السياسة الشرعية.. علم مهمل
من مشكلات الواقع الفجوة بين الشباب والعلماء في قضايا المنهج، والواقع أن جهود العلماء لا تنتشر بين الناس بطريقة واضحة ومباشرة؛ وسبب ذلك يعود لتقصير من تلاميذ العلماء بالدعاية لجهود العلماء بطريقة مناسبة من جهة، وإعراض الشباب عن البحث ومتابعة جهود العلماء. ومن أمثلة ذلك مثلا عدم انتشار تعليق العلامة ابن عثيمين على رسالة الإمام الشوكاني (رفع الاساطين في حكم الاتصال بالسلاطين)، وقد علق عليها الشيخ قبل ٢٢ سنة! اي في سنة ١٤١٧ه، ومع أهمية الموضوع بل إن الشيخ ابن عثيمين يقول: وكلام الشوكاني -رحمه الله- كأنما يطل على زماننا الآن من نافذة واضحة ليس فيها شباك! مما يؤكد أن الشيخ اختار قراءة هذه الرسالة والتعليق عليها لمعالجة قضايا الواقع، ولكن كثيرا من الناس لا يدركون جهود العلماء في علاج الواقع وقضاياه.
وهذه الرسالة الصغيرة تضمنت علاج قضايا مهمة هي:
حكم اتصال العلماء بالسلاطين.
حكم تولى الولايات للسلاطين ولو كانوا ظلمة.
حكم أخذ الأجر والمال على وظيفته.
وتقرير قاعدة مراعاة المصالح الشرعية، وتطبيق السياسة الشرعية وأمثلة لذلك، وبيان أن الجهلة يتسرعون فلا يفهمون حقيقة إصلاح العلماء وإنكارهم على السلاطين؛ فهو من باب تخفيف الشر وليس من باب تغيير المنكر وإقرار المعروف، وذكر أمثلة وقصص واقعية تثبت ذلك. والكتاب يفند فكر الغلاة من التكفيريين والتبديعيين بعدم مراعاة المصالح الشرعية وتخفيف الشر.
وهذه القضايا لا زالت تشغل الناس والشباب من عقدين من الزمان، ومع الأسف لم يستفد من رسالة الشوكانى وتعليق ابن عثيمين إلا قلة من الشباب برغم أنهما إمامان كبيران، وهما متأخران؛ حيث توفي الشوكاني في ١٢٨١ ه وابن عثيمين توفي في ١٤٢١ ه -رحمهم الله-، فأدركا كثيرا من واقع الأمة والحكام.
الكتاب بتعليق ابن عثيمين، ومتوفر في شبكة الإنترنت ومكتوب ومسموع، وفيه علم ونور كبير، وهناك كتب أخرى بالقيمة نفسها، منها: أيضا تعليق الشيخ ابن عثيمين على كتاب شيخ الاسلام ابن تيمية (السياسة الشرعية).
لاتوجد تعليقات