رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 19 مارس، 2012 0 تعليق

الشعب يقرر من يحكمه ويجب على الجميع أن يحترموه- الشيخ محمد حسان: العلماء أساس نهضة الأمة، وعليهم ألا ينفصلوا عن واقع أمتهم وألا يقتصر دورهم على التنظير

 

الأمة متلهفة لسماع كلمة العلماء الربانيين والدعاة الصادقين الذين يشخصون الداء بدقة وأمانة، ويحددون الدواء من القرآن والسنة

كل همي أن أظل داعيًا إلى الله، فأنا رجل دعوة ولست رجل دولة، وسأظل خادمًا لدين الله ثم لشعب مصر حتى ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحوض إن شاء الله

كان للعلماء دور بارز وفاعل في بناء نهضة الأمة عبر تاريخها الطويل، وكان لهم دورهم العظيم في قيادة مسيرتها نحو الرقي والتقدم، ولا شك أن العلماء متى تأخروا تقدم غيرهم ممن ليس أهلاً لسدِّ مكانهم، والمراد من العالم أن يقوم بما يستطيع، وهو معذورٌ فيما لا يحسن، وعليه السعي لإصلاح واقع الأمة بكل مجالات ذلك الواقع واتجاهاته.

وبقدر معرفة هذا الدور وحاجة الأمة إليه يتبين حقاً خطر غيابه أو تغييبه، وهذا ما فعلته الأنظمة السابقة حيث عطلوا دور العلماء ومنعوهم من أن يكونوا فاعلين في بناء مجتمعاتهم ونهضتها، وقصروا دورهم على الجانب الوعظي والدعوي فقط. من هنا كان على العلماء أن يقوموا بهذا الدور على أكمل وجه، وأن يتولوا زمام المبادرة بأنفسهم، وأن يكونوا قريبين من الناس قبل الفتن وفي أثنائها وبعدها، وألا ينتظروا أن تأتيهم الفرص وهم قاعدون، وهذا ما فعله الشيخ محمد حسان حفظه الله، حين أطلق مبادرته الرائدة التي حملت اسم: (المعونة المصرية) للاستغناء تمامًا عن المعونة الأمريكية، وقد أذهلت هذه المبادرة كثيرا من المراقبين والمحللين في الداخل والخارج، وأحدثت حراكًا كبيرًا في الأوساط السياسية والشعبية.

ونحن لسنا بصدد مناقشة المبادرة وردود الفعل حولها، إلا أننا نتوقف أمام دور العلماء في مثل هذه المواقف وفي مثل هذه الأزمات التي تمر بالأمة، وهل من الطبيعي أن يكون للعلماء دور في هذا الشأن أم لا؛ لذلك كان هذا سؤالي الأول لفضيلة الشيخ محمد حسان حفظه الله حينما التقيته على هامش مؤتمر الأئمة والخطباء الذي عقدته وزارة الأوقاف الكويتية قبل فترة.

 

- فضيلة الشيخ، انطلاقًا من مبادرتكم التي أحدثت مفاجأة في الشارع، ما الدور الواجب على العلماء في بناء نهضة الأمة واستعادة مكانتها من جديد ولاسيما أن هذا الدور غيب كثيرًا في ظل الأنظمة السابقة؟

- الأصل أن يكون العلماء أساس نهضة هذه الأمة، فالأصل في العلماء أنهم لا ينفصلون ولا ينفصمون أبدًا عن واقع أمتهم، بل يجب أن يكونوا مؤثرين متأثرين بواقعهم، ولا يجوز أبدًا للعلماء والدعاة أن يكونوا بطرحهم العلمي في جانب وأن تكون الأمة بمشكلاتها وأزماتها في جانب آخر، ومع كل أزمة على كثرة الأزمات التي تتعرض لها بلادنا يسمع الناس المحللين السياسيين والعسكريين والاستراتيجيين، لكن تبقى الأمة متلهفة لسماع كلمة العلماء الربانيين والدعاة الصادقين الذين يشخصون الداء بدقة وأمانة، ويحددون الدواء من القرآن والسنة بدقة وأمانة، فدور العلماء عظيم كبير، وهم الأصل، فهم المذكورون في قول الله تعالى: {يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}، فأولو الأمر كما قال جماهير أهل العلم: العلماء والأمراء، فيجب على الأمة أن ترجع للعلماء في كل محنة وكل أزمة، ولا يجوز أبدًا أن ينعزل العلماء عن واقع أمتهم، بل يجب عليهم أن يكونوا معهم، وألا يقتصر دورهم على التنظير فحسب، بل يدعون بأقوالهم وأفعالهم وأيضًا بأعمالهم، فكل داع إلى الله يستطيع أن يقدم لأمته خيرًا في أي مجال من مجالات الحياة فلا يجوز أبدًا أن يتردد، فالعلماء يستطيعون بفضل الله أن يصلحوا بين الناس بعد أن يؤصلوا لهم الحق ويعلموهم القرآن والسنة، يستطيعون أن يحسنوا إلى الفقراء وأن يجمعوا من الأغنياء للفقراء، يستطيعون بفضل الله سبحانه وتعالى أن يصححوا أخلاقيات المجتمع، فكل هذا يدر على الأمة خيرًا كثيرًا في الدنيا والآخرة، حتى في الاقتصاد لو صلحت أمتنا لصلحت الدنيا كلها، وما فسدت السياسة، وما فسد الإعلام، وما فسد التعليم، وما فسدت الصحة، وما انحل الأمن وفسد إلا بسبب فساد الأخلاق، وهذا دور العلماء أسأل الله أن يعينهم على هذه الأمانة.

- كيف يمكن للعلماء أن يكون لهم دور في إعادة مصر لـمكانتها الطبيعية في قيادة العالـمين العربي والإسلامي، وكيف يقوم العلماء بهذا الدور؟

-  كما قلت فإن دور العلماء مهم في ريادة الأمة وفي قيادة الأمة؛ لأن الأمة أمة ذات هوية، والأمة تتأثر كثيرًا بعلمائها، وتصدر عن آرائهم وأقوالهم وعن فتاويهم، فتوجيهات العلماء تكون مقومةً لما اعوج من حال الأمة، ململمةً لما تبعثر منها، موجهةً لها إلى حيث تعظم الحاجة، وهذا يجعل الأمانة عليهم ثقيلة ويجعل الحمل عليهم كبيرًا، والمهمة الملقاة على عاتقهم عظيمة، وأنا أتصور أن عالما صادقًا لا يذوق طعم الراحة الآن، بل يتحرك من مكان إلى مكان، ومن مجلس إلى آخر، ومن فضائية إلى أخرى، يبلغ عن الله وعن رسوله، وهذه وظيفته.

         وعلى العالم أن يجتهد ما استطاع في إطفاء نار الفتن، ونار الفتن التي تريد أن تدمر بلادنا كثيرة، وحجم الخيانة كبير، ولا يستطيع أن يخمد هذه النيران إلا العلماء بعد فضل الله سبحانه وتعالى، فعليهم أن يحملوا الأمانة وأن يتحركوا، وأنا دائما أقول:

ومن يثني الأصاغر عن مراد

                                   إذا جلس الأكابر في الزوايا

        وأخيرًا على أهل العلم أن يتعدى دورهم حال النوازل والفتن أكثر من مجرد إصدار بيان - مع أهمية البيان للأمة - إلى اقتراح المشاريع والبرامج العملية التي يرونها كفيلة بمعالجة النازلة أو احتواء آثارها، وإخراج الأمة من أزمتها، والمشاركة في تلك البرامج والمشاريع، ومراقبة خط سير الأمة على المنهج الأقوم، حتى لا تدفع النوازل والفتن الطارئة إلى خروج الأمة عن الصراط المستقيم، فضلاً عن الاستعداد لكل منافق وعميل قد يطل بقرنه أثناء النازلة.

- ما رؤيتكم المستقبلية لاتجاه الأحداث في مصر، وكيف سيكون مستقبل هذا البلد في ظل هذا الحجم الهائل من المؤامرات التي ذكرتم؟

- أنا أطمئنك وأطمئن الجميع بقول الله عز وجل: {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}، وبقوله عز وجل: {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}، فإذا كان عند الله مكتوبا فلا تخاف؛ لأنه لا يقع شيء في كونه إلا بإرادته وبأمره، وتحت سمعه وبصره، فالأمر أمره، والملك ملكه، والتدبير تدبيره، ومصر إلى خير إن شاء الله؛ لأنها محفوظة بحفظ الله لها، ثم بفضل أهلها وشعبها الطيب الصابر العبقري الذكي، فإن شاء الله مصر إلى خير وأسأل الله أن يجعل ذلك قريبًا.

- حينما سئل الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق عمن يصلح لرئاسة مصر ذكركم - حفظكم الله – وقال: وإن كنت أضن به لمكانته العلمية،  فما قولكم على هذا؟

- لست أهلاً لذلك، ولا أقول ذلك على سبيل التواضع أسأل الله تبارك وتعالى أن يجنبنا الفتن، وأنا كل همي أن أظل داعيًا إلى الله سبحانه وتعالى، فأنا رجل دعوة ولست رجل دولة، وسأظل خادمًا لدين الله ثم لشعب مصر حتى ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحوض إن شاء الله.

- ما رؤيتك لمن يصلح لقيادة مصر؟

- ستسمع قريبًا إن شاء الله رأينا في ذلك.

- وما رأيكم في شخصية المرشح القادم، هل تفضل أن يكون إسلاميًا أم كما يقال توافقيًا؟

- نحن نرفض مسألة التوافقية هذه، وشعب مصر شعب عبقري ناضج لا يجوز لأي أحد مهما كان وزنه أن يحكم عليه بعدم النضج، هذا سوء أدب مع هذا الشعب، ويجب على الجميع أن يحترموا اختياره، وأن يتركوا هذا الشعب يقرر من يحكمه، وأملنا في الله ثم في شعب مصر ألا يقدم إلا الأكفأ والأصلح، لا يقدم إلا القوي الأمين، إلا الحفيظ العليم، فمصر إن شاء الله مليئة بأهل الخير ولن يضيعها ربنا سبحانه وتعالى.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك