السياسة الشرعية (16)الاعتصام بالكتاب والسنة
أمر الله تعالى الأمة الإسلامية بتوحيد القلوب والصفوف والاجتماع على كلمة واحدة, ولابد لهذا الاجتماع أن يكون قائماً على الاعتصام بالكتاب والسنة, وفهم سلف الأمة لا على غيره، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ .. } (آل عمران:103).
واعتصموا: أي تمسكوا، وجاء بصيغة الأمر للدلالة على الوجوب والفرضية, وحبل الله: المراد الكتاب والسنة؛ ولذلك وجب على كل مسلم يؤمن بالله ورسوله أن يعتصم بحبل الله وما أجمع عليه سلف الأمة, كذلك من الاعتصام بحبل الله طاعة أولي الأمر- وهم العلماء والأمراء - لأنها توحد الأمة وتلم الشتات وتجمع الأفئدة على قلب رجل واحد؛ لذلك قرنها الله تعالى بطاعته وطاعة نبيه الكريم، فقال تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ منكم} (النساء:59).
هذا وقد وردت الأحاديث المتعددة بالنهي عن التفرق والأمر بالاجتماع والائتلاف, نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «تركتكم على البيضاء, ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك, ومن يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا, فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين, فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ, وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة...» حديث صحيح.
وللأسف الشديد مع علمنا بتلك الأحاديث النبوية الصحيحة، وقع ما لا تحمد عقباه ؛ فقد تشتت الأمة الإسلامية إلى فرق عديدة متناحرة؛ تصديقًا لقوله صلى الله عليه وسلم : «وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلها في النار إلا ملة واحدة» قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: «ما أنا عليه وأصحابي» رواه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني. ولكن منها فرقة ناجية إلى الجنة ومسلّمة من عذاب النار -نسأل الله تعالى أن نكون منهم- وهم الذين على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه, كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فإذا أردنا العزة والكرامة في الدنيا والآخرة والنجاة من عذاب جهنم, فيجب علينا التمسك بكتاب الله تعالى وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فإنهما الحصن الحصين والحرز المتين لمن وفقه الله تعالى لذلك, هذا وإنه من المعلوم أن الفرقة الناجية هي التي تسير وفق منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم المعتصمين المتمسكين بسنته من أمته خير بشارة ألا وهي الفوز بدخول جنة الخلد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى» قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: «من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى» رواه البخاري. ويكون الإباء بالإحداث والابتداع في الدين, ويعد هذا مخالفة جلية لأمره صلى الله عليه وسلم ومخالفة لسنته وهديه، نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لاتباع كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على الوجه الذي يحبه ويرضاه.
والله الموفق والمستعان.
لاتوجد تعليقات