رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.جمال الباشا 14 ديسمبر، 2015 0 تعليق

السلفية التي عرفتُ

هي دعوةٌ أصيلةٌ عريقةٌ، مرجعيتُها مقدَّسةٌ (الكتاب والسنة الصحيحة)، ونسبتُها شريفةٌ (سلف الأمة)، ونهجُها قويمٌ(التصفيةِ والتربية)؛ فلا شركَ ولا بدعةَ ولا خرافةَ، غربلةٌ للتُراث، وتحقيقٌ وتدقيقٌ في الروايات، وتحريرٌ لمسائل الخلاف في الفقه. 

أئمتُها من أكابر الناس علماً وديانةً وعبادةً وزُهدًا وورعًا وعفَّةَ لسان، وكرَم أخلاقٍ، في أدبٍ جمٍّ، وحسنِ ظنٍ وسعةِ صدرٍ مع المخالفين، وتواضعٍ ونكران ذاتٍ مع القاصي والداني، يحبُّون أهلَ الإيمان ويوالونهم وينصرون قضاياهم، ويهتمُّون لشؤونهم. 

 اقرؤوا سيرَ الأئمةِ الأعلامِ ابن تيمية وابن القيم والذهبي وابن كثير. 

      واقرؤوا عن المعاصرين كأحمد شاكر والآلوسي والقاسمي وابن باز والعثيمين والألباني، كلُّ هؤلاءِ وأولئك من علماءِ ورموز هذه الدعوة المباركة الناصعة مثَّلوها خير تمثيل، واستطاعوا أن يؤثِّروا في المجتمع، وساهموا بفاعلية في نهضةٍ علميةٍ تصحيحية نفع الله بها البلاد والعباد، وتركوا بعدهم بصمات عظيمة، لا ينكرها إلا جاحد، فكانت سيرتُهم حميدةً وخاتمتُهم سعيدة. 

      ثمَّ خلفَ من بعدهم خلفٌ، احتكروا المنهجَ، وصادَروا كلَّ من خالفهم، ووضعوا ختمَ (سلفيّ) في جيوبهم، يطبعونه فقط لمن ألغى عقله وطأطأ رأسه، معلنًا الموافقةَ والإذعان لهم على كلِّ شيء يرونه ولو كان الخلافُ فيه سائغا وواسعا، حذَّروا الناسَ من التعصُّب للمذهب «وهو حقٌّ» وكانوا أشدَّ المتعصبين، 

حاربوا التحزُّبَ وكانوا أخطَرَ الحزبيين، فعلى أساسه يكونُ الحبُّ والبغضُ، والولاءُ والبراء، والوصلُ والهجر. 

استحلالُ غيبةِ أولياء الله من العلماء والدعاة، والوقيعة فيهم دينٌ؛ لأنَّه من التحذير الشرعيّ من أهل البدع، التي أدخلوا في دائرتها كلَّ من خالفهم بإطلاق!! 

تصنيفُ المسلمين بات من ضروريات المذهب، والسبُّ والشتمُ للصالحين بل والوشايةُ بهم من أجَلِّ القُرُبات، وتخذيلُ الأمة في مواجهة أعدائها حكمةٌ وعقلانيةٌ وفقهُ مقاصد. 

 وقد ظهرَت بوادرُ هذا الاتجاه المُنحرف في الدعوة السلفية منذ عقدين ونصف تقريباً، وانتبه لذلك الأكابرُ وعلى رأسهم الإمامُ ابن العثيمين، فكان ينبِّهُ إليه كلما وردَت مناسبة. 

ودونكم شيئًا من كلامه الذي ندفعُ به عن تلك الدعوةِ المباركةِ ما ألحقَه بها الأصاغرُ من العَيب والشَين، قال -رحمه الله-:

     «بعض من انتهج السلفية في عصرنا هذا صار يضللُ كلَّ من خالفه ولو كان الحقُّ معه، واتخذها بعضهم منهجاً حزبياً كمنهج الأحزاب الأخرى التي تنتسب إلى دين الإسلام، وهذا هو الذي يُنكَر ولا يمكن إقرارُه، ويقال: انظروا إلى مذهب السلف الصالح ماذا كانوا يفعلون؟! 

انظروا طريقتهم وفي سعة صدورهم في الخلاف الذي يُسوغ فيه الاجتهاد، حتى إنهم كانوا يختلفون في مسائل كبيرة، ومع ذلك لا يضلل بعضهم بعضاً. 

فالسلفيةُ بمعنى أن تكون حزباً خاصاً له مميزاته، ويضلل أفرادُه من سواهم فهؤلاء ليسوا من السلفية في شيء!!

      وأما السلفيةُ فهي اتباع منهج السلف عقيدةً وقولاً وعملاً وائتلافاً واختلافاً واتفاقاً وتراحماً وتواداً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسد بالحمى والسهر» فهذه هي السلفية الحقة. (لقاءات الباب المفتوح)(3/246).

 فيا أدعياءَ السلفيةِ كفاكم تشويهًا للمنهج، وإساءةً لأعلامه ورموزه، فالإقرار بالخطأ فضيلة، والرجوع إلى الحقِّ خيرٌ من التمادي في الباطل.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك