رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 25 مارس، 2021 0 تعليق

الخلق الحسن قوام المرأة المسلمة

 

 

اعلمي أختي الكريمة أن الخلق الحسن هو قوام حياتك، وعليه مدار سعادتك، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لمن جاء يسأل عن البر فقال له - صلى الله عليه وسلم -: «البر حسن الخلق» (رواه مسلم). وقال - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن أكثر ما يدخل الجنة فقال: «تقوى الله -تعالى- وحسن الخلق» (رواه الترمذي). وإليكِ جملة صالحة من تلك الأخلاق.

(1) الصبر

     وهو أن تحبسي نفسك على الطاعات، وفعل الخيرات بلا ضجر ولا ملل، كما تحبسينها بعيدة عن المعاصي وعن كل خلق سيء كالكذب والخيانة والغش والخسة، والكبر، والعجب، والبخل والشح، وإظهار عدم الرضا بحكم الله، ومجاري أقداره في عباده.

(2) الصفح والإعراض

     وذلك بأن تعرضي عن كل ما تسمعين من لغو وكلمات مؤذية، فلا تردي على السيئة بالسيئة، ولكن بالكلمة الطيبة، قابلي الجفاء والغلظة بالرحمة واللين، وإن علت الأصوات من حولك اخفضي صوتك، وإن قبحت الكلمات جملي لفظك، بهذا تملكين القلوب، وتظفرين بالود، قال -تعالى-:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف:199) وقال -تعالى- لرسوله - صلى الله عليه وسلم - { فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (الزخرف: 89).

(3)  الحياء والاحتشام

     ألزمي نفسك بهذا الخلق فإنه أخو الإيمان، وجماع البر والإحسان، فاستحيي من الله -تعالى- حق الحياء، فلا يرينك في موطن يكرهه، ولا تنطقي بالفحش، ولا تعملي عملا، أو تقولي قولا يجانب الحشمة والحياء، فالحياء كله خير، ولا يأتي إلا بالخير، حسني كلماتك، وغضي بصرك، وأطيلي ثيابك، ولا تكشفي رأسك، فلا يفارقك خمارك، ولا عجارك إلا إذا خلوت بزوجك في عقر دارك.

(4)  كوني سخية

     فلا تبخلي بفضل طعام، أو شراب، أو كساء، أو دواء، ابذلي المعروف، وتصدقي من مال زوجك بعد إذنه فتشاطريه الأجر والمثوبة، وأحسني إلى جارتك كما تحسنين إلى أقاربك، واعلمي أن الله -تعالى- مع المحسنين، وعليك بالإيثار، فإن الإيثار من أخلاق الصالحين، وصفات الصديقين قال -تعالى-:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر: 9).

 

اجتنبا الكلمات الحادة والعبارات العنيفة

على الزوجين تجنب الكلمات الحادة، والعبارات العنيفة، والكلمات غير الموزونة والمحسوبة، صدى يتردد باستمرار حتى بعد انتهاء الخلاف، علاوة على الصدمات والجروح العاطفية التي تتراكم في النفوس، لهذا ينبغي البعد عن الكلام الفاحش، والحط من النسب أو الجاه أو المكانة، أو سب الأسرة والأهل والأقارب أو حتى الكلمات القاسية الجارحة المهينة، أو الإشارة لعيوب ونقائص الطرف الآخر حتى لو كانت صحيحة.

 

رسالة إلى الآباء والأمهات

     أولادنا يكبرون جسماً، ويصغرون ديناً، يأكلون طعاماً، ويجوعون حُبَّا، الزمان الآن لم يعد كسابقه، ففي اليوم الذي تغفل فيه عن ولدك، يهجم على عقله ألف فكرة خطأ، وعلى عينيه ألف ألف مقطع سيئ، وعلى وقته ألف ألف شاغلٍ وشاغل بالشر عن الخير، فكيف بمن يغيبون شهوراً وسنين دون نصيحة، أو جلسة تربية وإرشاد ؟!

أيها الآباء والأمهات، لا حاجة لأولادكم في الثوب الجديد، أو المصروف الكبير، أو الميراث الوفير، إذا لم تؤسسه بحضورك على حب الله ومراقبته، وتكتشف مواطن الخير فيه، فتتعاهدها وتنميها، وتعرف مكامن الشرِّ في نفسه فتنتزعها وتنقيها.

     أيها الآباء والأمهات، لا تعتذروا بضيق أوقاتكم، فتكونوا كمن يضحك على نفسه، فقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يفتحون العالم، ثم يعودون إلى أولادهم فيفتحون قلوبهم، ويُحسِنون تربيتهم، ويورثونهم دينهم وأخلاقهم، ولا تعتذروا بوجود أحدكما فقط، فللرجال بصمات، وللنساء لمسات، ولا غنى للولد عن كليهما، ولا تعتذروا بالسعي على أرزاقهم، فبئس الرزق ذلك الذي يقدم للأمّة أجساماً معلوفة، وأخلاقًا مهلهلةً ضعيفة.

الزمان الآن زمان صعب، وأولادنا والله مساكين، يحتاجون أضعاف أضعاف ما كنا نأخذ في مثل أعمارهم، مع فرق الفتن والمغريات التي بين جيلنا وجيلهم.

     عودوا إلى بيوتكم، واشبعوا حُبَّاً وضمَّاً وقُرباً من أولادكم، العبوا معهم، وقُصّوا عليهم قصصاً تُنمّي فيهم الفضائل، واستمعوا كثيراً إليهم، اتركوا من أجلهم هواتفكم، وتفرغوا من أجل هؤلاء الأبرياء عن بعض مشاغلكم، أوقفوا الدنيا كلها من أجل فلذات أكبادكم، فدعاء أحد الصالحين أو الصالحات منهم لك بعد موتك من قلبه قائلاً: { ربِّ اغفر لي ولوالدي }، هي خير لك من كل الدنيا التي شغلتك عنهم.

 

أَمَةُ الواحد بنت إسماعيل الفقيهة وعالمة الرياضيات

للمرأة المسلمة دور مشهود في النهضة الأولى في العلوم الشرعية والعلوم التجريبية، فلا أحد يُنكر فضل المسلمين في مجال علم الرياضيات؛ فقد سجَّل علماء الإسلام ابتكارات رياضيَّة مهمَّة في حقول الحساب والجبر والمثلثات والهندسة، والإنجازات التي قدَّمها العرب والمسلمون لهذا العلم كثيرة، أثارت إعجاب علماء الغرب ودهشتهم، وتعد أمة الواحد بنت إسماعيل من النساء المسلمات اللواتي كنَّ لهنَّ إسهامات في علم الرياضيات، فضلاً عن دورها الفقهي في توعية أبناء جيلها.

نسبها وولادتها

     وأمة الواحد هي العالمة، الفقيهة، والمفتية، وعالمة الرياضيات، بنت القاضي أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد الضبي المحاملي البغدادية. واسمها سُتَيْتَة، وكنيتها أمة الواحد، ولم تذكر المصادر تاريخ ولادتها، ولكن يبدو أنَّها وُلِدت في بغداد في بدايات القرن الرابع الهجري الموافق العاشر الميلادي. وهي تُـنـسب إلى أسرة المَحَامِلي، وهي أسرةٌ اشتهرت بتفوُّقها العلمي، وقد تألَّقت وعلا شأنها، وذاع صيتها، وسجَّـل التاريخ أخبارهـا وسيرتها ومسيرتها في رحلة التعليم الطويلة؛ إذ أسهمت هذه الأسرة في بـثِّ الوعي الديني، ونشر العلم الشرعي وتبليغه، وجدها هو إسماعـيل الضبي محدِّث بغداد، سمع قديمًا من بعض أصحاب مالك، وهي أمُّ القاضي أبي الحسين محمد بن أحمد ابن القاسم بن إسماعيل المحاملي، وحفيدها القاضي أبو الحسن المحاملي صاحب كتاب (اللُّباب في الفقه الشافعي).

تلقيها للعلم

تلقَّت أمة الواحد بنت المحاملي علوم عصرها على عددٍ كبيرٍ من علماء المسلمين، ومنهم والدها، وإسماعيل بن العباس الوراق، وعبد الغافر بن سلامة الحمصي، وأبو الحسن المصري، وحمزة الهاشمي الإمام، وغيرهم. وروى عنها الحسن بن محمد الخلال.

أول من ترجم لها

     ويُعدُّ الخطيب البغدادي أوَّل من ترجم لها ترجمةً واضحة، ومنه استقى من جاء بعده عن ستيتة، قال الخطيب في تاريخه: «اسمها سُتَيْتَة، وهي أم القاضي أبي الحسين مُحمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل المحاملي، وكانت فاضلة عالِمة من أحفظ الناس للفقه على مذهب الشافعي». ويقول: «وحفظت القرآن والفقه على مذهب الشافعي، والفرائض وحسابها والدور، والنحو وغير ذلك من العلوم».

ترجمة الإمام الذهبي لها

     أمَّا الإمام الذهبي رحمه الله فعندما ترجم لأمة الواحد بنت المحاملي في كتابه سير أعلام النبلاء قال: «بنْت المحاملي، العالِمة، الفقِيهة، المفتيَة، أمة الواحد بنت الحسين بنِ إسماعيل، تفقَّهت بأبيها، وروت عنه، وعن إسماعِيل الورَّاق، وعبد الغافر الحمصِي، وحفظت القرآن، وَالفقه للشافعي، وأتقنت الفرائِض (علم المواريث)، ومسائل الدور، والعربية وغير ذلك».

ترجمة ابن الجوزي لها

     وقال ابن الجوزي في المنتظم: «وكانت فاضلة عالمة من أحفظ الناس للفقه على مذهب الشافعي». أمَّا الزركلي المعاصر صاحب كتاب (الأعلام) فيقول عنها: «فاضلة، عالمة بالفقه والفرائض، حاسبة، من أهل بغداد، كانت من أحفظ الناس للفقه على مذهب الشافعي، وكانت تفتي».

وفاتها

تُوفيت أمة الواحد ستيتة المحاملي رحمها الله في شهر رمضان سنة 377هـ الموافق987م، رحمها الله -تعالى- رحمة واسعة، وأسكنها الفردوس الأعلى من الجنة.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك