رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: فضيلة د. عبدالله بن إبراهيم اللحيدان 29 مارس، 2015 0 تعليق

الرعاية اللاحقة للمسلم الجديد

 

رعاية المسلم الجديد من أوَّليات الدعوة، ومن يستقرئ المنهج النبوي في الدعوة يدركْ ذلك، فلم يكن المسلم الجديد بمعزل عن أولياتها، فتأثيره الواضح في مجتمعه لا يخفى بأدنى تأمل، كما أن تأثُّره بواقع المجتمع، أو عدم فهمه لبعض تطبيقات الإسلام قد يحرف مسارَه عن الإسلام، وفي كثير من بلدان المسلمين – ولا سيما دول الخليج – يقيم المسلمُ الجديد فيها بصفة مؤقتة، يزاول عملاً أو مهنة لتوفر فرص العمل، ثم يعود بعدها إلى بلده.

      فما البرامج الدعوية المقدمة للمسلمين الجدد بعد عودتهم؟ وهل يحظَون بالرعاية اللاحقة؟ وما مدى نشر الوعي بين أفراد المجتمع الذي يعيشون فيه بعد إسلامهم؟ وما مدى تطبيق المجتمع واحتوائه للمسلم الجديد والتواصل معه بعد عودته إلى بلاده؟

     يذكر أحد الإخوة أنه ذهب إلى إحدى الدول الغربية لتعلم اللغة، ومكث عند إحدى العائلات أشهراً عدة، ثم عاد إلى المملكة، وبعد عودته بفترة وقعتْ حادثة التفجير الأولى في الرياض، فما كان من تلك العائلة إلا أن بادرتْ بالسؤال عنه والاطمئنان عليه عبر بريده.

     إن المشاعر لا تكلف شيئًا كثيرًا، وهي تساهم كثيرًا في تثبيت المسلم الجديد، وكثير من المسلمين الجدد من بلدان شرق آسيا وجنوبها، وتحدث في تلك البلدان بعض الكوارث والحوادث، فما حجم قيام الدعاة ومن يعرفون المسلمَ الجديد بواجبهم في تلك الحال؟

     إن المسلمين الجدد في أنحاء العالم ينتظرون كثيرًا من الدعاة إلى الله في القيام بواجبهم تجاههم، وينتظرون كثيرًا من البرامج والخطط من المؤسسات الدعوية، ولا يعني ذلك غياب الجهود؛ بل هناك جهود واضحة، ومؤسسات مستقلة، كالهيئة العالمية للمسلمين الجدد، وهي هيئة عالمية خيرية ذات صفة اعتبارية منبثقة عن رابطة العالم الإسلامي، تُعنى برعاية المسلمين الجدد، كما تعنى بالتنسيق بين الجمعيات والمؤسسات الإسلامية في مجال عمل الهيئة في جميع أنحاء العالم، ومقر هذه الهيئة في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، وهناك مؤسسات وهيئات أخرى، ولكن مع تزايد أعداد المسلمين الجدد وأهمية رعايتهم، فإن الأمر يتطلَّب جهودًا أكبر وأعم.

      وفي بعض البلدان غير الإسلامية – ولاسيما الدول الفقيرة – قد يدخل في الإسلام جماعاتٌ أو قبائلُ، وهذا يتطلَّب جهودًا متواصلة، ودعمًا أكبر في تقديم برامجَ دعويةٍ تسهم في تثبيت هؤلاء على الإسلام، لا أن يكون الأمر متوقفًا على جهود فردية محدودة، مع بركة هذه الجهود ولله الحمد.

 وإن المسائل والمشكلات والقضايا المتعلقة بالمسلم الجديد لا تنتهي عند حد، وهي بحاجة ماسة إلى مزيد من الدراسات والأبحاث العلمية.

      ولا ننسَى جهود بعض الأقسام العلمية في الجامعات التي أسهمت في خدمة البحث العلمي عن المسلم الجديد، فهناك رسالة علمية عن الدعوة إلى الله بين المسلمين الجدد في مدينة الرياض قُدِّمت لقسم الدعوة بجامعة الإمام، وقد خلصت إلى جملة من النتائج، من أهمها ضعف الدور الإعلامي في توعية المجتمع بواجبه تجاه المسلم الجديد في بلدان المسلمين، وموضوع المسلم الجديد واسع، وبحاجة إلى دراسات عديدة تعنى بالوقوف على واقعه واحتياجاته ومشكلاته وصفًا وتحليلاً وتقويمًا.

      وعودًا على بدء، فإن الرعاية اللاحقة للمسلم الجديد بحاجة ماسة إلى دراسات علمية تقف على واقعه واحتياجاته، وينبغي لنا الاستفادة من الباحثين والمختصين في ذلك للوقوف على واقع المسلمين الجدد بعد عودتهم إلى بلدانهم، واقتراح البرامج الممكنة لرعايتهم والتواصل معهم، والله الموفق للصواب، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك