رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 16 يوليو، 2012 0 تعليق

السياسة الشرعية (13) الولايات

 

       لا يستقيم حال البشر إلا بتأمير أمير عليهم يقوم بالحكم والفصل بينهم, وإن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين, بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها؛ فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع، وإذا اجتمعوا لا بد لهم من رأس؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» رواه أبو داود وصححه الألباني، حتى البلاد الكافرة لا بد لهم من أمير عليهم, فلا يمكن أن تستقيم البلاد ولا العباد من دون أمير أو حاكم, ولا يمكن أن تستقيم الأحوال بحاكم لا طاعة له ولا إمرة, ولذلك يُنكر على الذين يخرجون على الحاكم وعدم السمع والطاعة لهم, حتى لو كان الحكام فساقًا فجارًا أو لهم معاصٍِ كبيرة أو ظلم؛ فإن طاعتهم واجبة والخضوع لأوامرهم واجب إلا في شيء واحد ألا وهو أن يأمروا بمعصية الله تعالى, فلا سمع لهم ولا طاعة, وفي غير ذلك توجب طاعتهم وعدم منابذتهم؛ لما يترتب على عكس ذلك من مفاسد عظيمة تحل على البلاد.

       جاء في صحيح مسلم عن يحيى بن حصين قال: سمعت جدتي تحدث أنها سمعت النبي  صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع وهو يقول: «ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا»، وفي رواية للإمام أحمد: «فاسمعوا وأطيعوا ما أقام فيكم كتاب الله»، قال الإمام النووي في شرح الحديث: «قال العلماء: معناه ما داموا متمسكين بالإسلام والدعاء إلى كتاب الله على أي حال كانوا في أنفسهم وأديانهم وأخلاقهم، ولا يشق عليهم العصا بل إذا ظهرت منهم المنكرات وعظوا وذكروا».

       ومن هنا فلابد للناس من أمير أو وزير أو ملك أو رئيس، المهم وجود قائد، حتى لا تنتشر الفوضى ويحدث الاختلاف؛ لأنه لو كان كل إنسان أمير نفسه, لكان كل واحد يريد من الناس أن يتبعوه ويخالفوا غيره, وهذا غير مسلّم ولا ممكن, ولو كان الناس كل على رأيه, لكان هؤلاء يصومون, وهؤلاء يأكلون, وهؤلاء يُعيّدون ... وهكذا.

       ولو كان حاكم له إمرة وقوة ولكن يُتمرد عليه ولا تُطاع أوامره, فلا فائدة, بل هذا شر كبير, فكيف ينفذ حكمه في اثنين اختصما إليه؟! وكيف يقتص من الظالم ويرد إلى المظلوم مظلمته دون طاعة الرعية له وامتثالاً لأوامره؟! فلا يمكن أن تستقيم أحوال الأمة بمثل هذا؛ ولهذا أمر النبي [ بالسمع والطاعة للأمراء وإن ضربوا ظهورنا وأخذوا أموالنا وإن لم يعطونا حقنا؛ فإن الواجب علينا أن نعطيهم حقهم ونسأل الله حقنا.

والله الموفق والمستعان.

والله الموفق والمستعان.

Abuqutiba@hotmail.com

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك