رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 30 يوليو، 2013 0 تعليق

السميع البصير

     ورد(السميع) في كتاب الله عز وجل ستا وأربعين مرة(46)، اقترن بـ(العليم) اثنتين وثلاثين مرة، وبـ(البصير) إحدى عشرة مرة، وبـ(القريب) مرة واحدة، وأتى منفرداً مع الدعاء مرتين.

- ماذا تعني بآخر ما ذكرت أنه أتى مع الدعاء؟

- قول الله عز وجل: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) }(آل عمران: 38)، وقوله سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴿39﴾}(إبراهيم: 39).

كنت وصاحبي نتابع بحثنا فيما اقترن من أسماء الله الحسنى، وكانت أيام رمضان الصيفية عونا لنا في إنجاز هذا البحث؛ حيث كنا نقضي معظم فترة ما بعد العصر في أداء هذه المهمة.

- لنرجع إلى ما اقترن مع (السميع)، (العليم)، و(البصير)، و(القريب) وأكثرها العليم، وهذه واضحة أن علم الله يصحبه سمع لما يقال.

- إن اقتران (السميع) بـ(العليم) قد يأتي تهديداً كما في قوله عز وجل: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(البقرة: 181).

     هذه الآية في التحذير من تغيير الوصية؛ فالآية قبلها: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ}(البقرة: 180)، فمن سمع الوصية ثم بدلها يحذره الله بأنه (سميع) لما يقول (عليم) بقصده ونيته، فليحذر. وكذلك في قوله عز وجل: { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ *فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}(يونس: 65)، فإن الله يخبر نبيه صلى الله عليه وسلم ألا يحزن لما يقول الكافرون من كذب وافتراء، وشرك بالله، وتعظيم للأوثان، فإن ذلك لن يعزهم؛ لأن العزة لله جميعا، وهو سبحان يسمع كل هذا ويعلم كل شيء وسيجازيهم عليه.

- وماذا عن اقتران (السميع) بـ(البصير)؟

- قلنا: إنهما اقترنا في (11) موضعاً من كتاب الله، أشهرها آية (الشورى): {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿11﴾}(الشورى: 11)؛ حيث ينفي الله عز وجل عن نفسه المثل، ويثبت لنفسه الصفات التي تليق به عز وجل ومنها (السمع) و(البصر).

     وفي الآيات الأخرى عموماً يبين سبحانه أنه (يسمع) جميع الأصوات باختلاف اللغات بكل الدرجات وتنوع الحاجات، حتى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء، ويراها في الليلة الظلماء، فهذا يقتضي كمال علمه بكل مخلوقاته، وفي تفسير الطبري:

     «فمن قدرته أن الله يولج الليل في النهار يقول: يدخل ما ينقص من ساعات الليل في ساعات النهار، فما نقص من هذا زاد في هذا {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ}(فاطر: 13). ويدخل ما انتقص من ساعات النهار في ساعات الليل، فما نقص من طول هذا زاد في طول هذا، وبالقدرة التي تفعل ذلك ينصر محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه على الذين بغوا عليهم فأخرجوهم من ديارهم وأموالهم {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴿28﴾}(لقمان: 28)، يقول: وفعل ذلك أيضاً بأنه ذو سمع لما يقولون من قول لا يخفى عليه منه شيء، بصير بما يعملون، لا يغيب عنه منه شيء، كل ذلك معه بمرأى ومسمع، وهو الحافظ لكل ذلك، حتى يجازى جميعهم على ما قالوا وعملوا من قول وعمل جزاءه».

- وماذا عن الآية من سورة طه؟

- نعم، جزاك الله خيراً، عندما أمر الله موسى وأخاه أن يذهبا إلى فرعون: {اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (43) فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى (44) قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى (45) قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى (46)}(طه: 43 - 46).

- حقا، إذا تذكر أحدنا أن الله (سميع) يسمع ما يقوله العبد، فهل يتجرأ بعد ذلك أن يقول كذباً وبهتاناً وزوراً على مسمع من الله؟!

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك