رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 4 يونيو، 2012 0 تعليق

السياسة الشرعية (8) التوظيف لمنع المظالم أو تخفيفها

 

     يعمل الكثير منا في بعض الوظائف، ولكنه قد يرى ظلماً واقعاً على بعض المواطنين, ولا يدري ماذا يفعل ؟ أيقف صامتاً بلا حراك ؟ أم ينصر المظلوم على الظالم ؟ أم يترك العمل هذا ويبحث عن آخر ؟ 

     يجب أن نعلم أمراً مهما وهو أن المُعين على الإثم والعدوان هو من أعان الظالم على ظلمه، أما من أعان المظلوم على تخفيف الظلم عنه فهذا ليس معيناً على الإثم والعدوان.

     فعلى سبيل المثال, شخص يريد أن يعمل في وظيفة ما يتعامل فيها مع جمهور من الناس، فيفعل بعض الأمور تخفيفاً على الناس ـ مع موافقتها لقانون العمل الذي يعمل فيه ـ وأحياناً ينصح زملاءه الموظفين بحسن معاملة هؤلاء الناس، ولا يظلموهم، و لايفضلوا أحداً على أحدٍ لصلة قرابة  أو محسوبية أو  واسطة وما شابه ذلك, وأن يعطوا كل ذي حقٍِ حقه, فهذا في الواقع مصلحة للظالم والمظلوم, فالظالم تُخفِف عنه الإثم, والمظلوم تُخفِف عنه المظلمة, ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : « انصر أخاك ظالما أو مظلوماً» قالوا: يا رسول الله كيف ننصر الظالم ؟ قال: «تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه». رواه البخاري.

     ومن ناحية أخرى يجب على هذا الموظف أن يدفع مظنة السوء عن نفسه, فمن الجائز أن يوجه إليه اللوم لو لم يقل: أنا أعمل من أجل مصلحة المسلمين, فإن لم يسأله أحد فلا يحل لأي شخص أن يقع في عرضه حتى يتبين, فقد يفتري عليه بعضهم أنه يأخذ الرشاوى والإكراميات لكي ييسر عمل هذا أو ذاك, فهذا افتراء على خلق الله بدون بينة واضحة, فهذا الموظف الشريف وضع نفسه في هذا الوضع دفعاً للظلم لا أكثر ولا أقل, إذاً كل إنسان يريد الإصلاح اتهم بقصدٍ سيئ فيقال: لا يريد الإصلاح ! والناس لا يسلم منهم أحداً, وما أكثر المنافقين في هذا الزمان, فإذا جاء رجل من المسلمين بمال كثير في سبيل الله, قالوا: هذا مراءٍ, وآخر جاء بصاع, فقالوا: إن الله غني عن صاعه .. وهكذا, وإذا تأملت الحقيقة لوجدت أن هؤلاء يريدون الخير, ولكن الناس لا يسلم منهم أحد كما قلنا, المهم أصلح أنت ما بينك وبين ربك, يصلح الله لك ما بينك وبين الناس.

     وفي الأحوال التي لا يستطيع الإنسان فيها أن يخفف الظلم في بعض الوظائف, فعليه أن يترك هذا العمل حتى لا يكون مشاركاً في الظلم, ومن قال: لا أجد إلا هذه الوظيفة فإن الرزق على الله تعالى, أما لو قال: لو لم أتوظف فيها لتوظف فيها فاسق فاجر يفسد في الأرض بعد إصلاحها وعلى يده يزيد الظلم على الناس، فلا بأس في ذلك.

فإن أيقنت أنك تستطيع في موقع عملك أن تخفف المظالم عن الناس وتساعدهم فعلاً, فلا تتأخر عن فعل ذلك لما فيه خير لك ولغيرك.

والله الموفق والمستعان.

Abuqutiba@hotmail.com

Teitter @Abuqutibaa

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك