رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 26 نوفمبر، 2013 0 تعليق

السياسة الشرعية – افتراءات الخصوم على محمد بن عبد الوهاب- أنواع التوحيد

     ادعى خصوم الدعوة السلفية أن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب قد أحدث في ديننا ما ليس فيه وذلك بتقسيمه التوحيد إلى: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وفرّق بين معانيهما، وكعادة هؤلاء الخصوم فإن اعتراضاتهم وأقوالهم لا تخلو من تلبيس وتمويه وتزوير. يقول علوي الحداد: ومن العجب العجاب قول المدعي الكذّاب لمن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله من أهل القبلة أنت لم تعرف، التوحيد نوعان: توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون والكفّار، وتوحيد الألوهية الذي أقر به الحنفاء وهو الذي يدخلك في دين الإسلام.

     ويأتي محسن بن عبد الكريم بقول أحد أسلافه قائلاً: بل توحيد الربوبية هو توحيد الألوهية؛ إذ الصفة لا تزول عن الموصوف، فرب السموات والأرض إلههما.

     ويستنكر أحمد دحلان مفتي الشافعية بمكة هذا التقسيم، فيقول: وقالوا إن التوحيد نوعان: توحيد الربوبية، وهو الذي أقر به المشركون، وتوحيد الألوهية وهو الذي أقر به الموحدون، وهو الذي يدخلك في دين الإسلام، وأما توحيد الربوبية فلا يكفي، وكلامهم باطل .. فإن توحيد الربوبية هو توحيد الألوهية.

     ألا ترى إلى قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ  قَالُوا بَلَى} (الأعراف: 172)، ولم يقل ألست بإلهكم، فاكتفى منهم بتوحيد الربوبية، ومن المعلوم أن من أقرّ لله بالربوبية فقد أقر له بالألوهية؛ إذ ليس الرب غير الإله، بل هو الإله بعينه. وفي الحديث: «إن الملكين يسألان في قبره فيقولان له: من ربك؟» ولا يقولا: من إلهك ؟ فدل على أن توحيد الربوبية هو توحيد الألوهية».

     من هنا اهتم الشيخ الإمام بهذا التقسيم, وقام بشرحه وتوضيحه في أكثر من موضع، وقام بالرد على هؤلاء الخصوم، وبيّن أن مشركي العرب مقرون بتوحيد بالربوبية ولكنهم جحدوا توحيد العبادة، وقالوا كما حكى القرآن عنهم: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (ص: 5).

     قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب مفرقاً بين التوحيدين: فإذا قيل لك ما الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية؟ فقل: توحيد الربوبية فعل الرب مثل: الخلق، والرزق، والإحياء، والإماتة، وإنزال المطر، وإنبات النبات، وتدبير الأمور. وتوحيد الألوهية فعلك أيها العبد مثل: الدعاء، والرجاء، والخوف، والتوكل، والإنابة، والرغبة، والرهبة، والنذر، والاستغاثة، وغير ذلك من أنواع العبادة. ويقول في اجتماع الربوبية والألوهية وافتراقهما:  اعلم أن الربوبية والألوهية يجتمعان، ويفترقان كما في قوله: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴿1﴾مَلِكِ النَّاسِ ﴿2﴾}(الناس:1ـ 2)، وكما يقال رب العالمين وإله المرسلين، وعند الإفراد يجتمعان كما في قول القائل: من ربك، مثاله الفقير والمسكين نوعان في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ (التوبة:60)، ونوع واحد في قوله صلى الله عليه وسلم : «افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم»؛ إذا ثبت هذا فقول الملكين للرجل في القبر: من ربك؟ معناه من إلهك؛ لأن الربوبية التي أقر بها المشركون ما يمتحن أحد بها وكذلك قوله:{الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ}(الحج:40)، وقوله: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا}(الأنعام:164)، وقوله:{إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا}(فصلت:30)، فالربوبية في هذا هي الألوهية ليست قسيمة لها، كما تكون قسيمة لها عند الاقتران فينبغي التفطن لهذه المسألة .

والله الموفق والمستعان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك