رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 18 يونيو، 2012 0 تعليق

السياسة الشرعية (10) أقسام الناس في الشجاعة والغضب

 

       الغضب صفة بشرية لا يسلم الإنسان منها؛ فهو موجود في كل إنسان بنسب متفاوتة, فهناك من يغضب ويتعصب لأتفه الأسباب, وهناك من يتمالك نفسه عند الغضب ويتذكر قول رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «ليس الشديد بالصُّرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب». (متفق عليه من حديث أبي هريرة).

       فالثورة والصياح والصوت العالي عند الغضب ليست أبداً مقاييس للقوة, وإنما القوي هو الذي يستطيع أن يسيطر على نفسه ويمتلك زمام أموره عند الغضب؛ لأن الغضب من الشيطان والإنسان عندما يتملكه الغضب ويسيطر عليه يصبح شخصاً آخر فلا يدري ما يقول ولا ما يفعل، وعليه فإن الناس تُقسم إلى أربعة أقسام:

- الأول: قسم بليد لا يغضب لنفسه ولا لربه.

- الثاني: يغضب لنفسه ولربه.

- الثالث: يغضب لربه ولا يغضب لنفسه، وهذا هو الوسط.

- الرابع: يغضب لنفسه لا لربه, وهؤلاء هم شر الخلق.

       وكما جاء في «الصحيحين» عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده خادماً ولا امرأةً ولا دابةً ولا شيئاً قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا نيل منه شيء قط فانتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمات الله, فإذا انتهكت حرمات الله لم يقم لغضبه شيء حتى ينتقم لله تعالى». فالرسول  صلى الله عليه وسلم  لا يغضب لنفسه أبداً، وإنما إذا انتهكت حرمة من حرمات الله, أما نحن فأسهل شيء هو السباب والشتائم والتمادي فيما يغضب الله، فها نحن أولاء نرى على شاشات التلفاز وصفحات الجرائد ما يحدث داخل مجلس الأمة من بعض النواب الذين يتملكهم غضبهم ويعمي بصائرهم وأبصارهم، المهم عنده أن ينتقم لنفسه عما بدر إليه من إساءة من نائب آخر مخالف له في الرأي، أو هذا الأول متعصب لرأيه غير مدرك لثقافة الحوار والاختلاف, أو خالفت الحكومة رأيه ورفضته، ولذلك أقول لكل واحد من النواب الكرام: انظر في أي قسم أنت من هؤلاء, ولماذا تغضب وتثور؟! أتغضب لنفسك أم لربك؟! فإذا كانت ثورتك وغضبك لإقرار قانون أو تشريع يتماشى مع الشريعة الإسلامية ومنهج السلف الصالح فجزاك الله خيراً ووفقك وأعانك، ونحن من خلفك ندعمك بكل ما نمتلك من قوة, فهذا دورك الحقيقي الذي ننتظره منك, فلا تخشَ في الله لومة لائم، وكن كالجبل الراسخ لا يتزحزح عن مكانه، أما ذلك الذي يثور لغرض شخصي أو لعمل (شو إعلامي) لكي يظهر في البرلمان فهذا خائن للأمانة التي وكلها إليه الناخبون «وإنما الأعمال بالنيات».

        وقد يضرب المدرسون طلابهم غضباً لأنفسهم، وقد يكون لله، فقد يضرب المدرس الطالب لأنه رأى هذا الطالب امتهنه, وقد يضربه لأن هذا سوء أدب فيريد أن يقومه ويؤدبه ويعلمه، «وإنما الأعمال بالنيات». وهذا لا يخالف سنة الرسول  صلى الله عليه وسلم  لأنه أمر بالضرب للتأديب فقال: «مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر». (رواه الترمذي وأبو داود)، وأولياء الأمور في العهد السابق كانوا يقولون: «خذ لحم وأعطنا عظم» أما الآن فإن تجرأ المدرس بكلمة فإما أن يضرب أو يشتم أو ترفع شكاوى بالمخفر عليه.

        أما من يغضب لنفسه لا لربه، أو يأخذ لنفسه ولا يعطي غيره, فهؤلاء لا يصلح بهم دين ولا دنيا، كما أن الصالحين أرباب السياسة الكاملة هم الذين قاموا بالواجبات وتركوا المحرمات، وهم الذين يعطون ما يصلح الدين بعطائه, ولا يأخذون إلا ما أُبيح لهم ويغضبون لربهم إذا انتهكت محارمه ويعفون عن حظوظهم, وهذه أخلاق رسول الله  صلى الله عليه وسلم  في بذله ودفعه, وهى أكمل الأمور، وكلما كان المسلم إليها أقرب كان أفضل، فليجتهد المسلم في التقرب إلى الله وليبتعد عما يثيره ويغضبه وليستغفر الله بعد ذلك.

والله الموفق والمستعان.

Abuqutiba@hotmail.com

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك