رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 9 فبراير، 2015 0 تعليق

السبوح القدوس

- لأول مرة أعرف أن (السبوح) من أسماء الله الحسنى، مع أني أعرف الحديث «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  كان يقول في ركوعه وسجوده: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح» مسلم، ولكن كنت أظن أن المعنى مثل (سبحان).

- ومن أين حصلت على هذه المعلومة؟

- كنت أستمع إلى برنامج في إذاعة القرآن، ذكر أن (السبوح القدوس) من الأسماء الحسنى، كنت أعرف (القدوس) فقد ورد في القرآن: {الملك القدوس السلام...}.

- نعم (السبوح) من الأسماء الحسنى لله -عزّ وجلّ- ولم يرد إلا في الحديث الصحيح الذي ذكرت، وورد مقترنا بـ(القدوس)، ومع أن معنى الاسمين متقارب إلا أن بينهما اختلاف، ويتضح ذلك في قوله تعالى:

     {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (البقرة:30)، قول الملائكة {نسبح بحمدك} و{نقدس لك}، يبين الفرق، ولكن لنبدأ بكتب اللغة والمعاجم ثم كتب التفسير.

كان أول لقاء لنا بعد أداء العمرة في منتصف ربيع الأول؛ حيث ازدحم الحرم بالمعتمرين الذين كانوا في المدينة بمناسبة ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم !

- (التقديس) في اللغة هو (التطهير والتزكية)، وسميت الجنة حظيرة القدس، كما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال عن رب العزة: «من ترك الخمر وهو يقدر عليه لأسقينه منه في حظيرة القدس ومن ترك الحرير وهو يقدر عليه لأكسونه إياه في حظيرة القدس» السلسلة الصحيحة (حسن لغيره)، على أن (التقديس) فيه إضافة (تعظيم)؛ ولذلك اقترن باسم الله الملك كما في قوله تعالى: {الملك القدوس السلام المؤمن...} (الحشر:23).

وقوله سبحانه: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (الجمعة:1).

وفي الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا سلم في الوتر قال: «سبحان الملك القدوس» ثلاث مرات يطيل في آخرهن (صححه الألباني).

فـ(القدوس) هو المطهر المنزه عن كل نقص والمعظم سبحانه، و(السبوح)، هو المنزه عن كل ما لا يليق به (سبحانه)، وهو من أبنية المبالغة، فهو المستحق (للتسبيح) على الحقيقة وجميع خلقه يسبح له.

{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (الإسراء:44).

- هذه الآية تذكر أن جميع المخلوقات تنزه الله -عز وجل- وتقول (سبحان الله وبحمده)، ولكننا لا نفقه الكيفية.

- دعني أقرأ لك من كتب اللغة.

قال أبو إسحق (السبوح) الذي ينزه عن كل سوء، و(القدوس) المبارك وقيل الطاهر.

قال سيبويه: «إنما قولهم سبوح قدوس رب الملائكة والروح فليس بمنزلة (سبحان)».

- هل لك أن تبين  هذه الجملة الأخيرة؟

- (سبحان) اسم فعل بمعنى (أسبح)، أي أنزه، و(السبوح) اسم الله عز وجل، فالخلق جميع (يسبح لله) بمعنى يقول: «سبحان الله» ، وهو -عز وجل- (السُّبّوح)، وفي قوله سبحانه: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}(الأعلى: 1)، أي سبح الله -عز وجل- بذكر اسمه (الأعلى)، وذلك أن (الأعلى) من الأسماءا لحسنى.

- إن الإيمان بهذين الاسمين (السبوح القدوس)، يملأ القلب توحيدا لله وتعظيما له وتنزيها له عن الولد والشريك والند وعن مماثلة الخلق في شيء وعن كل نقص لا يليق به سبحانه، فيكون المؤمن منسجما مع المخلوقات جميعا التي تسبح الله عزّ وجلّ، ويبقى الكافر منبوذا وحيدا لينال جزاءه يوم القيامة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك