رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 17 يونيو، 2013 0 تعليق

السياسة الشرعية -انتشار دعوة ابن عبد الوهاب (3)

      بعد انتشار الدعوة في الجزيرة العربية، ومصر والشام  والعراق والمغرب العربي، هلت بشائرها على كل من القارة الهندية، وبلاد البنغال، وإندونيسيا، ووسط آسيا.

      ففي الهند انتشرت الدعوة التصحيحية على يد الشاه ولي الله الدهلوي المتوفى عام 1176هـ؛ حيث اهتم بعلوم الكتاب والسنة, ونادى بالرجوع إلى مصادر الشريعة الأصلية, لكنه اصطدم بأوهام الصوفية. ثم جاء حفيده محمد إسماعيل الدهلوي؛ حيث أراد استكمال طريق جده في نشر الدعوة, لكن وافته المنية واستشهد في معركة بالاكوت, فتحولت حركته إلى جماعة تتسم بالإخلاص، والتمسك بكتاب الله وسنته. ثم جاء الشيخ المحدث نذير حسين الدهلوي المتوفى عام 1320هـ, فأدى دورًا في نشر العلوم من الكتاب والسنة, وأسس مدرسة لعلوم الحديث، سميت باسم جمعية أهل الحديث لعموم الهند, برز منها علماء مثل: عبد الرحمن المباركفوري, وشمس الحق العظيم آبادي وغيرهم.

      وفي البنغال قامت حركة الفرائضيين في أوائل القرن الثالث عشر الهجري, على يد شريعة الله، الذي تأثر بدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب، عندما رحل للحج عام 1199هـ؛ حيث فرض على نفسه إعادة العادات النقية إلى الإسلام, فبدأ بالمناطق الريفية في البنغال. وكلمة الفرائضيين تعني: «المسلمون الجدد أو الرجال ذوو الإيمان العالي».

      ولم تقف الدعوة على القارة الهندية فقط، بل امتدت إلى إندونيسيا، وأخذت تنتقل بالوسائل العسكرية تارة على يد ثلاثة من جماعة الحاجي، فبعد عودتهم من مكة إلى سومطرة, وتأثروا بما شاهدوه في المدينة المقدسة، وبالدعوة التصحيحية، التي قامت لإصلاح ما أفسده الناس من مبادئ الإسلام, أرادوا أن يصلحوا مجتمعاتهم، من براثن البدع والخرافات التي لحقت بها, وأن يدخلوا مبادئ الإسلام والإصلاح بين مواطنيهم, وأن يبثوا فيهم حركة دينية أكثر صفاءً، وأشد غيرة، حتى أعلنوا الجهاد على البتك، فسقطت شوكتهم على يد الحكومة الهولندية)، وبالوسائل السلمية تارة أخرى بواسطة الدعاة والطلبة، الذين يدرسون في الحرمين، وفي جامعات المملكة, فعاد الآلاف من هؤلاء وهم يحملون الدعوة التصحيحة إلى بلادهم، فأحيوا نشاطها في تلك الجزر المتناثرة, وأبعدوا عن الإسلام ما ألصق به من بدع وخرافات ووثنيات.

      ولم يكن طلب العلم مقصورًا على الطلبة الإندونيسيين فقط؛ بل وفد إلى مكة والمدينة آلاف من أبناء القارة الهندية, وعشرات من الصين, ومئات من مهاجري تركستان, كل هؤلاء عادوا إلى بلدانهم؛ ليبثوا ما وهبهم الله من علم, ويؤدوا الأمانة التي حملوها من إصلاح وتوجيه مجتمعاتهم، إلى المنهج الصحيح الخالي من الأمور الشركية والضلالات، التي أُدخلت على الإسلام وهو منها براء.

      هذا قطر من غيث، أردت أن أسرد فيه كيف انتشرت دعوتنا السلفية التصحيحية المباركة في شتى أنحاء العالم، على يد رجال تعلموا العلم الصحيح، وتأثروا بتلك الدعوة، سواء كانت رحلتهم للجزيرة العربية، وتحديداً للملكة العربية السعودية للحج, أم لطلب العلم أم لغيره.

والله الموفق والمستعان.  

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك