رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 13 أغسطس، 2012 0 تعليق

السياسة الشرعية (17) إن الحكـم إلا لله

       أنزل الله تعالى القرآن من السماوات العلا على قلب النبي  صلى الله عليه وسلم كاملاً شافياً لا نقص فيه ولا تبديل، قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} (المائدة:3). فالدين الإسلامي دين كامل شامل لكل العبادات والمعاملات, وتقف إلى جواره السنة المطهرة فهما المصدران الأساسيان للتشريع الإسلامي, فكيف إذا حدث نزاع أو خلاف لا نرجع ولا نحتكم إلى الكتاب والسنة؟! قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}(النساء:65) قال الإمام ابن القيم: «أقسم تعالى أنّا لا نؤمن حتى نحكِّم رسوله في جميع ما شجر بيننا, وتتسع صدورنا بحكمه  فلا يبقى منها حرج». فلا نحتكم إلى رأي أو هوى أو تشريع وضعي من صنع البشر؛ لأنها تخضع للميول والأهواء فقد أقسم  عز وجل على نفي الإيمان لهؤلاء الذين يقدمون العقل على ما جاء به الرسول  صلى الله عليه وسلم  .

       وهناك صنف آخر هم المنافقون الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر, هؤلاء يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل على النبي  صلى الله عليه وسلم  ويريدون أن يحتكموا إلى الطاغوت ـ أي كل من حكم بغير شرع الله ـ مع العلم أنهم مأمورون بالكفر به, فكيف يجتمع هذا والإيمان ؟! قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً} (النساء:60) فإذا كان الحكم لهم جاؤوا سامعين مطيعين, وإن كان عليهم أعرضوا وأرادوا غير الحق بأن يحتكموا إلى غير ما جاء به الرسول  صلى الله عليه وسلم  ألا وهو الطاغوت, فهؤلاء يسيرون وفق أهوائهم وهذا هو الضلالة وأول الطريق للوهن, وفيه فساد الأمة وضياع الحقوق؛ لأن كل فرد يريد أن يحتكم إلى هواه ورأيه ظالماً كان أم مظلومًا، بل يجب أن يكون ما جاء به الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم  المرجع والقانون الذي نحتكم إليه في الخصومات والمنازعات ونقبل به طواعية دون أدنى حرج, وننقاد إليه مذعنين في الظاهر والباطن, ونسلِّم لذلك الحكم تسليمًا دون أدنى ممانعة أو إعمال لعقولنا، قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ} (النساء:59) أي إلى كتاب الله وسنة رسوله, وهذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء يتنازع فيه الناس من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة, فما حكم به الكتاب والسنة وشهدا له بالصحة فهو الحق, فماذا بعد الحق إلا الضلال؟!

       فإن الإيمان يقتضي الانقياد لشرع الله وتحكيمه في كل أمر من الأمور, فمن زعم أنه مؤمن ويريد أن يحتكم إلى غير شرع الله, فليراجع نفسه فهو كاذب في إيمانه منافق كما أخبرنا المولى عز وجل. قال تعالى: {إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (النساء:59) فالكتاب والسنة ملاذان آمنان لكل من أراد أن يحتكم إليهما، فهما الحل الوحيد لكل نزاع يحدث بين الناس, فهما ثابتان بعيدان كل البعد عن أهواء البشر وميولهم.

والله الموفق والمستعان.

Abuqutiba@hotmail.com

Abuqutibaa@

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك