رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 12 نوفمبر، 2012 0 تعليق

السياسة الشرعية – الدين و السياسة

 

اختلفت الآراء حول علاقة الدين بالسياسة, وهل هناك سياسة في الدين أو دين في السياسة ؟!

     يجب أن ندرك جيدًا أن الدين ثابت منزّل من عند الله تعالى, له أصول وضوابط يحكمها الشرع، ويفتي بها المشرِّع ذو الرأي والأمانة, وليس كل من هبّ ودبّ.

     أما السياسة فمتغيرة غير ثابتة ليس لها قوانين تحكمها, بل المسيطر الأول والأخير عليها هو النظم السياسية والمناخ العالمي الذي يتصف بأنه دائم التغير, يتبدل من حال إلى أخرى وتتبدل معه السياسات واللوائح والقوانين؛ لأنها بكل بساطة من وضع البشر.

     فرجال الدين لهم طريق, والسياسيون لهم طريق آخر, أصحاب الطريق الأول شغلهم الشاغل الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويسلكون في ذلك كل الطرق الشرعية المباحة, ويبتعدون كل البعد عن الكذب والنفاق؛ لأنهما ليسا من شيمهم وإلا فلن يتبعهم عوام الناس, ولن يجدوا صدى لما يقولونه ولا لما يفعلونه.

     أما أصحاب الطريق الثاني -السياسيون- فهم أصحاب الدهاء والمكر, ليس لهم مبادئ ثابتة ولا قوانين تحدد مواقفهم السياسية، بل ما تقتضيه المصلحة يكون فيه الصواب، فالسياسي يُظهر ما لا يُبطن, ويبتسم في مواضع البكاء, ويبكي في مواضع الابتسام لذلك تجد أحدهم عندما يُسأل عن شيء ولا يعرف إجابته أو لا يريد أن يفصح عما بداخله, تراه يلف ويدور ويذهب هنا وهناك؛ لكي يبتعد عن الإجابة, عكس رجل الدين الذي إذا سُئل أجاب، وإن لم يعلم الإجابة رد بكل شجاعة وقال: لا أعلم.

     وحينما نرجع إلى سلفنا الصالح عصر صدر الإسلام سنكتشف أن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم  كانوا على دراية بهذا الخلط, ففصلوا بين ما هو سياسي دنيوي وما هو روحي ديني, فمن ناحية الجانب السياسي الدنيوي أخذوا من الكفار علوم الهندسة والزراعة والدواوين؛ لأنه لم ينزل بها وحي من السماء؛ لأنهم سمعوا رسول الله [ يقول: «أنتم أعلم بدنياكم»، رواه مسلم, وبشأن الدين قال صلى الله عليه وسلم : «والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك» رواه أحمد بإسناد حسن.

     النبي صلى الله عليه وسلم في قراراته الدنيوية كان يستشير خبراءها, كالحباب بن المنذر في غزوة بدر الكبرى, وسلمان الفارسي في غزوة الخندق, وأمر بتعيين أسامة بن زيد قائدًا لجيش المسلمين لمحاربة الروم, ولو كان الأمر يؤخذ بالتقوى والدين لكان من الأولى أن يُؤمِّر على الجيش أحد الشيخين فهما أعلم الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

     وفي عصرنا هذا سُئِل أحد الكُتاب: لماذا لا تدخل عالم السياسة ودهاليز السياسيين؟ فرد قائلاً: أنا لا أحب أن أكون سياسياً؛لأني لا أحب أن أكون جلاداً، لا فرق عندي بين السياسيين والجلادين, إلا أن هؤلاء يقتلون الأفراد, وأولئك يقتلون الأمم والشعوب.

     من هنا يتبين لنا أن امتهان رجال الدين السياسة ودخولهم في المعترك السياسي يقلل من سلطتهم الدينية الراسخة في قلوب محبيهم؛لأن السياسة تتطلب التنازل عن بعض الأمور والتغاضي عن كثير من الأشياء كما أسلفنا سابقًا, وإلا فإنه يتاجر بدين الله لنيل مكاسب شخصية، والله أعلم.

والله الموفق والمستعان.

Abuqutibaa@Abuqutiba@hotmail.com

Abuqutibaa@

 

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك