا عن تجربته في سجن وادي النطرون، ولم ينس الشيخ الشباب بنصائحه المخلصة في كيفية الاستفادة من هذا الشهر الكريم وحثهم على أهمية الدعوة إلى الله -عز وجل- وأهمية الموازنة بين أبواب الخير فيه حتى ينهل منها جميعًا، كما عاب الشيخ كثرة الملهيات في وسائل الإعلام من مسلسلات وغيرها، وأخيرًا دعا الشيخ إلى استغلال هذا الشهر في تقارب الصفوف ولم الشمل في مصر وفي باقي بلدان المنطقة فإلى الحوار:

 

-  بداية جزاكم الله خيرًا شيخنا الكريم على إتاحة الفرصة لنا بإجراء هذا الحوار مع فضيلتكم مع ما نعلمه من مشاغلكم الدعوية الكثيرة.

- فمرحباً بكم في شهر رمضان شهر البركات والخيرات، وأسأل الله أن يجعله شهر خير وعز ونصر وبركة على المسلمين جميعًا، وأسأل الله -تعالى- ألا ينسلخ هذا الشهر الكريم إلا والأمة الإسلامية ترفل في أثواب العزة والكرامة، وقد عودنا الله -عز وجل بفضله وكرمه- على الانتصارات في هذا الشهر؛ فنسأل الله تعالى أن ينصر المسلمين في الشام والعراق واليمن، وأن يفرج كرب المكروبين، ويفك أسر المأسورين، وأن يرحم أموات المسلمين، وأن يشفي مرضاهم برحمته أرحم الراحمين.

-  فضيلة الشيخ، دعنا نعد بالذاكرة إلى الوراء، ما ذكرياتك مع رمضان في فترة المراهقة والشباب؟

- انطبع في أذهاننا في سنوات المراهقة والشباب شهر رمضان بالبهجة والفرح، وكنا نستشعر بمجرد ظهور الهلال تغيراً مفاجئاً في الجو وكأننا نسمع أبواب الجنة وهي تفتح وأبواب النار وهي تغلق، وقد تعود كثير من المسلمين على إظهار فرحهم بالشهر الكريم بوسائل مختلفة تعبيراً عن فرحهم بقدوم الشهر وليس بقصد التقرب إلى الله بهذا الأمور.

- ما أبرز الملامح الرمضانية التي أثرت في شخصيتكم؟

- شهر رمضان هو شهر العبادات كلها وأنا أشبهه بمركز تدريب يفتح أبوابه شهراً واحداً في السنة، يستقبل الرجال والنساء والصغار والكبار والأحرار والعبيد، للتدرب على أخلاق الصالحين والمتقين؛ فالصيام مدرسة التقوى كما قال الله عز و جل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(البقرة: 183)، وهو شهر القيام؛ والقيام دأب الصالحين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم)، وهو شهر إطعام الطعام وهو من أسباب الرحمات، وهو كذلك شهر القرآن والرفعة في الدرجات.

- وما أكثر رمضان ترك علامة مؤثرة في حياتك؟

- لا شك أن رمضان كل سنة يترك علامة وأثراً في قلب المؤمن، فهو يزداد به لله حباً وقرباً، ولعل السنة التي مرت عليَّ في رمضان وأنا في سجن استقبال وادي النطرون كانت أكثرهم أثراً، وقد خرجت بحمد الله من السجن وقتها يوم 25 رمضان.

-  كيف تجد الفارق بين رمضان هذه الأيام ورمضان قديماً؟

- أهل الإيمان لا يزدادون بطول عمرهم إلا خيراً، وكل يوم يعيشه المؤمن فهو غنيمة، فأرى الناس والحمد لله أكثر إقبالاً على صلاة التراويح، وكذا انتشار موائد الرحمن في كل مكان لتفطير الصائمين، فضلا عن الشباب الذين يحملون بأيديهم تمراً وماء بارداً يسقون عابري السبيل ممن حرموا من إدراك الإفطار في بيوتهم، وكذلك إقبال المسلمين على العمرة في رمضان، كل ذلك لم يكن موجوداً أو منتشراً في القديم.

- ما أهم النصائح التي توجهها للشباب لاغتنام أيام رمضان؟

- أقول للشباب خاصة، وللمسلمين عامة؛ إن شهر رمضان وإن كان ثلاثين يوماً أو تسعة وعشرين يوماً؛ إلا أن الله -عزوجل- وصفه بقوله أياماً معدودات، إشارة إلى أنه يمر سريعاً، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر، فينبغي على المسلمين اغتنام هذه الفرصة فلعلهم لا يدركون يوماً آخر من أيام المغفرة والرحمة، فالموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل.

- يكثر الشباب من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ولاسيما (الفيسبوك) و(الواتس أب) فهل من نصيحة لهم في رمضان؟

- لا شك في أن مواقع التواصل الاجتماعي يكون فيها منافع أحياناً، ولكن أغلبها ليس فيها نفع، وقد يكون فيه إثم، وتضييع للوقت أحياناً كثيرة، والمسلم في رمضان مشغول بالقيام والصيام وتلاوة القرآن، فليس عنده وقت للتسلية وتزجية الأوقات والسمر أمام هذه المواقع.

- ما أهم الكتب التي تنصحون بقراءتها لتعلم كيفية الاستفادة من رمضان؟

- أوصي أولا بتلاوة القرآن؛ فقد كان علماء السلف إذا دخل رمضان تركوا الحديث ومجالس العلم، وأقبلوا على قراءة القرآن من المصحف، ولكن لا بأس ببعض دروس الرقائق ولاسيما خلال ركعات التراويح والاستفادة من كتب ابن القيم وابن رجب ومن يبسط هذه الكتب ويهذبها.

- كيف ترى دور الدعاة والمصلحين في استغلال شهر رمضان؟

- كثير من الشباب يبدأ طريق التوبة من رمضان؛ فعلى الدعاة التعرف على الشباب الجدد بالمسجد ودعوتهم إليه وإهداؤهم بعض الكتب والأشرطة النافعة، وضمهم إلى صفوف التائبين، وكما أشرت فلا بأس من بعض دروس الرقائق ولاسيما خلال الاستراحة بين الصلوات.

- كيف يوازن الإنسان بين أبواب الخير الكثيرة المفتوحة في رمضان؟

- أبواب الخير مفتوحة في رمضان، فمن كان من أهل السعة فليكثر من الصدقات، وإطعام الطعام والعمرة، وهناك أعمال يشترك فيها الناس على السواء الغني والفقير، كالقيام وتلاوة القرآن والصيام وغيرها من أبواب البر التي ييسرها الله لعباده في هذه الأيام المباركة.

- في هذه الأيام تزداد الوجبات الإعلامية الهدامة في وسائل الإعلام، فما نصيحتك للمسلمين بهذا الخصوص؟

- وسائل الإعلام العلمانية تحاول سرقة أوقات المسلمين وقطع الطريق إلى الله بالمسلسلات والأفلام والفوازير والملهيات المختلفة؛ فمن يحرص على نجاته وفوزه ألا ينشغل بذلك عن أوراده وطاعته وسيره إلى الله عز وجل.

- يأتي رمضان هذا العام وقد انضمت اليمن إلى قائمة الدول العربية والإسلامية التي تعاني الاقتتال والتشريد، فكيف ترى دور الدول العربية والسنية في التعامل مع هذه القضية وغيرها كالحال في سوريا وليبيا؟

- جراح المسلمين كثيرة في سوريا والعراق وليبيا وغيرها، وانضمت إليهم مؤخراً اليمن بتسلط الحوثيين عليها، وقد وقفت الدول الإسلامية والعربية كالسعودية والكويت ومصر وغيرها وقفة موفقة بعاصفة الحزم، فنسأل الله أن يحفظ بلاد المسلمين وأن يجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن.

- رسالة توجهونها إلى مسلمي بورما الذين يعانون من المذابح والتهجير القسري؟

- لا شك أن قلوبنا تنفطر أسى وحزناً على إخواننا في بورما لتسلط البوذيين عليهم بالاضطهاد وحرق بيوتهم وأموالهم وزروعهم، بل وبحرقهم وحرق أبنائهم أحياء فيجب على المسلمين نصرتهم والتحرك لنجدتهم وعدم انتظار تحرك دول الكفر لنصرتهم، فهم لا يتحركون إلا لما فيه مصلحة لهم لكن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، فنسأل الله أن يربط على قلوبهم، وأن يستر عورتهم، وأن يجبر كسرها، وأن يلهمهم الصبر، وأن يهدي حكام المسلمين ودولهم إلى التحرك لنجدتهم.

- كيف ترى تأثير الخلافات السياسية بين المصريين على علاقاتهم الاجتماعية؟ وهل لرمضان دور في معالجة هذه الخلافات؟

- المسائل السياسية مسائل اجتهادية تتوقف على حساب المصالح والمفاسد والموازانات الشرعية، فينبغي على كل طرف أن يعذر مخالفه، ويقدر اجتهاده، ونسأل الله أن يكون رمضان فرصة لتقارب الصفوف وسد الخلل والتقارب والتناصح والتواد ونبذ الفرقة والخلاف، ونسأل الله أن يقدر لنا الخير حيث كان.

- نصيحة جامعة توجهونها إلى المسلمين في هذا الموسم المبارك.

- شهر رمضان فرصة ذهبية لمغفرة السيئات وتكفيرها واكتساب الحسنات والتخلق بأخلاق الصالحين والوصول إلى منازل المتقين، ونحن لا نضمن أن ندرك شهر رمضان مرة أخرى؛ فالعاقل عليه أن ينتهز الفرصة ويتعرض لنفحات -رحمة الله- ونسأل الله أن يتوب علينا، وأن يغفر لنا تقصيرنا، وأن يوفقنا إلى الخير والبر ما يرضيه عنا إنه جواد كريم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك