رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 7 يوليو، 2014 0 تعليق

الدعاء في رمضان عبادة عظيمة


     لا شك أن شأن الدعاء عظيم، ونفعه عميم، ومكانته عالية في الدين، فما استجلبت النعم ولا استدفعت النقم إلاّ بمثله، ذلك أنه يتضمن توحيد الله، وإفراده بالعبادة دون سواه، وهذا رأس الأمر، وأصل الدين. وإن شهرَ رمضانَ لفرصةٌ سانحة، ومناسبة كريمة مباركة يتقرب فيها العبد إلى ربه بسائر القربات، وعلى رأسها الدعاء؛ ذلكم أن مواطن الدعاء، ومظانَّ الإجابة تكثر في هذا الشهر؛ فلا غَرْوَ أن يُكْثِر المسلمون فيه من الدعاء.

ولعل هذا هو السر في ختم آيات الصيام بالحثّ على الدعاء، حيث يقول ربنا-عز وجل-: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.

والدعاء هو أن يطلبَ الداعي ما ينفعُه وما يكشف ضُرَّه؛ وحقيقته إظهار الافتقار إلى الله، والتبرؤ من الحول والقوة، وهو سمةُ العبوديةِ، واستشعارُ الذلةِ البشرية، وفيه معنى الثناءِ على الله -عز وجل- وإضافةِ الجود والكرم إليه.

     وللدعاء فضائل عظيمة وقد أمر الله تعالى عباده بالتوجه إليه، ودعائه والتضرع إليه، وجعل من لم تستقم نفسه إلى التوجه إلى الله والتضرع إليه من المستكبرين عن هذه العبادة العظيمة، كما قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(غافر:60)، وقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}(البقرة:186)، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «الدعاء هو العبادة قال ربكم : ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» ، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «إن ربكم -تبارك وتعالى- حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا»، عن عبادة بن الصامت قال: قال عليه الصلاة والسلام: «ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم»، فقال رجل من القوم: إذا نكثر؟ قال: «الله أكثر».

     وروى مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل». قيل: يا رسول الله وما الاستعجال؟ قال: «يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أرَ يستجاب لي! فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء» وقال صلى الله عليه وسلم : «القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله -أيها الناس- فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإنه لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل».

     ولا شك أن ذكره تعالى هذه الآية الكريمة الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول: بعزتي لأنصرنكِ ولو بعد حين».

 ولهذه العبادة العظيمة آداب يجب أن تراعى منها: أن يخلص العبد في دعائه لله -تعالى- فلا يدعو معه أحداً بل يدعوه وحده لا شريك له كما أمر الله بذلك.

     ومنها: دعاء الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا والثناء عليه وحمده كما قال -تعالى-: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا. ثم بعد ذلك الصلاة على خاتم الرسل -صلى الله عليه وسلم - فإن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - قال: كل دعاء موقوف بين السماء والأرض حتى يصلى فيه على النبي -صلى الله عليه وسلم -.

 ومنها:  الدعاء بالخير والبعد عن الإثم وقطيعة الرحم والاستعجال.

ومنها حسن الظن بالله -تعالى- فإن الله يجيب دعوة الداعي إذا دعاه قال -صلى الله عليه وسلم -: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة».

إن للدعاء أهمية عظيمة، فهو قمة الإيمان، وسرّ المناجاة بين العبد وربه، والدعاء سهم من سهام الله، ودعاء السَّحَر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها، راغبة فيما عنده، لم يكن لها دون عرش الله مكان.

اللهم اجعل هذا الشهر شاهداً علينا بالحسنات لا شاهداً علينا بالسيئات، اللهم ما من دعوة دعوناك بها إلا استجبتها برحمتك يا أرحم الرحمين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك