السعادة الزوجية
عندما يتزوج الرجل يريد البشاشة المشرقة، والكلمات الرقيقة، والمعاملة الأنيقة، والعواطف الدافئة، ويريد أن يتحول بيته إلى قلاع خير ومحبة ووئام، وحصون بر وحنان وسلام، ويريد بيته مأوى كريماً وواحة للراحة النفسية، لينفض عن نفسه وأهله غبار السآمة والملل، يريد مشاعر طيبة من رفيقة الدرب وصفية الفؤاد ومربية الأولاد، يريد أن يكون بيتهما مثالا لحسن التعاون والابتعاد عن النزاع والخصومات، ويريد تحقيق المودة والرحمة بكل معانيها: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، ويريد الصفح عن الزلات والهفوات والتغافل عنها، وعدم الحساسية المفرطة والشك المنفر، ويريد أن تقرأ عن الحقوق وتطبقها حتى تنال واجباته؛ ففي الحديث: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي».
الغريب أن الرجل إذا طلب إلى زوجته الستر والعفاف والحشمة والابتعاد عن وسائل الهدم والتخريب غضبت؛ فهي تريد أن تلبس حجاب الموضة مع جميع الأصباغ والعطورات، وتريد الخروج دون عباءة مع صديقاتها إلى أماكن مختلفة، والسفر دون محرم، والنوم في بيت أهلها أيام العطل، وبدلا من أن تمتلك هاتفاً تطلب اثنين وثلاثة، وكلما جلست مع زوجها انشغلت بالهاتف إما بالحديث أو بتحريك الأنامل!، وآخر شيء تفكر فيه هو رضا الزوج، وترميه بأنه معقد ومتأخر عن حياة الرجال المتطورة!
لا تريد أن تصلي، ولا أن تسمع القرآن، ولا أن تقضي أيام الصيام، وفي الحديث: «المرأة إذا صلت خمسها، وصامت شهرها، وحصَّنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبوابها شئت».
وبعضهن لا تقدِّر ميزانية الزوج، وتتهمه بالبخل دائما، وتقارنه بالآخرين في الترف والسرف، وكلما أرادت أن تزور أقاربها أو صديقاتها تريد أن تكون معها هدايا متنوعة، وكلما جاءت عطلة تريد السفر، وكلما كانت نهاية الأسبوع تريد قضاءها في فنادق وشاليهات وهكذا! وتهمل حقه الشرعي! وتنام عنه إذا حضر، وتستيقظ إذا نام وهكذا، بعنادٍ ومكابرة وتحد؛ فأنى لهذه الأسرة أن تستمر!.
فحسن الخلق رابط مهم للقلوب، وبلسم استمرار المحبة من زوجة تقية زكية ألمعية نقية، تريد النجاح والاستمرار والسكن والاستقرار، والرضا بما قسم الله وعدم التضجر والتسخط؛ وعندها يسعد القلب، وينشرح الصدر «قد أفلح من أسلم ورزق كفافا، وقَنَّعه الله بما آتاه». فانظري إلى أصحاب الأمراض والأعذار والفقراء والمشردين والمحرومين لتعرفي نعمة الله عليك.
والوفاء مطلوب؛ لأنه خلق جميل، وكنز ثمين ولاسيما عندما يُظهر معدن الزوجة الصالحة الوفية التي تقف إلى جوار زوجها في الضيق والمحن، وتخفي عيوبه، وتستر ذنوبه، وتتذكر أفضاله، قال تعالى: {ولا تنسوا الفضل بينكم}.
والطاعة في غير إثم ولا معصية، فيسمع منها كلمة أبشر، إن شاء الله، وكلمة حاضرة، وإذا أغضبته اعتذرت له وواسته بكلمات لا تُنقص من قدرها بل ترفع مكانتها في قلبه، وما أجمل لغة الحوار والنقاش الذي يعيد المودة والرحمة والبسمة إلى قلوبهم!
الأنوثة والزينة للزوج وليست خارج البيت؛ فالزوجة في بيتها عندما تبدع في فنون اللبس والزينة وتتعطر، وتبتكر لزوجها، وتحسن استقباله، تنسيه همومه وغمومه، وتقترب الأفئدة، وتنتشر السعادة، وتزيد المحبة. وإكرام أهل الزوج وحث الزوج على التواصل مع والديه دليل احترامه؛ وبهذا تزيد المحبة والألفة والترابط بين الزوجين.
ولابد من الاهتمام بنظافة البيت وجماله؛ حيث ينبغي أن يرى التغيير المستمر والروائح الجذابة؛ مما يهدئ النفس، ويذهب الشر والغضب. وأخيرا الاهتمام بالأطفال وتربيتهم والعناية بهم؛ فهي راعية في بيت زوجها ومسؤولة عنهم.
نسأل الله أن يجعل البيوت مطمئنة وسعيدة ومحبة للخير، وأن يؤلف القلوب، ويصرف الشر وأهل السوء عنهم؛ ليكون الاستقرار والسكن، وتنتشر الرحمة والمودة بين الزوجين.
لاتوجد تعليقات