رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 10 سبتمبر، 2012 0 تعليق

السياسة الشرعية (19)اتـق الـله

       كثير من الناس إذا قيل له: اتق الله، أخذته العزة بالإثم، وربما قال: هل أنا عاص؟ هل أنا مجرم؟ أنت اتق الله! ومن الناس من إذا قيل له: اتق الله، اقشعر جلده وارتعد وسقط ما في يده خوفًا من الله عز وجل، فالثاني من أهل الإيمان والتقوى، أما الأول فمن تأخذه العزة بالإثم والعياذ بالله، أي يعتز بإثمه, ويقول: أنا لم أفعل شيئًا، ماذا فعلت لتقول لي: اتق الله؟ فنقول له بكل بساطة: لست أتقى لله من رسول الله، فقد قال الله له: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} (الأحزاب: 1) وذلك في أول السورة, وقال في أثنائها: {... وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ} (الأحزاب: 37) وقال في آخرها: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} (الأحزاب: 70) وهذا يعم النبي [ أيضا.

       ومَن قيل له: اتق، الله يحسب نفسه أنه فعل خطأ فيقول: لماذا تقول ذلك هنا؟ فالسؤال عن الخطأ الذي فعله, لا بأس به؛ لأنه لم تأخذه العزة بالإثم، وإنما يريد أن يتبين لعله أخطأ وهو لا يدري، وكل إنسان عليه أن يتعلم من أخطائه.

       وفي المعاصي الصغار, يُقال للإنسان: اتق الله، فلو جاء إنسان مثلاً يغتاب إليك شخصا تقول له: اتق الله يا أخي وأعرض عن هذا، وهناك بعض الناس يقولون: اتق الله، في المباحات وفي كلامهم العادي مثل: شرب الشاي أو غير ذلك، فإذا أدى الحال إلى الاستخفاف بها لكثرة تداولها بين الناس, بحيث تقال في مكان ليست محلاً لها فلا تقال.

       ومن أذل نفسه لله فقد أعزها, ومن بذل الحق في نفسه فقد أكرم نفسه؛ فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم، فالعزة ليست بالغنى ولا بالمناصب الرفيعة فمن اغتر بالظلم من منع الحق وفعل الإثم، فقد أذل نفسه وأهانها، قال الله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً} (فاطر: 10).

       ومن هذا المنطلق نقول لنواب الأمة وحكومة الوطن: اتقوا الله فينا، وحاولوا أن تتفقوا على صلاح هذه البلاد التي تحتوينا جميعاً بدلاً من الشقاق والعناد والخلاف, حتى صار الأمر كما قال القائل: إما تغيير الحكومة أو حل البرلمان, وكلاهما مُر, فلما لا تحاولون أن تدعوا هذا الخلاف وتبحثوا عن نقطة تتواصلون فيها؟ ولذلك أقول لنواب الأمة: اتقوا الله فيما تفعلونه داخل هذا الصرح, وكونوا على قدر المسؤولية التي أنتم فيها، اتقوا الله فيما تشرعونه من قوانين, اتقوا الله في حواراتكم ومناقشاتكم داخل المجلس. اتقوا الله في كويتنا الغالية.

       وأقول للوزراء الأفاضل: اتقوا الله في وزاراتكم، ولتخافوا الله ولتعملوا من أجل مصلحة وراحة المواطنين، وليتق الله كل رجل في زوجته وأولاده, وليحسن تعليمهم وتربيتهم على منهج السلف الصالح بعيدًا عن الفتن المنتشرة في كل مكان، وليتق الله كل معلم، طبيب، مهندس، موظف، عامل، خادم  في  وظيفته التي وكل إليها وليعلم  أن الجزاء من جنس العمل.

والله الموفق والمستعان.

Abuqutiba@hotmail.com

Abuqutibaa@

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك