رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 2 يوليو، 2012 0 تعليق

السياسة الشرعية (12) السـيـاحـــة

 

       انقضى العام الدراسي, وحل علينا فصل الصيف، وقد اعتاد الكثيرون منا السفر إلى الخارج بغرض التسلية والتنزه والمرح, وكثيرًا ما نرى في تلك البلاد المنكر واضحًا جليًا أمام أعيننا, فهل هذا يجوز أم لا ؟!

       في الواقع أن الله تعالى خلق اللذات والشهوات في الأصل لتمام مصلحة الخلق, فإنهم بذلك يجلبون ما ينفعهم, وتكون لهم دَفعةً وشحناً للهمم على طاعة الله واتباع أوامره, والابتعاد عن نواهيه, فالنفس البشرية تميل إلى الدِّعة والفتور؛ ولذلك قيل في بعض حكم آل داود عليه السلام: حق على العاقل أن تكون له أربع ساعات: فالإنسان العاقل المؤمن لابد أن تكون له ساعة يعبد فيها الله تعالى يدعوه فيها تضرعًا وخِيفَة؛ لأن هذا هو الأساس الذي خلقنا من أجله، ثم ساعة يحاسب فيها نفسه عما اقترفه من ذنوب في حق الله وحق العباد، وساعة أخرى يجلس فيها مع جلسائه الصالحين منهم ليستفيد منهم ويعلم مميزاته وعيوبه، وساعة يتلذذ فيها بالدنيا ومباهجها فيما أحله الله له فإنه لابد من تلك الملذات المباحة الجميلة؛ لأنها تعين على فعل تلك الأمور,

       لكن لا يظن بعضنا أن الترفيه أو الترويح عن النفس لا يكون إلا بالسفر لبلاد الكفر فقط والتلذذ بما حرمه الله على المسلمين, بل الأصعب من هذا اصطحاب زوجته وأولاده معه في تلك الرحلة؛ ليشاهدوا المفاسد والمنكرات, أليس من الجائز أن يفتتن أولاده بما رأوه في تلك البلاد ولاسيما في البلاد التي فيها الفسق جِهاراً؟! ألا يعلم هذا الرجل أنه سوف يُسأل عن أهل بيته, بحكم أنه راع لهم ؟!

       قال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله : إن السياحة لغير غرض شرعي مذمومة؛ لما فيها من إتعاب البدن وإضاعة المال, والانشغال عما هو أهم, فلا يجوز أن يسافر المرء المسلم إلى بلاد الكفر إلا لأسباب عدة منها: أن يكون عنده دين يمنعه من فعل المنكرات, أو علم يدفع به الشبهات, أو يسافر لطلب العلاج أو لطلب علم لا يوجد في بلاد الإسلام, أو في تجارة. وأضيف إلى كلام الشيخ: إن كان هناك صلة رحم لابد من وصلها.

وفي السنن أنه  صلى اله عليه وسلم قال: «إن لكل أمة سياحة, وسياحة أمتي الجهاد في سبيل الله» رواه أبو داود وصححه الألباني.

       فلا جهاد اليوم إلا جهاد النفس وحثها على الطاعات والبعد عن المنكرات, والغريب في هذا أن الذي سافر إلى تلك البلاد الكافرة وفعل فيها المنكرات وما حرمه الله يرجع ويقص نوادر ما حدث له وما اقترفه من ذنوب، ناسيًا أو متناسيًا قول رسول الله [: «كل أمتي معافى إلا المجاهرون, وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله, فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا, وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه» رواه البخاري.

       ومن هذا المنطلق أطلب من الحكومة أن تعتني بجانب السياحة الداخلية في الكويت وتعوض الناس الذين لا قدرة مادية لهم على السفر للسياحة ليفرحوا بها في الكويت، فتنشيط السياحة مطلب ترفيهي واقتصادي وجاذب للسائحين من الخارج إن تم العناية بها بإخلاص من قبل نوابنا الكرام.

والله الموفق والمستعان.

Abuqutiba@hotmail.com

Abuqutibaa@

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك