السياسة عند السلفيين
إن كلمة السياسة ذكرت في السنة النبوية؛ فقد أخرج البخاري ومسلم بسنديهما إلى أبي هريرة ] رفعه إلى النبي [ قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبيٌّ خلفه نبيٌّ».
ومعنى «تسوسهم» أي: يتولون أمورهم، كما تفعل الأمراء، والولاة بالرعية.
والسياسة هي القيام على الشيء بما يصلحه «شرح مسلم للنووي». والسياسة إن لم ترد في القرآن الكريم بمادتها ولا بمفهومها الحديث فإنها بجوهرها ومعانيها موجودة في القرآن، فلو تدبرنا آيات القرآن وعملنا به لوجدنا أن أمة محمد [ ستحيا من جديد بعد موتها، وتعز بعد هوانها، وتكثر بعد قلتها، وتغنى بعد فقرها، وتستعيد ما كان لها من مجدٍ. فلم يدع القرآن الكريم منهاجاً إلا سلكه ولا غامضاً إلا وضحه.
لو قرأنا التاريخ قراءة سريعة لوجدنا أن خلفاء الإسلام و ملوكه وأمراءه وقادته وضعوا كلام الله وسنة نبيه [ نصب أعينهم، فاستنتجوا منهما قواعد وأسساً عملوا بمقتضاها، واسترشدوا بها، واستضاؤوا بمصابيحها، فوضحت أمامهم السبل فساروا وحلقوا في سماء العلياء. فلنسر إذا أردنا النجاة والحياة على سيرهم ولنقتف أثرهم ولنهتد بهديهم؛ فإذا فعلنا ذلك وقمنا بهذا الواجب المقدس لا نلبث - عشيّةً أو ضحاها - إلا وقد نلنا بغيتنا، فكتاب الله فيه تبيان كلِّ شيء، فيه كل ما يعود على المجتمع البشري بالسعادة في معاشه ومعاده في دنياه وآخرته.
فوظيفة السياسي المفترض أن تكون استصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطريق المنجِّي في العاجل والآجل وتدبير المعاش مع العموم على سنن العدل والاستقامة. ويختصر المقريزي معنى السياسة: «إنها القانون الموضوع لرعاية الآداب، والمصالح، وانتظام الأموال».
فعلى السياسي استصلاح شؤون الناس، فالصلاح والإصلاح ليسا هدفا للسياسة والساسة، وإنما هما معناها وأصلها ولبُّها، والسياسة لم تقتصر في الشرع على نصوص الوحيين الشريفين، بل يدخل فيها كل ما يصلح شؤون الناس، وأخص هاهنا الدستور الكويتي، فالسياسة عند السلفيين اتباع الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة وما جاء في غيرهما ولا يخالفهما وفيه صلاح للأمة أخذوا به، قال ابن عقيل: « السياسة ما كان من الأفعال بحيث يكون الناس معه أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد، وإن لم يشرعه رسول الله [ ولا نزل به وحيٌ».
فالداعية الذي يختار السلك السياسي عليه أن يعلم أن المعترك السياسي مزلة أقدام، وهو مقام ضنك، ومعترك صعب، فقد ضيع بعضهم مبادئه وضيعوا الحقوق من أجل دنيا يصيبونها، أو حكموا عقولهم وتركوا الشريعة فأحدثوا شراً مستطيراً تأثر به الدعاة السياسيون من بعدهم.
تنبيه: إن التصريحات التي أدلى بها ثلة من الأعضاء الغيورين على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يشكرون ويؤجرون - إن شاء الله - عليها أما النواب الآخرون الذين قاموا بشتم الحكومة والتحريض عليها فإن هذا العمل بلا شك مناف لحديث المصطفى محمد [ حيث قال: ((من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه )) أخرجه ابن أبي عاصم وصححه الألباني.
وليعلم الساسة بأنه ما من طريق من الطرق المثبتة للحق إلا في شرع الله تعالى سبيل للدلالة عليها، وهل يظن بالشريعة الكاملة خلاف ذلك؟!
ABUQUTIBA@HOTMAIL.CO
لاتوجد تعليقات