رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 16 ديسمبر، 2020 0 تعليق

الرشوة الانتخابية هدم للمجتمع وخيانة للأمانة وتضييع للحقوق


الرشوة الانتخابية هي الفائدة أو العطية أو الهبة أو الوعد الذي يكون الغرض منه الإخلال بحق الانتخاب؛ من حيث التلاعب بإرادة الناخبين من مواقفهم وبرنامجهم الانتخابي، وبفرص فوزهم بطريقة غير مشروعة، وبحرية التصويت؛ من حيث التأثير على إرادة الناخب لحمله على انتخاب مرشح معين، أو الامتناع عن التصويت لمرشح آخر بما يشكل إخلالا بالعملية الانتخابية.

     ولا شك أن سيطرة المال على مقدرات العملية الانتخابية وعلى أطرافها كافة هي آفة بالغة الخطورة والجسامة على سلامة التمثيل النيابي للأمة، وعلى مصداقية تعبير أفرادها عن إرادتهم، فلم يعد المال أمرًا حيويًّا لإدارة الحملات الانتخابية من جانب تمويل نفقاتها، وإنما أصبح سلاحًا خطيرًا للتأثير وسلب إرادة الناخبين.

ولم يعد الأمر يقتصر على التأثير على إرادة الناخب فحسب، وإنما يتجاوز ذلك التأثير على الحياة النيابية بأسرها.

جرائم عدة في آن واحد

     وفي هذا السياق أكد الشيخ ناظم المسباح في إحدى خطبة على ذم هذه الوسيلة القبيحة وتجريم الشريعة لها فقال: إن من يرتكبون الرشوة وشراء الأصوات إنما يرتكبون جرائم عدة في آن واحد، فهم من جانب ارتكابهم جريمة الرشوة، يرتكبون جريمة الرشوة والتزوير، بتقديم من لا يستحق التقديم ليعالج مشكلات الوطن وقضاياه التي هي أكبر من قدراته فيضر بذلك الجميع، ويؤثر على أدائه، ويؤخر الجوانب الإيمانية فيه عن النمو، لا لشيء إلا حبا للذات والأثرة والأنانية التي تقدم هوى شخص في منصب على مصلحة؛ فكل مسؤول عن شهادته أمام الله.

تهدم المجتمع

     من جهته أكد الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف الشيخ رائد الحزيمي أن الرشوة من الآفات التي تهدم المجتمع، وتفسد الافراد وتضيع الحقوق، ويعظم خطرها إذا كان الأمر يتعلق بالمجتمع والدولة، ومن فسادها أن يوسد الأمر لغير أهله، ومنع وصول المصلح، وأنها خيانة وغش للأمة، كذلك فهي تدخل في باب خيانة الأمانة للمجتمع وولي الأمر، كما أن فاعلها يستحق اللعنة والطرد من رحمة الله، وكذلك فيها إفساد للذمم والأخلاق، وفيها أيضًا حرمان للمجتمع من الإصلاح، وانعدام الثقة بين أفراده.

تساؤلات عدة

     أما د. راشد العليمي فتساءل تساؤلات عدة مستنكرًا هذه الجريمة قائلاً: ‏من جاء لمصلحة بعض الناس هل سيقدم قوانين تنفع العامة؟ ومن ينفق المليون للانتخابات كيف سيرجع المبالغ بعد الفوز؟ ومن يبيح لنفسه تقديم الرشوة، هل سيقدم قوانين ضد الحرام؟ ‏ومن يركض لإنجاز المعاملات هل سيكون متفرغا لعلاج المشكلات؟. ثم ختم تصريحه بوصف الرشوة على أنها من التعاون على الإثم والعدوان، مستدلاً بقول الله -تعالى-: ‏{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.

دمار للمجتمع وخيانة للأمانة

     من جهته قال الأستاذ بكلية الشريعة د. محمد ضاوي العصيمي: إن الرشوة دمار للمجتمع وخيانة للأمانة، وقتل لكرامة الإنسان وعزته، واسترقاق لحريته، وذل ومهانة بعد عزة وكرامة، فالراشي والمرتشي ملعونان، وكلاهما متوعد بالنار والطرد من رحمة الله -تعالى-، وإلا فكيف يقبل إنسان كرمه الله -تعالى- أن يبيع نفسه؟ ألم يفكر هذا الإنسان بشؤم هذا الأمر ووقع هذا الخطر؟ ماذا نتوقع من إنسان يشتري ذمم الناس؟ ويبذل الأموال الطائلة لجني الأصوات؟ هل يتوقع من هذا صلاحا وإصلاحا؟ هل يتوقع من هذا أن يشتغل بحل مشكلات الناس ومتابعة همومهم؟ أم سيهتم بتعويض ما بذل في الرشوة، والحرص على زيادة أرصدته وتكثير أمواله، وتنمية مداخله، وقد مكنه من ذلك سفيه غرر به بمبلغ من المال.

على المرتشي أن يتوب إلى الله

     وفي هذا السياق أكد الأستاذ بكلية الشريعة جامعة الكويت د.مطلق الجاسر على أن الخدمات المادية التي يقدمها المرشح للناخب من أجل التصويت له تعد «رشوة»، وعلى المرتشي أن يتوب إلى الله، ويكفر كفارة اليمين، ويحرم عليه التصويت للمرشح ذاته، وعليه كذلك أن يتصدق بالمال على الفقراء والمساكين.

الالتفاف على الرشوة

     ثم بين أن بعض المرشّحين يعمد إلى الالتفاف على الرشوة، وشراء الأصوات من خلال ما يسميه عقد عمل في الحملة الانتخابية؛ بحيث يوظّف عنده أشخاصًا بمقابل مادي، ويشترط عليهم التصويت له، ويُلزمهم بذلك، وقد يُحلّفهم على ذلك، فهذا الإلزام بالتصويت له داخل في شراء الأصوات، وهو من الرشوة المحرمة.

 

حكم من أراد أن يتوب مما كسبه من مال للإدلاء بصوته فماذا يفعل؟

- جاء في سؤال موجه للجنة الشرعية بقطاع الإفتاء بالكويت: إذا أراد الناخب أن يتوب مما كسبه من مال للإدلاء بصوته فماذا يفعل؟

- فأجابت: على الناخب أن يتوب إلى الله، وأن يخرج هذا المال الخبيث الذي أخذه لبيع صوته إلى صاحبه، فإن لم يتمكن من ذلك فليضعه في شيء من وجوه الخير.

 

حكم إعطاء الناخب مالا للتصويت باسم مرشح معين

- سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن الرشوة الانتخابية في الفتوى رقم ‏(‏7245‏)‏ عن حكم إعطاء الناخب مالا من المرشح من أجل أن يصوت باسمه وعقوبة ذلك، فأجابت بالآتي:

- إعطاء الناخب مالا من المرشح من أجل أن يصوت باسمه نوع من الرشوة، وهي محرمة‏‏.‏

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك


X