رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 3 أكتوبر، 2011 0 تعليق

الشهـــوات

 

- كما ينبغي على العبد أن يتخذ أسباب الهداية يجب عليه اجتناب أسباب الغواية...

- وما أسباب الغواية؟

- ترجع كلها إلى أصلين.. الشبهات.. والشهوات.

كنت وصاحبي نتمشى على رمال الشاطئ عصر الجمعة.. وقد بدأ الجو يعتدل ولاسيما قرب البحر.

- أليس الصالحون في مأمن من الشهوات؟

- كلا، لا أحد في مأمن إن لم يتخذ الأسباب؛ وذلك أن الشهوات لا حدود لها.. كما قال الله تعالى، مخبرا عن إبليس: {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين} (الأعراف: 17).

- وكيف يتخذ المرء الأسباب للأمان من الشهوات؟!

- لقد ذكر الله تعالى ورسوله [ حقائق عن الشهوات.. ينبغي أن تكون نصب عين كل عاقل:

- الأولى: الشيطان يزين القبيح.. حتى يجعل أبشع الجرائم مقبولة عند المجرم، {أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم} (محمد: 14).

- الثانية: الشهوة لا تنتهي مع ضعف القدرة على التمتع بها، فالإنسان كلما تقدم في العمر قلت دوافعه الشهوانية، ولكن تبقى رغباته.. كما أخبر الرسول [: «يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنان: حب المال، وحب الدنيا».. مسلم، وفي البخاري: من حديث أنس بن مالك.. أن رسول الله [ قال: «وأن لابن آدم واديا من ذهب لأحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على مَن تاب»، فالذي تتبّع شهوة المال، يبقى كذلك حتى نهاية عمره؛ وكذلك جميع الشهوات، تزداد وتملأ قلب الإنسان حتى إذا جاءه الموت يريد أن ينطق بالشهادة ينطق بما كان مشغولا به في دنياه.. من غناء، أو خمر، أو نساء، أو مال، نسأل الله العافية.

- وما الثالثة؟!

- الثالثة: أن طريق الشهوات مآله النار، ولذة الشهوة مؤقتة مهما طالت، «حُفّت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات» متفق عليه.

      وما ذكر الله الزينة في كتابه إلا مبينا موقعها الذي يجب أن تكون فيه عند المؤمن: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا} (الكهف: 46). وهذه الشهوة خاصة - أعني المال والبنين - حذر الله منها في أكثر من موضع في كتابه العزيز: {ياأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون} (المنافقون: 9)، وقوله عز وجل: {إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم} (التغابن: 15)، فلا بأس من التمتع بهذه الزينة الحلال، ولكن لا ننسى أن ما عند الله خير وأبقى فتشغل بهذه الزائلة عن تلك الباقية.

      وفي آية الزينة والشهوات من سورة آل عمران: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب} (آل عمران: 14) قال عمر ]: «اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينته لنا.. اللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه» وبالطبع لا تخفى عليك حكمة هذه الزينة في الحياة الدنيا.

- تابع: وأخبرني عن الحكمة؟!

- قال الله تعالى: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا} (الكهف: 7) والآية بعدها: {وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا}, فالحياة حتى تستقيم.. حبّب الله هذه الأمور إلى الناس, ولكن حذرهم من الانجراف فيها, بل يتمتع بها وفق ما يحتاج دون تقديمها على الآخرة, {والله عنده حسن المآب}.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك