رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 25 يوليو، 2019 0 تعليق

الذين أُخرِجوا من ديارهم بغير حق

 

-  قال الله -تعالى-: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ}، وهذا ما جرى لأهل فلسطين؛ حيث خرجوا من ديارهم بغير حق، وأتى جيش محتل فطرد بعض هذا الشعب تحت مآسي القتل والتعذيب والاحتلال والمصادرة للأراضي بقوة السلاح، فحقهم الثابت والباقي أن يعودوا لديارهم وأوطانهم.

- إن ملايين اللاجئين في العالم عادوا إلى أوطانهم باستثناء الفلسطينيين، الذين يمثلون حوالي ثلث تعداد اللاجئين في العالم؛ ولهذا فإنَّ عودة أولئك اللاجئين لأراضيهم وديارهم التي كانوا يعيشون فيها ويتفيئوا ظلالها ويأكلوا من خيراتها حق شرعي ومطلب عقائدي، بل حتى القوانين والمواثيق الدولية تؤكد عليه؛ فلماذا يريد أولئك الذين يزايدون على القضية الفلسطينية أن يقبل اللاجئون التعويض المالي ويبقوا مقيمين في ملاجئ الشتات؟!!.

- لقد انعقد في القدس يوم 20/10/1353هـ اجتماع كبير لعلماء فلسطين ودعاتها من مفتين وقضاة ومدرسين وخطباء، وأصدروا بالإجماع فتوى بخصوص بيع الأراضي في فلسطين لليهود، وأنَّ ذلك البيع يحقق المقاصد الصهيونيَّة في تهويد هذه البلاد الإسلاميَّة المقدَّسة وإخراجها من أيدي أهلها وإجلائهم عنها، وتعفية أثر الإسلام بخراب المساجد والمقدَّسات الإسلاميَّة، كما وقع في القرى التي بيعت لليهود، وأُخرج أهلها متشردين في الأرض؛ فقد اتَّفقوا على أنَّ البائع والسمسار والوسيط في بيع الأراضي بفلسطين لليهود عاملٌ ومظاهِرٌ على إخراج المسلمين من ديارهم، وأنَّه مانعٌ لمساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وساعٍ في خرابها، وهو كذلك متخذ اليهود أولياء؛ لأنَّ عمله يعدُّ مساعدة ونصراً لهم على المسلمين ومؤذٍ لله ولرسوله وللمؤمنين، وخائن لله ولرسوله وللأمانة.

- ثمَّ أوضحوا أنَّ أولئك الباعة والسماسرة والوسطاء في بيع أراضي فلسطين لليهود: «كل أولئك ينبغي ألاَّ يصلَّى عليهم ولا يدفنوا في مقابر المسلمين، ويجب نبذهم ومقاطعتهم واحتقار شأنهم وعدم التودد إليهم والتقرب منهم، ولو كانوا آباء أو أبناء أو إخواناً أو أزواجاً، وأنَّ السكوت عن أعمال هؤلاء والرضا بها مما يحرم قطعياً».

- نقول هذا لأننا ندرك مآلات خطورة هذا البيع؛ فبيع المسلم لأرضه يؤدي في النهاية إلى امتلاك المحتلين أراضي المسلمين شيئاً فشيئاً، وينعكس هذا على كثرة وجود المحتل المغتصب، وتصير لهم الأغلبيَّة.

- ولهذا فلا يسقط حق العودة، ولا يحل التنازل عن شيء من هذه الأرض سواء تحت بند اتفاقية أو كتابة وثيقة أو معاهدة تقضي بتعويض اللاجئين؛ فكل هذا لا يرضي أهل فلسطين الصابرين الصادقين؛ فأرض فلسطين أرض وقفيَّة إسلامية خراجيَّة، والوقف لا يجوز التصرف فيه حتى من الحاكم إلاَّ بما يوافق الشرع الرباني، بل لو تنازل عنها الفلسطينيون جميعاً -ولن يكون هذا بإذن الله- فإنَّه يلزم أهل الأرض أن يستردوها ولا يبقوها لكيان مغتصب.

- وليس أمام هؤلاء اللاجئين إلا الصبر والثبات على المواقف، وعدم نسيان الحقوق الشرعيَّة، وتحكيم شرع الله -تعالى- فيما بينهم، ومعرفة أنَّه ما وقع بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة كما قال العباس بن عبد المطلب، وإنَّ من أعظم النكبات أن يكون اللاجئون الفلسطينيون بعيدين عن ربهم، غير متمسكين بهذا الدين، فهي أعظم نكبة على أهل فلسطين حين ذلك، وحين يتمسك الفلسطينيون اللاجئون بربهم وبدينهم، فإنَّ هذا سينعكس بالطبع على تمسكهم بحقوقهم وثوابتهم، والله -تعالى- يقول: {إنَّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين} فمن اتقَّى الله -تعالى- كان الله معه -سبحانه وتعالى- فكونوا من المتقين لكي يورثكم الله -تعالى- أرضكم.

لندن 22/7/2019م

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك