رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 30 ديسمبر، 2013 0 تعليق

الخطاب الإعلامي الصهيوني 2- الخطاب الإعلامي الصهيوني من مصادره الدينية

رابعاً: المصطلحات والمسميات الدينية وتسللها إلى الإعلام العالمي: مجالات التحريف والتزييف التي تمارسه المؤسسات الدينية حول الصراع على فلسطين والقدس متعددة الجوانب، ومتشعبة الاتجاهات، ومن أهم تلك الاتجاهات المسميات والمصطلحات التي يستخدمها الحاخامات والجماعات الدينية اليهودية للمراوغة والتضليل؛ ولا سيما بما يتعلق بالقدس والمسجد الأقصى، فقد استبدل بالكثير من المسميات والعبارات مصطلحات مسموعة شاعت بين الناس، واعتادتها الأسماع، وكررتها الألسن، ورسخت في الأذهان خلال مسيرة الصراع مع الصهاينة.

     فلم يكتفوا بالأكاذيب والشبهات وإشاعة الأساطير؛ من أجل التهوين من مكانة المسجد الأقصى والقدس عند المسلمين؛ فنحتوا المصطلحات التي تغيب العلاقة بين القدس وتاريخها الإسلامي.

     وقد أجاد اليهود في نشرها وعولمتها في العالم أجمع لتصبح حقائق ومُسلمات لا مجال لإنكارها، أو التشكيك فيها في ظل سياسة التهويد الشاملة التي ينتهجها اليهود وأعوانهم لتكريس الاحتلال اليهودي على أرض فلسطين.

     ومن أمثلة ما تم تحريفه وتغييره من مسميات ومصطلحات: (حائط البراق) الذي هو لا شك جزء من المسجد الأقصى المبارك بأدلة شرعنا وبتاريخنا، وكذلك بالقانون الدولي حين أقرت عصبة الأمم المتحدة بعد أحداث البراق في عام (1929م) بأن حائط البراق هو للمسلمين وحدهم، وتعود إليهم ملكية (الحائط الغربي)، وهو جزء لا يتجزأ من ساحة المسجد الأقصى المبارك التي هي من أملاك الوقف الإسلامي».

     أطلقوا عليه مسمى: (حائط المبكي)، والساحة التي أمامه -وكانت تسمى: حي المغاربة أسموها: ساحة المبكي؛ حيث زعموا أن حائط البراق هو الجزء المتبقي من المعبد المزعوم.

     وجبل بيت المقدس هو الهضبة المقام عليها المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة والأوقاف الإسلامية، ويشار إليها في بعض المراجع الإسلامية (بهضبة الحرم)، ويقال لها -أيضاً-: جبل موريا، وجبل بيت المقدس، ويزعم اليهود أن تلك البقعة قد شيد عليها الهيكلان الأول والثاني؛ فلهذا يدعون القداسة الخاصة لها، وأسموها: (جبل الهيكل)؛ ليتجنبوا تسمية البقعة التي عليها المسجد الأقصى بـ (جبل بيت المقدس) أو المسجد الأقصى؛ زعماً بأن لتلك البقعة جذوراً تاريخية يهودية!

     ومثال آخر: المسجد الأقصى؛ أسموه: هيكل سليمان، وكأن المسجد الأقصى قد بني على أنقاض المعبد المزعوم! فهم يدعون أن البقعة التي بني عليها المسجد الأقصى - وهي كل ما دار عليه السور- هي حدود (هيكل سليمان).

     وكذلك النجمة السداسية التي لا تمت لنبي الله داود؛ بأية صلة؛ أصبحت شعارا لليهود على أنها نجمة داود، والأحياء الإسلامية -كحارة الشرف، وحارة المغاربة- تطلق عليها نشرات الأخبار والتحاليل السياسية يوميّاً على أنها حارة اليهود، وفلسطين المحتلة أشاعوا أنها (يهوداً والسامرة والجليل)، والمجلس النيابي للكيان الصهيوني أضحى (الكنيست) لربطه بالمجلس الأكبر -الهيئة التشريعية لليهود في بداية عصر الهيكل الثاني-، وحرب عام (1967م)، أطلقوا عليها: حرب (الأيام الستة)؛ ليربطوا معاركهم بأسماء دينية؛ حيث يشبهونها بفعل نبي الله يوشع بن نون؛ عندما شن حرب ستة الأيام على أعدائه لفتح فلسطين، وكذلك أصبح يوم احتلال الجزء الأكبر من فلسطين في سنة (1948م) يوم إعلان استقلال (إسرائيل)؛ على أنها أرض يهودية أعلن استقلالها وتحررها من الغرباء!

     وحتى يضللوا بداية بني جلدتهم من اليهود أطلقوا على (صخرة بيت المقدس) مسمى: (قدس الأقداس)؛ حيث يزعمون بأن الصخرة وما حولها هي أقدس بقعة مع المعبد المزعوم، وحاخاماتهم على خلاف في تحديد مكانها؛ ولكن متفقون على تغيير المسميات، وإطلاق ما يربط الأماكن في المعتقدات اليهودية، والقدس أسموها: (مدينة داود)، وأصبح تاريخها منذ أن أقام بها أنبياء الله داود وسليمان، وأسقطوا بذلك (3000) سنة من تاريخها القديم، فيزعمون أن القدس لم تعرف إلا بعد داود؛ وبذلك يسقطون (2000) سنة؛ حيث يقدر تاريخ القدس بأكثر من (5000) سنة منذ أن سكنها (اليبوسيون) العرب؛ الذين هم بطن من الكنعانيين؛ الذين بنوا فيها مدينة عريقة وحضارة لا يمكن تجاهلها.

     والبلدة القديمة أسموها: الحوض المقدس؛ وهي المنطقة التي تقع داخل أسوار مدينة القدس القديمة؛ التي فيها المقدسات والأوقاف الإسلامية، وكذلك كنيسة القيامة، وأقرنوا هذا المسمى مع الدعوة لسيادة مشتركة على تلك البقعة؛ والتي تمثل البلدة القديمة لنـزع الصفة الإسلامية عنها، والاعتراف بأن لليهود مقدسات في البلدة القديمة، وجبل بيت المقدس، وأطلقوا مصطلح: (القدس الكبرى، والقدس الموحدة) للدلالة على شرقي القدس وغربيها؛ لتوسيع القدس، ولصُنْع هويةٍ للمدينة تنمحي معها معالمها وهويتها الإسلامية، وذلك لتغييب مصطلح (القدس العربية) أو (القدس الإسلامية).

     لا شك أن اليهود يعملون بخبث ومكر لنزع الصفة الإسلامية عن القدس كاملة؛ فادعوا المقدسات، وغيروا المعالم، وبدلوا المسميات، وهودوا التاريخ؛ وكأن كل المقدسات الإسلامية هي مقدسات يهودية الأصل، وأن المسلمين دخلاء على تلك الأرض!

     وهذا ما أكده شارون -رئيس الوزراء الصهيوني السابق- حين سئل: هل زيارته للمسجد الأقصى هي السبب في انتفاضة الأقصى؟ أجاب بأنه زار جبل الهيكل، ولم يزر المسجد الأقصى.

     ولم يقتصر الأمر على سك المصطلحات، فقد قامت سلطة بلدية القدس، ووزارة السياحة التابعة للاحتلال الصهيوني- على استبدال الكثير من أسماء الشوارع، والأحياء، والأماكن، والمنشآت الإسلامية والتاريخية في القدس.

     حيث أبدلت بأسماء عبرية؛ لتكون في إطار سياسة التهويد، فـ(باب الخليل) أطلقوا عليه: (عودة صهيون)، و(تل المشارف) أسموه: (موشي حاييم شابير)؛ و(طريق البراق) -الواقع داخل السور- بدلوه إلى (يهودا هاليفي)، و(باب المغاربة) أضحى (رحوب بيت محسي)، و(حارة الشرف)
-تلك الحارة الوقفية؛ التي هدموها حينما أحكموا سيطرتهم على القدس عام (1967م)- بدلوا اسمها -بعدما طمسوا رسمها- إلى مسمى: (بسفات لمدخ)، و(هضبة الشيخ جراح) إلى (حي أشكول)، و(المتحف الفلسطيني) إلى (متحف روكفلر)، و(مطار القدس) إلى (مطار عطاروت).

فقد طال التزوير كل ما هو إسلامي وعربي في بيت المقدس، والأسماء نالها من التزييف والتحريف ما يندى له الجبين!ونجحت الحركة الصهيونية والكيان الغاصب في (عَبْرَنة) أكثر من (7000) اسم لمواقع فلسطينية، منها أكثر من (5000) موقع جغرافي، ومئات عدة من الأسماء التاريخية، وأكثر من (1000) اسم لمغتصبة يهودية.

خامساً: يهودية الدولة...في الخطاب الإعلامي الصهيوني:

من أقوال (إيهود أولمرت) – رئيس الوزراء الأسبق للكيان الصهيوني - في أواخر عام 2007 م!

«كل من لا يعترف بأن إسرائيل هي «دولة يهودية» لا يمكنه التفاوض معنا»

     وقد صادق الكنيست الصهيوني في 27/5/2009 على قانون السجن لمدة عام لمن لا يعترف بيهودية الدولة من فلسطيني المناطق التي احتلت في عام 1948م، ويمنع فلسطيني 48 من إحياء ذكرى النكبة؛ حيث صوت لها أحزاب اليمين واليمين المتطرف أصحاب الأغلبية في البرلمان العبري (الكنيست).

     ذلك المصطلح الذي أطلقه أرباب الخطاب الديني الحاخامي، الذي يفترض وحدة اليهود في العالم، وأن هذه الدولة دولتهم التي تعبر عن إرادتهم وتطلعاتهم؛ طمعاً من اليمين الديني وحاخامات اليهود وأتباعهم إلى إسقاط الحق الديني والتاريخي للمسلمين بفلسطين، وزعم أن هذا الحق لهم وبمقتضاه أقيمت دولة يهودية دينيه مفتوحة لكل يهود العالم!

     وهذا كذب محض، فما استطاع الكيان الصهيوني أن يستقطب أكثر من 25٪ من يهود العالم من إعلان تأسيسه إلى الآن، بل يعاني من الهجرة العكسية والطبقية والتمييز العنصري بين (الأشكناز والسفارديم ويهود الفلاشا)؛ ومن الطرافة أن يدعي هذا الكيان بأنه دولة يهودية وهو لم يصل إلى الآن إلى تعريف لليهودي!

     وتعميم مصطلح يهودية الدولة هو الشعار الأنجع لإنهاء حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم، وتصفية الأساس القانوني لهذا الحق، وشطب القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11/12/1948، والداعي إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين في أقرب فرصة ممكنة، والتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم جراء اللجوء القسري.

سادساً: التناغم والتآلف بين الخطاب الحاخامي والإعلام الرسمي:

     في السنوات الخمس الأخيرة أخذت تصريحات المسؤولين في الكيان اليهودي منحنى خطيراً، فأضحت مؤتمرات وندوات تعقد بتنظيم المجموعات اليهودية تتحدث عن إزالة المسجد الأقصى، بل عن تنظيم إقامة الشعائر اليهودية داخل المسجد الأقصى.

     ونشهد الآن ممارسات عملية برعاية رسمية، فقد أضحت ساحات المسجد الأقصى أماكن مباحة لدخول اليهود بكل أطيافهم، وممارسة طقوسهم بملابس خدم الهيكل المزعوم، في إشارة واضحة لمدى وصول مخططات الاحتلال، وتأتي هذه الممارسات لتكريس احتلال القدس والتأكيد على أنها عاصمة دولة الاحتلال بشقيها الغربي والشرقي، وعدم الالتفات إلى القرارات الدولية واتفاقات السلام التي تعد شرقي القدس مناطق محتلة.

     وما الفرق بين تصريح المفوض العام لشرطة الاحتلال (يوحنان دانينو)، بشأن السماح لليهود بدخول المسجد الأقصى المبارك بصفته ساحات (جبل الهيكل)، وأضاف: «كل يهودي يريد أن يصلي في جبل الهيكل (المسجد الأقصى) ويريد أن يصل إليه، يجب أن نضمن له هذا الحق، وضمن الأوقات المحددة لذلك». وبين تصريحات حاخامات اليهود.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك