رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 23 أبريل، 2012 0 تعليق

السياسة الشرعية (2) استعمال الأصلح من ولاة الأمور

 

       أولاً يجب أن نعلم جيداً أن لفظ ولاة الأمور لا ينطبق على الحكام فقط بل يسري على كل إنسان يرعى مصالح الناس, كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عن رعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُول...» رواه البخاري. فالوزير مسؤول عن وزارته، ونائب البرلمان مسؤول عن دائرته, ومدير المدرسة مسؤول عن مدرسته, والأب مسؤول عن أهل بيته..... وهكذا؛ لذلك يجب على ولي الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك العمل.

        فالولايات تنقسم إلى ولايات عامة, وولايات خاصة, أما الأولى فيجب على ولي الأمر ألا يوظف إلا من هو أصلح لذلك العمل بعينه, فقد يكون الإنسان صالحاً في هذا العمل بعينه وغير صالح في عمل أخر. وكذلك الولايات الخاصة كمدير المدرسة وغيره, حتى في رعاية الإنسان لأهله ؛ إذا أراد أن يوصي على أولاده الصغار يختار من أولاده الأصلح, وليس الكبير لأنه أكبر بل يختار الأصلح, فقد يجد الصغير من الأولاد أصلح ممن هو فوقه, وهذا هو مقتضى الأمانة.

       وعثمان رضي الله عنه لا شك أنه خليفة راشد عين من أقاربه من رأى أنه الأصلح للأمة، وقال فيه ابن عثيمين: إنه أخطأ في اجتهاده، ولا نقول حابى أقاربه. فهو أحد الخلفاء الراشدين ومن الذين شهد لهم الرسول  صلى الله عليه وسلم  بالجنة والذي جهز جيش العسرة، وقال النبي  صلى الله عليه وسلم  : «ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم». رواه أحمد وحسنه الألباني.

فقد يسأل القارئ ويقول: أنا لا أعرف الناس بسيماهم ولا أعرف نواياهم وما في صدورهم, وهل هذا الرجل يصلح لهذا العمل, أم لا؟

- الإجابة: نعم، قد يكون هذا عذراً, ولكن إذا وجدنا أنه غير صالح لهذا العمل وجب على الفور بدون أدنى تفكير ولا تأخير عزله عن منصبه وتولية من هو خير منه وأصلح، ولذلك أنصح نوابنا الكرام أن يؤدي كل واحد منهم ما أوجب الله عليه من ولاية أمور الأمة, فقد أعطاك الناخبون أصواتهم أملاً منهم أن ترعى مصالحهم وتحمل همومهم وأعباءهم, وتشرع لهم قوانين شرعية لازمة لتيسر لهم حياتهم وتحمي حقوقهم, ولا تنصرف إلى أغراضك الدنيوية الزائلة حتماً, أما ما تفعله لخدمة ناخبيك ووطنك ـ الكويت ـ فيمكث في الأرض, وسيظل دائماً حياً ظاهراً، وهذا هو دورك الحقيقي.

       إن دور نائب مجلس الأمة أمانة، واجب عليه الحفاظ عليها وأداؤها على أكمل وجه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: «إذا ضيعت الأمانة، فانتظر الساعة, فقيل: يا رسول الله! وما  إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة» رواه البخاري. فمن لم يكن أهلاً لذلك, فإنه لا يحق له أن يتولى هذه الولاية حتى لو عرضت عليه ولا يقول أجرب نفسي كما يفعله بعض الناس, ومن كان أهلاً لها, ولكن خاف ألا يعدل فإنه لا يجوز أيضاً أن يتولاها.

       وأختم قائلاً: ما من راع يسترعيه الله رعية، ليس المراد هنا الإمام الأعظم أو نائبه أو حتى الوزير وحسب، حتى الرجل في بيته إذا مات وهو غاش لأهله فإن الله يحرم عليه رائحة الجنة كما أخبرنا النبي  صلى الله عليه وسلم  حيث قال: «لاَ يَسْتَرْعِى اللَّهُ عَبْدًا رَعِيَّةً يَمُوتُ حِينَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهَا إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» رواه مسلم.

نسال الله العافية والسلامة.

والله الموفق والمستعان.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك