رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 15 نوفمبر، 2014 0 تعليق

الحكيم العليم

- بفضل الله أصبح الوصول إلى آية معلومة لا يتطلب سوى تمرير الأصابع على مفاتيح الحاسب، وربما بمجرد لمس شاشة الهاتف الذكي.

- هذه ميزة لم تكن متوفرة لمن سبقنا فلله الحمد والمنة، وهذا يجعلنا أمام مسؤولية أعظم تجاه ما نقرأ وما نرسل من أحاديث النبي  صلى الله عليه وسلم ومن أقوال العلماء.

- رجوعا إلى حديثنا عن الأسماء الحسنى التي اقترنت في خواتيم آي القرآن العظيم، بعضها يحافظ على الترتيب الذي ورد فيه دائما، مثل (القوي العزيز) و(السميع العليم) و(العليم الخبير) و(الخبير البصير) و(الحي القيوم).

فلا تجد هذين الاسمين  إلا بهذا الترتيب وبعضها يأتي بالاسم الأول أو الثاني، مثل (الحكيم العليم)، يأتي (العليم الحكيم) أحيانا.

كنت وصاحبي نبحث في الحاسوب بعد صلاة عصر أحد أيام رمضان الصيفية الطويلة.

- أستطيع أن أقول: إن جميع الأسماء المقترنة يحافظ على ترتيب الاسمين عدا (الحكيم العليم)، جاء (العليم الحكيم)، و(الغفور الرحيم) جاء (الرحيم الغفور) و(الحليم الغفور) جاء (الغفور الحليم) في بعض الآيات، أما باقي الأسماء المقترنة وعددها (58)، فإنها تحافظ على الاسم الأول  دائما والثاني بعده.

- معلومة جديدة بالنسبة لي، لنتدبر (الحكيم العليم) على سبيل المثال.

اقترن الاسمان (الحكيم) و(العليم) ستا وثلاثين مرة في كتاب الله.

أتى الحيكم أولا: (الحكيم العليم) سبع مرات، أتى العليم أولا: (العليم الحكيم) تسعا وعشرين مرة، وذلك وفق مقتضى الآية، يتقدم العلم على الحكم، أو الحكمة علي العلم، والمتدبر للآيات لا تخفى عليه هذه المناسبة.

- لنستخرج الآيات التي ورد فيها (الحكيم العليم).

وخلال دقيقتين كانت الآيات على الشاشة، واستخرج صاحبي نسخة مطبوعة منها.

{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ  وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} (الزخرف:84).

{قَالُوا كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ ۖ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} (الذاريات:30).

     {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ  نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ  إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } (الأنعام:83). {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ  إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (الأنعام:128). {وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ  سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ  إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (الأنعام:139). {وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ۚ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (الحجر:25). {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} (النمل:6).

- اسم الله (الحكيم)، من (الحكم أو (الحكمة)، فإذا سبق (الحكيم) (العليم) كان الحكم أقرب، وإذا سبق (العليم) (الحكيم) كانت الحكمة أقرب، لنمر سريعا على الآيات التي بين أيدينا.

      آية (الزخرف)، يثبت الله ألوهيته في الكون كله: سمائه وأرضه، فهو الحاكم المطلق، وكل شيء تحت حكمه عز وجل، ووفق علمه لا يعزب عنه شيء، وفي آية الذاريات، آتى أمر الله وحكمه بأن تحمل زوجة إبراهيم -عليه السلام- رغم كبر سنها وعقمها، فأمر الله وحكمه لا يرد، وفي آية الأنعام: أيد الله إبراهيم عليه السلام بالحجة والبرهان، ونصره بعد أن بين لهم إبراهيم أن الكواكب لا يمكن أن تكون آلهة، آية (الأنعام:128) وقع حكم الله بخلود أهل النار فيها، فهو (الحكيم) سبحانه (العليم) بمن يستحق الخلود فيها، وفي آية (الأنعام:139)، بيان حكم الله على من حرم ما أحل الله من النعم، وأنه سبحانه سيجازيهم على تجاوزهم؛ لأنه سبحانه هو الذي يبين الحلال والحرام وليس العبيد، وفي آية الحجر يبين الله قدرته على حشر المستقدمين والمستأخرين جميعا، فقد قضى بحكمه على ذلك، أما آية (النمل) فقد أخبر الله عن كتابه القرآن، الذي يحوي أحكاما.. وحكما، وقدم الأحكام لأهمية اتباعها وتطبيقها، الحلال والحرام والحدود وكل ما يحتاجه البشر، لتستقيم حياتهم، فهو كتاب أحكام من لدن (الحكيم) سبحانه.

- كلام رائع، وماذا عن (العليم الحكيم)؟

- سوف نتناول ذلك تحت اسم (العليم) -إن شاء الله- ولكن على سبيل المثال تجد الآيات التي ختمت بـ(العليم الحكيم) يكون موضوعها علم الله، مثل قوله تعالى عندما أخبر الملائكة عن  خلق آدم، وعلمه الأسماء كلها: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (البقرة:32)، وهكذا في جميع الآيات.

ولكن دعني أذكر لك شيئا أعجنبي من التفسير.

{من لدن حكيم عليم} أي: من عند أيّ حكيم وأيّ عليم، فالتنكير للتفخيم. وفي تفخيمه تفخيم لشأن القرآن.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك