رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 4 أبريل، 2016 0 تعليق

السلبية عند بعضهم!!

     يزعجني الشخص الذي يقول: لا علاقة لي بالمنكرات، ولا يهمني إلا نفسي وهدايتها؛ فلا يبذل جهداً لتغيير المنكر بما هو متاح ومباح، ولا يصلح فسادا، ولا يسعى إلى خلاص مجتمعه من التردي والهلاك، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بالعقاب من عنده».

     فالمسلم لا يكون مهتديا حتى يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قال عبدالله بن المبارك -رحمه الله-: هذه أوكد آية في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإنه قال: {عليكم أنفسكم}(المائدة: 105)، يعني عليكم أهل دينكم ولا يضركم من ضل من الكفار، وقال سعيد بن المسيب: «إذا أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر؛ فلا يضرك من ضل إذا اهتديت».

     فالواجب ألا يتوقف المسلم عن إنكاره للمنكر؛ لأنه بذلك سيقلل الشر والفساد، ويساهم في بناء مجتمع آمن مستقر لايُستباح فيه المنكر، والمسألة تحتاج إلى صبر وتعاون ووعي وتمسك بالكتاب والسنة، وقدوتنا في ذلك رسولنا  صلى الله عليه وسلم  والصحابة الكرام والأئمة الأعلام.

     فالسكوت عن الباطل والمنكر سيشجع الآخر على مزيد من التمادي والانتهاكات والإضرار بالفرد والمجتمع، والسكوت عن الباطل قد يُفهم منه إقرار المنكر والرضا بالباطل، وقد تكون بسكوتك شيطانا أخرس، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}(الأعراف: 164-165).

     وهذا دليل على أن السكوت على الباطل قد يكون سببا في أن يُنزل الله -عز وجل- العذاب على الصالح والطالح ما لم يقوموا بواجبهم في التصدي للفساد والباطل حتى لا تُخرق السفينة ونغرق جميعا؛ لأن الباطل مثل السرطان كلما أُهمل زاد فتكا وتماديا وألما وانتشارا؛ ولنأخذ على أيدي السفهاء، قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}(الأنفال: 25).

     وبعضهم -هداهم الله- يتكاسل ويقول: هناك غيري ممن يقوم بهذا، ويتذمرون من واقعهم، ويتشاءمون من المستقبل، ويعيش كل منهم في بوتقته منعزلا لا يذكر إلا السيئ من الماضي والحاضر، ويشعر بالإحباط، فينعكس ذلك على تصرفاته وردود أفعاله؛ فهو سجين الأوهام والتوقعات، ويعيش في تضخيم المسائل والأزمات.

     وهذا يحول بينه وبين العمل والإبداع والإنتاج، ومواجهة الباطل بالحجة والبيان وبالطرائق المشروعة؛ فالهمة العالية ورفع المعنويات مطلوبة، والمسلم عندما يكون قويا يكون أحب إلى الله -عز وجل- وخيراً من المؤمن الضعيف الذي أصابه الوهن، وذلك بالإكثار من النقد وعدم إيجاد البدائل، وعدم التفاعل مع الواقع إيجابيا؛ فطوق النجاة وسبيل الفلاح يكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «الشريعة الإسلامية جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها».

والدول أنشأت كثيرا من الهيئات والمؤسسات الحكومية والأهلية، والرقابة تنتظر تعاون الجميع معها حتى يتم تعطيل المفاسد، ولا مكان للمفسدين في دولة محبة للخير، وتأمر به وتدعو له.

نسأل الله أن يصلح الأحوال، ويوحد الصفوف، ولا يجعل فينا ولا منا شقيا ولا محروما.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك