الزواج من أسباب السعادة في الدنيا والآخرة (1)
الزواج يُعد مِن المحطات الفارقة في حياة الإنسان؛ فمما يتفاضل فيه الرجال فيما بينهم عند الله في الآخرة، حسن تعاملهم مع زوجاتهم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خَيرُكم خَيرُكم لأهلِه، وأنا خَيرُكم لأهلي»، وسباق النساء نحو أبواب الجنان يكون على قَدْر طاعة المرأة لزوجها، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ».
والزواج في ذاته من أسباب سعادة العبد في تلك الحياة الدنيا؛ فالزوجة الصالحة من أعظم النعيم للرجل في الدنيا كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الدُّنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِها المرأةُ الصَّالحةِ»، والزوج الصالح من أعظم أسباب السعادة للمرأة في الحياة الدنيا؛ لذا يُعد الزواج من أعظم أسباب السبق إلى الله، وتحقيق الخيرية والفوز بالجنان في الآخرة، ومن أعظم أسباب السعادة في الدنيا.
فهم الطرفين لحقيقة الزواج
إنَّ فهم الطرفين لحقيقة الزواج من أهم الأمور في نجاحه، فالزواج محبة وتعاون، وإيثار وتضحية، وعلاقة روحيَّة شريفة، وارتباط غرضه الأساس هو تحقيق السكن بين الزوجين، فـ»الزوجة»: سكن لزوجها تَطمئِن نفسه بجوارها، وتسعد روحه بلطفها وحبها، و»الزوج»: سكن لزوجته يمنحها الأمان والحب والحنان، ويعينها على نوائب الدهر، وخطوب الزمان، ويُسعدها بعطائه، ويحتويها بدفء كلماته واهتمامه، وصدق الله -عزوجل- إذ يقول: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم: 21).
الزواج نعمة عظيمة
لذلك فإنَّ العبد منا يجب أن يعلم أن الزواج نعمة عظيمة يمنُّ الله بها على عباده، بل هي مِن أجلِّ نعم الله عليهم، والله -عز وجل- يُوقِف عبدَه يوم القيامة أمامه ويذكِّره بتلك النعمة عليه، كما جاء في الحديث الصحيح: «فيلقى -أي الله عزوجل- العبدَ فيقول: أىْ فُلُ أَلَمْ أُكْرِمْكَ، أَلَمْ أُسَوِّدْكَ، أَلَمْ أُزَوِّجْكَ»، ونِعَم الله -عز وجل- كما هو معروف لا تُدرك ولا تستمر بمعصية المُنعِم -سبحانه وتعالى-، وحسن التعامل مع النعم مِن أسباب السبق والترقي عند الله والسعادة في الدنيا والأخرة.
لا يخدعنكم دعاة السوء
فعلى الشباب والفتيات ألا يحملنّهم اسْتِبطاءُ الزواج أن يطْلبُوه بمعصية الله -تعالى-، ولا يخدعنكم دعاة السوء الآن الذين يعملون على إفساد المجتمع بتسويغ الصداقات غير المشروعة بين الشباب والفتيات، فلن يكتوي بالنار إلا حاملها، وإنّ ما عند الله لا يُدرك إلا بطاعته، ولا يَصعب الحلالُ على أحدٍ؛ إلا بسبب غرقه في الحرام.
شكر النعمة
واعلموا أن الله إذا أنعم على أحدٍ مِن شباب المسلمين أو فتياتهم بالزواج، فإن ذلك يتطلب منهم الشكر لله على هذه النعمة، بأن يكون الزواج على الوجه الذي يرضي الله -عز وجل-، وسببًا في زيادة القرب من الله -سبحانه وتعالى-، وليس العكس، فالنعم تُحفظ وتزيد بهذا الشكر، قال -تعالى-: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (إبراهيم:7)، واحذروا أن تشغلكم تلك النعمة عن المنعم! فالنعم إن شُغلتم بها عن المُنعم أو كان تعاملكم معها سببًا في غضب المُنعم، كان عقابكم منه -سبحانه- بالنعمة نفسها، فالقاعدة أن: «مَن شُغِل بشيء عن الله عُوقِب به!»، فاطلبوا نعمة الله بمرضاته، واحفظوها بشكره، واحذروا أن تنقلب النعمة عليكم وبالًا وضنكًا بمعصيتكم لله -تبارك وتعالى- أو بتضييع الحقوق التي أوجبها الله علي كل امرأة تجاه زوجها أو كل رجل تجاه زوجته!.
حقوق الزوج
فالزوجة الصالحة لن تَجدَ حلاوة الإيمان ولذّة الطاعة وأثر العبادة إلا أن تؤدي حقوق زوجها، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَجدُ المرأة حلاوة الإيمان حتى تؤدِّي حقّ زوجها»، وهذه الحقوق كثيرة، منها:
(1) توقير المرأة لزوجها، كما جاء على لسان امرأة سعيد بن المسيب -رحمة الله عليهما-: «ما كنَّا نُكلِّم أزواجَنَا إلَّا كما تُكلِّمون أمراءَكم».
(2) وجود الهيبة والمكانة العالية في قلب الزوجة لزوجها؛ فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لصحابية: أذاتَ بَعْلٍ؟ قالت نعم: قال: «كيف أنتِ له؟»، قالت: لا آلوه إلا ما عجزت عنه-أي: لا أقصِّر في طاعته-، فقال: «فانظري أين أنت منه، إنَّما هو جنَّتُك ونارُك».
(3) شدة الحرص من الزوجة على طاعة زوجها؛ كما ذكر ابن عباس -رضي الله عنهما- (ترجمان القرآن) عند قول الله: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ} (النساء:34)، فالقانتات أي: الطائعات لأزواجهن، ولم يكتف بلفظ طائعات، بل قال قانتات؛ لأن القنوت شدة الطاعة وكمالها.
(4) الاستجابة لأمره ما لم يكن معصية، وإبرار قسمه، وحسن التجمل له، وحفظ عرضه وماله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أخبرك بخير ما يكتنز المرء؟ المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته»، وقال أيضًا -عليه الصلاة والسلام-: «لو كنتُ آمرًا أحدًا أنْ يسجد لأحد لأمرتُ المرأةَ أنْ تسجدَ لزوجها».
(5) عدم الامتناع عنه إذا دعاها إلى فراشه؛ فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبتْ، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح»، وقال أيضًا: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ زَوْجتَهُ لِحَاجتِهِ فَلْتَأْتِهِ وإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُّور»، أي: ولو كانت مشغولةً بشيءٍ من مشاغل البيت؛ فإجابته في قضاء وطره مقدَّمة على مشاغل البيت.
(6) إن غضبت منه أو غضب منها أرضته؛ فهذه الصفة من صفات الزوجة التي تؤهلها للجنة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَلَاْ أُخبِرُكُم بِنِسَائِكُم فِي الجَنَّةِ؟ كُلُّ وَدُودٍ وَلُودٍ، إِذَا غَضِبَت أَو أُسِيءَ إِلَيهَا أَو غَضِبَ زَوجُهَا، قَالَت: هَذِه يَدِي فِي يَدِكَ، لَاْ أَكْتَحِلُ بِغُمضٍ َحتَّى تَرضَى».
(7) أن تشكر له معروفه، وتقدِّر له جهده وتعبه، وتشعر زوجها بذلك قولا وفعلا؛ فإن تكبر المرأة عن فعل ذلك يوبق عليها دنياها وآخرتها، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَنظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها».
(8) الحرص على إرضاء زوجها ما استطاعت لذلك سبيلا؛ فالزوجة الصالحة الحريصة على إرضاء ربها وتأدية حقه يجب أن تعلم أن مِن شروط قبول عملها عند ربها رضا زوجها كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ولا تؤدِّي المرأة حق الله -عز وجل- حتى تؤدِّي حق زوجها كله»، وكما قال - صلى الله عليه وسلم أيضا محذِّرًا لها-: «اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما: عبد آبق من مواليه حتى يرجع، وامرأة عصتْ زوجها حتى ترجع».
زوجك هو باب لك إلى الجنة
فيا أُخيتي ويا ابنتي، اعلمي أن زوجك هو باب لك إلى الجنة، فلا تغليقيه على نفسك بوضع رأسك برأسه وصوتك أمام صوته في ندية بغيضة؛ فإن هذا من أعظم ما يتسبب في كره الرجل لزوجته؛ فكوني زوجة ذكية تسعى في رضا ربها وتحقيق مصالحها ومصالح أولادها، بحسن خلقها وهدوء طبعها، وخفض صوتها وحسن دلالها وضبط رد فعلها؛ فتلك هي أسلحتها التي لا تخيب.
لاتوجد تعليقات