السياسة الشرعية -التوحيد وبناء المساجد على القبور
يجب على المسلم الموحد بالله أن يفرد عبادته لله عز وجل دون غيره, ولكن ما بال من يشيدون القبور والأضرحة ويبنون عليها المساجد بل يعظمونها ويشدون إليها الرحال من كل صوب وحدب؟! فنحمد الله أن الشريعة الإسلامية قد سدت كل الطرق التي توصل إلى الشرك بالله, ومنها ما يتعلق بالقبور وتعظيم أصحابها والغلو في قبورهم.
كان أول شرك بالله تعالى على الأرض سببه الغلو في الصالحين وفي قبورهم, وهو ما حدث مع قوم نوح عليه السلام, ولنتأمل أحوال العالم الإسلامي وما حصل من الشرك والغلو بسبب تشييد المساجد على قبور بعض الصالحين, وتعظيمها واتخاذ السدنة لها، مع العلم اليقين أنها من وسائل الشرك؛ لذلك كان من مقاصد الشريعة الإسلامية أنها حذرت منها بل منعتها تماماً.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عائشة رضي الله عنها, قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يُتخذ مسجدًا.
وفي الصحيحين أيضا أن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما ذكرتا لرسول الله[ كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور فقال[: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله».
والجدير بالذكر أن اتخاذ القبور مساجد على نوعين:
- الأول: أن يبنى عليها مساجد.
- الثاني: أن تتخذ كما هي مكانًا للعبادة من غير بناء, كما جاء في الحديث: «وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا» بمعنى أن أي مكان طاهر على وجه الأرض يصلح للعبادة والصلاة.
وكلتا الحالتين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما؛ لذلك قال علي - رضي الله عنه -لأبي الهياج الأسدي: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه النبي صلى الله عليه وسلم : ألا تدع قبرًا مُشرفًا إلا سويته، ولا صورة إلا طمستها», وما رواه مسلم أن النبي صلىالله عليه وسلم قال: «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها».
من هنا يتبين لنا حرص الشريعة الإسلامية على عدم تعظيم القبور والأضرحة سواء بالبناء عليها أو اتخاذها مساجد بالدعاء والصلاة فيها, أو حتى شد الرحال إلى تلك المساجد؛ عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم : «لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى» رواه مسلم، وكذلك نص الأئمة من علماء المسلمين في جميع المذاهب الأربعة على النهي عن ذلك؛ عملاً بسنة رسول الله ونصحًا للأمة وتحذيرًا لها أن تقع فيما وقع فيه من قبلها من غلاة اليهود والنصارى وأشباههم من ضلال هذه الأمة.
والله الموفق والمستعان.
Abuqutiba@hotmail.com
Abuqutibaa@
لاتوجد تعليقات