رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 29 أكتوبر، 2013 0 تعليق

السياسة الشرعية – افتراءات الخصوم على محمد بن عبد الوهاب- شق عصا الطاعة

     افتراء جديد شنه خصوم الدعوة على الشيخ محمد بن عبد الوهاب بأنه قد خرج على الدولة العثمانية صاحبة الخلافة الإسلامية آنذاك، وبهذا فقد شق عصا السمع والطاعة لأولي الأمر.

     نبدأ هذا الافتراء بما قاله ابن عفالج، فيقول: «وأما توحيدكم الذي مضمونه الخروج على المسلمين، فهذا إلحاد لا توحيد»، ويصفهم عمر المحجوب قائلاً: «ووقعتم في شق العصا»، ويدّعي أحمد دحلان أن أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب «فارقوا الجماعة والسواد الأعظم»، فضلاً عن أن الزهاوي قد وصفهم «بالمروق عن طاعة أمير المؤمنين».

     ولم يكتف هؤلاء الخصوم بذلك وحسب، بل وصفوا الشيخ وأتباعه بأنهم من الخوارج الذين استحلوا قتال ملوك المسلمين، وأنهم شقوا عصا الطاعة، وفارقوا الجماعة، بل وكانوا سببًا في سقوط دولة الخلافة الدولة العثمانية، وكان رد الشيخ محمد بن عبد الوهاب واضحًا جليًا على كل تلك الافتراءات، فكان مما جاء في رسالته إلى أهل القصيم: «وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته، وحرم الخروج عليه ».

     ويقول أيضا: «إن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمّر علينا، ولو كان عبداً حبشياً، فبين له هذا بياناً شائعاً كافياً بوجوه من أنواع البيان شرعاً وقدراً. ثم صار هذا الأصل لا يعرف عند كثير من يدّعي العلم، فكيف العمل به؟». هذه النصوص المنقولة حرفيًا من رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب ما هي إلا إقرار منه على وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين، برهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية.

     وأما مسألة الخلافة العثمانية على بلاد نجد، فلم تذكر كتب التاريخ أن الدولة العثمانية كان لها نفوذ على نجد، ولا امتد إليها سلطانها، ولا حكمها ولاة عثمانيون، ولا رأت أية حامية تركية دخلت تلك البلاد، فلم تعرها الدولة العثمانية أي اهتمام؛ نظرًا لسعة أراضيها وترامي أطرافها، وامتداد النفوذ القبلي العشائري، فكان كل شيخ أو أمير في نجد مستقلا بذاته، يحكم قبيلته بحكم العرف ويسود فيها قانون القبيلة، ولم يعرف، الأتراك، ولا حتى هم عرفوه من ذي قبل.

     وإليك -عزيزي القارئ- ما قاله سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز في السياق نفسه: «لم يخرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على دولة الخلافة العثمانية ـ فيما أعلم وأعتقد، فلم يكن في نجد رئاسة ولا إمارة للأتراك، بل كانت نجد إمارات صغيرة وقرى متناثرة، وعلى كل بلدة أو قرية - مهما صغرت - أمير مستقل، وهي إمارات بينها قتال وحروب ومشاجرات، والشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يخرج على دولة الخلافة، وإنما خرج على أوضاع فاسدة في بلده، فجاهد في الله حق جهاده، وصابر وثابر حتى امتد نور هذه الدعوة إلى البلاد الأخرى».

     فإذا كانت نجد محل انطلاق الدعوة السلفية - دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - لم تخضع للحكم العثماني، ولم يُر فيها أي حاكم تركي، فأنّى للشيخ أن يشق عصا الطاعة على تلك الخلافة العثمانية ؟!

والله الموفق والمستعان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك