السياسة الشرعية (7)الانتدابات في الوظائف
من الطبيعي أن توفر الحكومة ما عليها من التزامات تجاه المواطنين, من حيث توفير فرص العمل المناسبة لهم, ولا ننسى أن ولي الأمر عليه تولية الأصلح أو اختيار الأمثل فالأمثل بحسب كل وظيفة لديه, فهو يعلم متطلبات تلك الوظيفة وأي تخصص يَصلح له, بل يجب أن تتوافر في هذا الموظف صفتان ضروريتان هما الأمانة والقوة, ولكن هل يتساوى جميع الموظفين في رواتبهم؟ بمعنى أن من قام بعمل شاق يحتاج إلى العمل الكثير في جو غير ملائم كحرارة الجو أو برودته أو مكان يقابله الناس فيه ويؤذونه, أيكون مثل موظف يجلس في المكاتب المكيفة ما عليه إلا أن يكتب ما يوجه إليه؟! الإجابة: بالطبع لا؛ ولذلك على ولي الأمر أو من ينوب عنه من وزراء أو مدراء أو كبراء الموظفين أن يراعوا تلك الظروف وأن تكون رواتب الموظفين على حسب كل وظيفة, وحسب حاجة الناس إليها, وحسب مشقتها للقائم عليها, فالجزاء على قدر المشقة.
هذا ما على الدولة تجاه الموظفين، أما ما على الموظفين فهو ألا يطالبوا ولي الأمر بما لا يستحقونه من زيادة رواتبهم وما إلى ذلك، فإن طالبوه بما لا يستحقونه كانوا كمن قال الله تعالى فيهم: {وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} (التوبة:58).
ومثال حي واضح على طلب الزيادات غير الشرعية أن يطلب الموظف بدل انتداب وهو لم يتجاوز عتبة بابه, فإنه حرام على الموظف طلبه, وحرام على ولي الأمر أن يعطيه ما طلب أيضاً, يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ـ: «هذا حرام عليكم أن تأخذوا ما لا تستحقونه, وحرام على الذين انتدبوكم أو أعطوكم عوض انتداب وأنتم لم تتحركوا، حرام عليهم ذلك وهم في الحقيقة خائنون لأماناتهم».
وهناك صنف من الموظفين يُكتب لهم انتداب عشرين يوماً, وتلك المهمة قد تنتهي في خمسة عشر يوماً فقط, فنراه يبطئ في عمله ويتأخر حتى تنتهي مدة العشرين يوماً الممنوحة له. هذا أيضا لا يجوز.
وقد يدعي من بعثهم أنهم راضون، وهذا غير صحيح؛ لأنك لو رفعت هذا للمسؤولين عنهم ما رضوا بتلك الانتدابات المزيفة, لكن هذه الانتدابات جاءت من المدراء المباشرين.
ولهذا أنصح إخواني وأخواتي في الله ألا يُدخل أحد منهم إلا ما هو حلال متأكد تماماً من عدم حرمته على أهل بيته.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: «لو أمكن أن تُرجع هذا المال الذي أخذته نظير هذا الانتداب المزيف لكي يتبين أن هذا الذي منحك هذا المال أنه ليس بشخص أمين, ولكان خيراً لك وأطيب لأهل بيتك, وإذا لم يمكنك إرجاع هذا المال, فلتجعله في مصالح عامة أو تتصدق به على الفقراء, أو ما شابه ذلك».
والله الموفق والمستعان.
Abuqutiba@hotmail.com
Abuqutibaa@
لاتوجد تعليقات