رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: عبدالوهاب السنين 17 نوفمبر، 2018 0 تعليق

الشخصية المزاجية.. السمات والعلاج

رسالتنا اليوم عن مرض أصاب كثيرا من الناس؛ بسبب ضغوط الحياة ووتيرتها المتسارعة، وهو: (سرعة الغضب والشدة والحدة) أو: (التقلب في الآراء والمواقف)، ويطلق عليه بعض الناس: (الشخص المزاجي)؛ فدعونا نبحر ونخوض ونتعمق في أعماق تلك المزاجية لكي نتعرف عليها، ونتعرف على صفاتها، ونعرف أسبابها، ونتعرف أيضا كيفية التعامل مع تلك المزاجية.

 

     وعندما يقال ذاك إنسان مزاجي يعني أن ذاك إنسان متقلب، ليس له رأي ثابت وليس له موقف ثابت وليس له صفة ثابتة وشخصيته دائما متقلبة، إذا أحب يحب بشدة، وإذا كره يكره بشدة، يوما تجده مخلصًا في عمله، ويوما تجده غير مبال، حسّاس جدًا كثير الشك بمن حوله، أحيانا يكون سعيدا وفرحا ومبتسما، وفجأة يتحول إلى إنسان حزين مكتئب، أحيانا تجده متفائلا وعنده أمل، وأحيانا تجده متشائما يائسا.

سمات الشخص المزاجي

ولا شك أن المزاجية لها أعراض وسمات كثيرة، من أهمها «سرعة الغضب والانفعال»، و«ضيق الصدر».

الانفعال السريع

     أولًا: «الانفعال السريع» يعني أن الإنسان ينفعل ولا يتريث، ولا يستقبل الأمور بشيء من العقل والإدراك، وتجده غير قادر على فهم الآخرين، وهذا عرض تجده في هؤلاء الذي أُصيبوا بهذا المرض.

الاندفاع بالمواقف

     كذلك يأتي بعده مباشرة: «الاندفاع وعدم التريث» وربما يكون هذا الاندفاع اندفاعاً زائداً عن الحد، وقد يؤدي إلى أضرار كثيرة جدًا، تنعكس على هذا الإنسان المزاجي، أو على غيره ممن يحيط به.

عدم الاعتراف بالخطأ

     كذلك من الأعراض التي يتصف بها الشخص المزاجي: «عدم الاعتراف بالخطأ» أو التراجع عن الفشل، يعني: إذا أخطأ هذا الإنسان أو لم يكن موفقًا في عمل من الأعمال لا يتراجع، يُصر على ما هو عليه.

الحدة في الخصومة

     ومن الأعراض كذلك: «الحدة في الخصومة» وربما يؤدي ذلك به كما جاء في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى «الفجور في الخصومة» وهذه صفة من صفات المنافقين؛ ففي حدته وشدته مع الخصوم، ربما يتطور الأمر حتى يُصبح فجورًا والعياذ بالله.

غير مدرك لتصرفاته

     يشبّه الخبراء أصحاب الشخصية المزاجية بالعاصفة التي متى هبّت تقلع كل شيء، من دون أن تنظر إلى الخلف، ومن دون أن تنتبه إلى نتائج أفعالها وأقوالها.

التردد وعدم الثبات

     كذلك تكون الشخصية المزاجية متقلّبة في أفكارها وسلوكها؛ فتقبل بعض الأمور حيناً وترفضها حيناً آخر، ونلاحظ أن الشخصية المزاجية لا تحسن اتخاذ قرار واحد والثبات عليه؛ لذلك فإنها قد تقرّر شراء سيارة لكنها بعد فترة تبدّل رأيها.

علاج الشخصية المزاجية

     عندما نتكلم عن الحلول، والعلاج لهذا المرض، علينا أن نعرف أولًا: أن المزاجية جاءت من الشيء الممزوج - يعني: المخلوط-، من الغث والسمين؛ فهذا الإنسان قد يجمع بين الصلاح والفساد، وهنا لابد من التبين ولابد من التثبت أي الأمور صواب وأيخا خطأ؟ ماذا يدور في ذهن هذا الإنسان؟ ماذا جمع هذا الرجل في ذهنه، هذا المصاب بهذا المرض؟ وهنا نقول: لابد من تصفية المختلط من هذه الأمور؛ بحيث يبقى له النافع، ويبقى له المفيد، هذا يؤدي إلى تعديل مزاج هذا الإنسان.

تصفية الأمور المختلطة

     هنا حين نتكلم عن مسألة: «الأمور المختلطة» لا شك فإن موقف علي بن أبي طالب -رضي الله عنه وأرضاه- حين يُعلِّم هذا الإنسان الذي اختلطت عليه الأمور، حين جاءه وقال له هذا الرجل: أنت تقول كذا وكذا، وفلان يقول: كذا وكذا؛ فقال علي بن أبي طالب: ويحك! أتعرف الحق بالرجال؟! اعرف الحق تعرف أهله، يعني: هذا الخلط يجب أن يزول، ويجب أن ينزاح من هذا المريض، المصاب بمرض اختلاط الأمور.

إذًا: أول طريقة نسعى إليها لنتخلص من هذا المرض هو: «التخلص من الأخلاط الموجودة في ذهن المُصاب بهذا المرض».

توطين النفس على الصبر

     الخطوة الثانية ضرورة تعليم هذا الإنسان أن يوطن نفسه على الصبر وعلى الحكمة وعلى التريث، وهذه أخلاق عظيمة، يعني: كما جاء في القرآن الكريم: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} سورة العصر.

     يجب أن يتعلم الإنسان كيف يصبر؟ كيف يتحمل الآخرين؟ كيف يكون ثابتًا في المواقف؟ هذه الصفات مهمة، الإنسان إذا سلك هذا المسلك وتعلم هذا الطريق سيتدبر ويتفكر حين يستقبل أي أمر من الأمور، وإلا لن يستطيع أن يتعامل مع الأحداث التي يكون فيها انفعال، أو يكون فيها شيء من المؤثرات الشديدة على هذا الرجل؛ ولهذا يجب أن نتواصى بالصبر، ونتواصى بالحلم، ونتواصى كذلك بالتريث... إلخ.

مواقف النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصبر

     وإذا نظرنا إلى مواقف النبي في قضية الصبر نجدها كثيرة لا تُعد ولا تُحصى، ومنها موقفه مع ذاك الأعرابي الذي جاء للنبي -عليه الصلاة والسلام- فجبذه من خلفه، فأثَّرت هذه الحركة التي قام بها هذا الأعرابي في عنق النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ فالتفت إليه -عليه الصلاة والسلام- وتبَّسَّم ثم قال الأعرابي: «أعطني مما أعطاك الله» وهذه نظرة إنسان بسيط لا ينشد الكثير، ولكن النبي حين قام الرجل بهذا الفعل المخالف للأخلاق والمخالف للسلوك والمخالف حتى لأبسط المبادئ في التعامل، النبي كان صابرًا، وكان متريثًا حتى في ردة فعله، وما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- هو ابتسامة فقط؛ مما يدل على أن الصبر والتريث وعدم الانفعال خلق عظيم يؤدي إلى إزالة هذه الأمراض، ومنها: «مرض المزاجية» كما ذكرنا.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك