السياسة الشرعية (5) الـصــــــــــــلاة
أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة الصلاة, فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله, فالصلاة ركن أصيل من أركان الإسلام؛ ولهذا كانت أكثر الأحاديث النبوية الشريفة عن الصلاة، وعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «لتنتقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة». رواه ابن حبان وصححه الألباني.
فإقامة الدين وصلاحه يتوقفان على صلاة العبد وصلاحها وإتمامها, وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميراً على حرب أمّره على الصلاة بأصحابه، فالصلاة فرض على كل مسلم بالغ عاقل لا تسقط عنه أبداً إلا بالموت، فإن كنت لا تستطيع أن تصلي واقفاً فجالساً أو على جنب، وإن نسيت صلاة فصلها حين تتذكرها، وإن كنت مسافراً فجائز لك القصر في الصلاة الرباعية ـ وإن لم تستطع الوضوء لعلة ما, فجائز لك أيضاً التيمم وهكذا, ومن هنا يتضح أن الصلاة لا تسقط عن العبد إلا بموته, عكس الزكاة والصيام والحج فكل هذه تتطلب مقدرة من الفرد على أدائها وإلا سقطت عنه.
كل تلك الرخص قد رخصها الله عز وجل، حتى يستطيع العبد تأدية الصلاة في أي وقت وفى أي مكان، بل كانت آخر ابتسامة للنبي صلى الله عليه وسلم عندما رأى أبا بكر يؤم المسلمين في الصلاة, وكانت آخر كلماتهصلى الله عليه وسلم : «الله الله في الصلاة» أو «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم».
وكذلك عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- يكتب إلى عماله: إن أهم أموركم عندي الصلاة؛ فمن حافظ عليها وحفظها حفظ دينه، ومن ضيعها كان لما سواها من عمله أشد إضاعة.
نعم, هذا لا غبار عليه؛ فإن أكثر الناس من العمال على أمور المسلمين إضاعة لأعمالهم هم الذين يضيعون الصلاة, وكذلك الموظفون المهملون للوظائف التي وكلت إليهم تجدهم ضعفاء في صلاتهم؛ لأن من ضيعها فهو لما سواها أضيع, ولا ننسى أن الصلاة هي الصلة بين العبد وربه, وإذا لم يكن بين الإنسان وبين الله صلة فكيف يحافظ على عمله وصلته بين الناس؟!
قال الحسن البصري كلمات من نور: «من أراد أن يكلمه الله فعليه بالقرآن, ومن أراد أن يكلم الله فعليه بالصلاة».
فالصلاة هي أقوال وأفعال يقوم بها المسلم بهدف التقرب إلى الله عز وجل, بل إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} (العنكبوت:45).
ومن هنا يتضح أن ولاة الأمور عليهم عبء كبير في اختيار من يُسير أمور الناس بأن يكون محافظاً على صلاته؛ لأنه كما قلنا سالفاً إن المؤدي لصلاته تامةً في أوقاتها، فهو محافظ على عمله وعلى حقوق الناس، ومن جانب آخر كيف نعطي أصواتنا لنواب لا يقربون المسجد، إلا من رحم ربي، فكيف له أن يطبق الشريعة الإسلامية؟! وأن تكون تشريعاته وقوانينه التي تصدر منه مطابقة للمصدر الصحيح ألا وهي الشريعة الإسلامية؟! ولكن نحمد الله عز وجل، فقد ظهرت البشرى في مجلسنا الموقر بعد إقراره عقوبة الإعدام بحق كل من يسب الذات الإلهية أو يسب النبي الكريم[ أو زوجاته رضي الله عنهن، عسى أن يوفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.
Abuqutiba@hotmail.com
Abuqutibaa@
لاتوجد تعليقات