الشكور الحليم
- علمنا أن (الشكر) في حق الله -عز وجل- هو مجازاة عبادة الكثير على القليل من أعمالهم وطاعتهم، وتوفيقه -سبحانه وتعالى- عباده إلى الطاعة بمجرد الإقبال عليها بصدق، فمن أسمائه الحسنى -عز وجل- (الشاكر)، وماذا عن (الشكور). هل هو من الأسماء الحسنى؟
كان زوج ابنتي يعلق على إحدى مقالاتي في اجتماعنا الأسبوعي الذي يمتد من بعد صلاة الجمعة إلى العاشرة ليلاً في برنامج مفتوح لا التزام فيه بشيء إلا أوقات الصلاة.
- نعم (الشكور) من أسماء الله الحسنى، ورد في كتاب الله -عز وجل- ثلاث مرات، مرتين مع (الغفور) أتى بعده (غفور شكور)، ومرة واحدة مع (الحليم) أتى قبله.
{إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (التغابن: 17).
- والفرق بين (الشاكر) و(الشكور)؟
- لو كنت صبرت ثانيتين لأتاك الجواب.
- ألا تقولون دائما: إنني (العجول) و(السبوق).
قالها مازحاً.
- علمنا أن (الشكر) عرفان الإحسان والإقرار بالفضل للآخر، وفي حق الله الجزاء الجزيل على العمل القليل.
و(الشكور) صيغة مبالغة من (الشكر) وأبلغ من (الشاكر)، ولو تدبرنا الآية التي ورد فيها اسم (الشكور) لوجدنا أنها آية الإنفاق في سبيل الله ووصفه الله بـ(القرض) لله سبحانه وتعالى، ونعلم جميعاً أن ميزان الحسنة أن الحسنة بعشر أمثالها، وجزاء الإنفاق الحسنة بسبعمئة ضعف.
{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(البقرة: 261)، فناسب أن تختم آية الإنفاق بـ(الشكور)، وآية الطواف بـ(الشاكر).
- وماذا عن اقتران (الشكور) بـ(الحليم)؟
- آية الإنفاق هذه جاءت بعد آيات أن من الأزواج والأولاد عدو للإنسان، وأنهم فتنة، وهنا يرشد الله إلى بعض نواحي إصلاح الأسرة بأن يتخلق العبد بـ(الشكر والحلم) فيقبل الطيب من الزوجة والأولاد ويجازى عليه بأكثر منه، و(يحلم) عن الإساءة ولا يعاجل المسيء بالعقوبة، فتستقيم الحياة على أحسن حال، وكذلك أن الله يجزى المحسن بأضعاف ما أنفق، و(يحلم) على البخيل والمقتر والمقصر في قضية الإنفاق حتى يرجع إلى الله، ولا يعاجله بالعقوبة بأن يمنعه الرزق والخير لمجرد تقصيره.
والله أعلم.
لاتوجد تعليقات