الحمـد لله
(الحمد) نقيض الذم، فهو المدح والثناء، و(أحمد) الرجلُ: فعل ما يحمد عليه، و(أحمد): صار أمره إلى الحمد، واستحمد الله إلى خلقه بإحسانه إليهم وإنعامه عليهم، أي: استحق سبحانه أن يحمده خلقه، و(التحميد): حمد الله مرة بعد مرة لجميل أفعاله، ومنه: حامد، وحماد، وحميد، وحمد، وحمدون، وحمدان، وحمدي، وحمود، هذا بعض ما ورد في اللغة عن (الحمد).
- وفي الشرع؟
كنت وصاحبي نراجع بعض المواضيع عصر أحد أيام الصيف، حيث ما بين العصر والمغرب أكثر من ثلاث ساعات، التقينا عنده في المنزل حيث نجد ما نحتاج من مراجع، سواء على الأرفف أم في جهاز الحاسوب.
- في الشرع (الحمد) من الكلمات التي يحبها الله، واصطفاها لخلقه، فهو سبحانه يحب لعبده أن يثني عليه ويمدحه، وسبحانه يستحق المدح والثناء على كل حال، وهو يثني على نفسه كما في قوله سبحانه: {الحمد لله رب العالمين} (الفاتحة: 2) والسور التي بدأت ب(الحمد لله) هي: الأنعام، والكهف، وسبأ، وفاطر، وفيها إشارة إلى بعض نعم الله على خلقه التي يستحق من أجلها أن يحمد ويثنى عليه عز وجل.
(والحمد) كلمة ابتدأ بها الخلق، وينتهي بها الأمر؛ ففي سورة الزمر وبعد أن أخذ أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، وقضي بين الجميع بالحق، يقول سبحانه وتعالى: {وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين} (الزمر: 75).
- وفي الأحاديث؟
- سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهم يسأل الله دون أن يبدأ بالحمد، فقال صلى الله عليه وسلم له: «عجلت أيها المصلي، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله ثم صلِّ عليَّ ثم ادعه» (صحيح الجامع الصغير). وفيه كان صلى الله عليه وسلم إذا تهجد من الليل قال: «اللهم لك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن...» (متفق عليه). وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» مسلم، والمعنى: أني لن أبلغ ما تستحق من الثناء والمدح ولا يدرك ذلك إلا أنت سبحانك. وفي الرفع من الركوع: «اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد» (صحيح مسلم)، وكان صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه بقوله: «إن الحمد لله نحمده ونستعينه».
- وهل صحيح قول: الحمد الذي لا يحمد على مكروه سواه؟
- لم أجد هذا القول في كتب الحديث، إلا عند ابن أبي الدنيا في التبويب الموضوعي للأحاديث، ولكن في السلسلة الصحيحة، أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ما يحب قال: «الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات»، وإذا رأى ما يكرهه قال: «الحمد لله على كل حال».
وفي السلسلة الصحيحة أيضاً عن ابن عباس قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بنتا له تقضي فاحتضنها فوضعها بين ثدييه فماتت وهي بين ثدييه، فصاحت أم أيمن، فقيل: أتبكين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: ألست أراك تبكي يا رسول الله؟ قال: «لست أبكي إنما هي رحمة، إن المؤمن بكل خير على كل حال، إن نفسه تخرج من بين جنبيه وهو يحمد الله عز وجل»، وفي الحديث: «إذا مات ولد الرجل يقول الله تعالى للملائكة: أقبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: أقبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ قالوا: حمدك واسترجع، فيقول: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد» حسنه الألباني.
(الحمد لله) تقال عند النعمة وعند المكروه، وابتداء دون هذا أو ذاك.
لاتوجد تعليقات