الحفاظ على الأمن في منظومة مجلس التعاون الخليجي الحلقة (10) مَوْقفُ العُلماء في الحِفاظِ على الأمن
لا شك أن الهاجس الأمني أخذ يحتل المرتبة الأولى على الأصعدة جميعها على مستوى العالم ولاسيما في منطقة الخليج الملتهبة، التي تتصارع على رمالها جميع الدول الكبرى، ويتنافس على ثرواتها كل طامع وحاقد، لقد شاهدنا خلال السنوات القليلة الماضية نشوء العديد من الحركات الإرهابية والمتطرفة التي لم نسمع بها من قبل وممارستها لأبشع الجرائم بحق الإنسانية من تفجير المساجد والمجمعات التجارية، ونحر البشر وإشاعة الفاحشة وغيرها من الجرائم البشعة التي يشيب لها الولدان. وإيمانا من مركز ابن خلدون للدراسات الاستراتيجية بأهمية التركيز على موضوع الأمن وبيان انعكاساته على جميعها نواحي الحياة فقد أفرد المركز هذه الدراسة المهمة بعنوان: (الحفاظ على الأمن في منظومة مجلس التعاون ودور العلماء) التي تتناول الكثير من المواضيع المتعلقة بالأمن على مستوى الخليج العربي والدول العربية، وتربط الدراسة ما بين الإيمان بالله -تعالى- وتطبيق شريعته وما بين الإعداد المادي والمعنوي، والأخذ بجميع الأسباب الممكنة لتحقيق الأمن.
- من مقومات الأمن في الأوطان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو سبب خيرية هذه الأمة وبه تنتشر الفضيلة وتنقمع الرذيلة
- من أسباب الأمن في الأوطان وجود جهاز أمن قوي أمين وسلطة تنفيذية قوية تقوم بتنفيذ الأوامر وتطبيق الأنظمة والقوانين وتحاسب من يخالفها
أوصي الله -تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ولاة أمور المسلمين، بتقوى الله تعالى، والرفق بالرعية، وأداء الأمانة في الولاية والمسؤولية، وهي خزيٌ وندامة يوم القيامة، إلا من أخذها بحقها
نعمة الأمن والاستقرار من أعظم النّعم التي يظفر بها الإنسان، بأن يكون آمناً على دينه أولاً، ثم على نفسه، ثم على ماله وولده وعرضه، وهو الأساس في ازدهار الحضارة، وتقدم الأمم، ورُقي المجتمعات، وإذا ضاع الأمنُ اختلتْ الحياة، وتوقف موكب التقدم، وأصبح همّ كل فردٍ هو الحفاظ على أمنه، وأمن من معه، دون النظر إلى أي شيء آخر مهما كان، وحبُ الأمن والأمان أمرٌ فطري في كلّ الناس، وهو من الخير الذي فطر الله -تعالى- الإنسان على حبه، كما قال -تبارك وتعالى-: {وإنه لحبّ الخير لشديد}(العاديات: 8).
وفي ظل الأمن والأمان، يهنأ الإنسان بحياته، بنومه وبطعامه وشرابه، وقد قَرَن الله -تعالى- بينهما في كتابه، فقال -سبحانه-: {فليَعبدوا ربَّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف}(قريش:3). وكذا قال صلى الله عليه وسلم : «منْ أصبحَ آمناً في سِربه، مُعافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حِيزتْ له الدنيا بما فيها». رواه الترمذي، ولا عجب في ذلك.
تعريف الأمن
- الأمن لغة: هو طمأنينة النفس، وزوال الخوف عنها، وإلى هذا أشار الله -تعالى- بقوله في سورة التوبة: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ}(التوبة: 6)، قال الراغب الأصفهاني: أي أبلغه المكان الذي فيه أمنه، وطمأنينة نفسه، وزوال خوفه.
- فالأمن: هو السلامة والاطمئنان للنفس، وانتفاء الخوف عن حياة الإنسان، أو عما تقوم به حياة الإنسان.
ولقد اهتم الإسلام بالأمن غاية الاهتمام، وعده هدفاً لذاته، وقد دعا القرآن الكريم في آيات كثيرة إلى المحافظة على الأمن بكافة جوانبه: الأمن للدين، والأمن للنفس، والأمن للمال، والأمن للعرض والنسل، وهذه هي الضروريات الخمس التي جاء الشرع لحفظها، وجاءت لحفظها جميع الشرائع والأديان، تأمل في قول أبي الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والسلام {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}(البقرة: 126).
ولقد استجاب الله -عز وجل- دعاء إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- فانتشر الأمن والأمان، والطمأنينة والسلام في البلد الحرام، واستمر هذا الأمن حتى في الجاهلية، حتى إنّ الرجل منهم كان يلقى قاتل أبيه في مكة، فلا يتعرض له بسوء، بينما فقد هذا الأمن، وشاع الخوف والاضطراب خارج مكة المكرمة في أنحاء جزيرة العرب، وقد أشار الله -تعالى- إلى تلك النعمة على أهل مكة، ممتناً عليهم بتلك النعمة {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ}(العنكبوت: 67)، ومن وسائل تحقيق الأمن ما يأتي:
إصلاح العقيدة
- أولا: أعظم مقومات الأمن وتحقيقه: إصلاح العقيدة، بإخلاص العبادة لله تبارك وتعالى، قال الله -جل في علاه-: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(النور: 55).
فلا بد من إخلاص العبودية لله، وتصحيح العقيدة حتى ننعم بالأمن والأمان.
تحقيق الإيمان والابتعاد عن العصيان
- ثانيا: الأمن والأمان لا يكون إلا بتحقيق الإيمان، والابتعاد عن العصيان؛ لأن الأمن مشتق من الإيمان والأمانة، وهما مترابطتان، قال الله جل في علاه {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (الأنعام: 82)، والمراد بالظلم في الآية: هو الشرك.
كما بينه الله -تعالى- في وصية لقمان الحكيم لابنه؛ إذْ قال {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}(لقمان: 13).
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- ثالثا: من مقومات الأمن في الأوطان: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وهذا هو سبب خيرية هذه الأمة، فقد أمر الله -تعالى- في كتابه العزيز به في مواضع كثيرة، وبه تنتشر الفضيلة، وتنقمع الرذيلة، وهو وظيفة كل فرد في المجتمع، وبتركه تحل العقوبات، ويختل الأمن، فقد دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على زينب بنت جحش -رضي الله عنها- وهو يقول: «ويلٌ للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج هكذا « قلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم، إذا كثُر الخَبَث ». متفق عليه
ولا خير ولا أمان في مجتمع لا يُحارب الرذيلة، ويدعو إلى الفضيلة، فعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسِي بيده، لتأمرنّ بالمعروف، ولتنهون عن المُنكر، أو ليُوشكن الله -عزّ وجل- أنْ يبعث عليكم عذاباً من عنده، ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم» رواه الترمذي وحسنه.
شكر نعم الله -تعالى- بالقلب واللسان
- رابعا: من مقومات الأمن في الأوطان أيضا: شكر نعم الله -تعالى- بالقلب واللسان، والجوارح والأركان، وذلك بالإقرار بها للمنعم المحسن سبحانه، وبحبه لذلك، وتعظيمه والثناء عليه باللسان وذكرها، وباستعمال تلك النعم في طاعة الله تعالى، فلا تحارب الله تعالى بنعمه؛ فالنعم لا تدوم إلا بأداء حقها، قال سبحانه: {وإذْ تأذّن ربكم وإنْ شكرتم لأزيدنكم ولئنْ كفرتُم إنّ عذابي لشديد} إبراهيم: 7.
وانظر ماذا يصنع كفرانُ النعم بالأفراد، والأمم والشعوب، قال الله سبحانه: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (النحل: 112)، يعني أنها لم تقدر تلك النعم حقّ قدرها، ولم تقم بشكرها، وأداء الفضل الذي لله فيه عليها، فتحول ذلك الأمن إلى خوف، ورغد العيش إلى جوع؛ بسبب كفرهم وعدم شكرهم.
وقد قال كثيرٌ من أهل التفسير: إن هذه القرية، هي: مكة المشرفة، زالت عنها نعمة الأمن ورغد العيش، الذي كانت تنعم به، لما كفرت برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحاربت دين الله تعالى.
الاستقرار السياسي للبلاد
- خامساً: الاستقرار السياسي للبلاد، بطاعة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة، فهو من أهم أسباب استتباب الأمن، وانظر لتعرف أهمية هذا الأمر الخطير إلى تلك الدول، التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي، فتكثر فيها حركات الخروج والتمرد والانقلابات، فهناك لا يأمن الناس على حياتهم، ولا على أموالهم، ولا على أعراضهم، ولا يهنؤون بمعاش في ظل فقد الأمن والأمان.
ولهذا اهتم الإسلام بتأمين استقرار البلدان، فأمر بطاعة ولاة الأمر في غير معصية الله تعالى، وجعل طاعتهم متممة لطاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقال تعالى: {يا أيها الذين أمنُوا أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإنْ تنازعتم في شيءٍ فردُوه إلى الله والرسول إنْ كنتم تُؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلا} النساء: 59.
وكذا قال رسوله - صلى الله عليه وسلم - بنحوه، فعن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مَنْ أطاعني فقد أطاعَ الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومنْ أطاعَ أميري فقد أطاعني، ومن عَصَى أميري فقد عصاني» رواه مسلم. وحذّرت الأحاديث النبوية الشريفة، من الخروج على الحكام، فمنها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «منْ كَرِه من أميره شيئاً فليصبرْ عليه، فإنه ليس أحدٌ من الناس خرج من السلطان شبراً، فماتَ عليه، إلا ماتَ ميتةً جاهلية» رواه مسلم.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «منْ أتاكم وأمركم جميعٌ على رجلٍ واحد، يُريد أنْ يشقَ عَصاكم، أو يُفرّق جماعتكم، فاقتلوه» رواه مسلم.
بل وشدّد رسولنا - صلى الله عليه وسلم - في الأمر بطاعة ولي الأمر، مهما كان أصله ونسبه ولونه، كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: «إنّ خليلي أوصاني أنْ أسمعَ وأطيع، وإنْ كان عبداً مُجدّع الأطراف» رواه مسلم في كتاب الإمارة (1837).
أهمية الأمر وخطورته
ولأهمية الأمر وخطورته، لم تجعل الشريعة ارتكاب الحاكم للظلم والمعاصي والمخالفات مسوغاً للخروج عليه، ما لم يصل ذلك إلى إعلان الكفر البواح، الذي يكون عليه دليل قاطع من دين الله تعالى، لحديث عبادة رضي الله عنه قال: دَعَانَا رسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، فبايَعْنَاهُ، فكان فيما أَخَذَ علينا، أَنْ بَايَعَنا على السَّمْعِ والطَّاعةِ، في مَنْشَطِنا ومَكْرَهِنا، وعُسْرِنا ويُسْرِنا، وأَثَرَةٍ علَينا، وأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، قال: «إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عندَكُم مِنَ اللَّهِ فيه بُرْهانٌ». رواه مسلم.
ومع ذلك فقد أوصي الله -تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ولاة أمور المسلمين، بتقوى الله تعالى، والرفق بالرعية، وأداء الأمانة في الولاية والمسؤولية، وهي خزيٌ وندامة يوم القيامة، إلا من أخذها بحقها، كما جاء في الحديث: عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: «يا أبا ذر، إنك ضعيفٌ، وإنها أمانةٌ، وإنها يوم القيامة خِزيٌ وندامة، إلا مَنْ أخذَها بحقها، وأدّى الذي عليه فيها» رواه مسلم.
وفي صحيح مسلم أيضا: قال - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم مَنْ ولي منْ أمرِ أمتي شيئاً، فشقّ عليهم، فاشقُق عليه، ومنْ ولي من أمر أمتي شيئا، فرفق بهم فارفق به»، ولا شك أن دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأدعية المستجابة، فمن ولي شيئا من أمر الأمة فشق عليهم، فسيشق الله عليه، فليتق الله الجميع، راع ورعية.
الاستقرار الاقتصادي للبلاد
- سادساً: من مقومات الأمن أيضاً: الاستقرار الاقتصادي للبلاد، بتأمين الحياة الطيبة للجميع، وذلك بتوفير حاجات الناس، وسد مطالبهم، فبذلك يحصل الأمن للبلاد والعباد، ولهذا شرع الله -تعالى- في الإسلام الزكاة، بل أوجبها على الأغنياء حقا للفقراء، وحثّ على الصدقات، وأمر ولاة الأمر بالعدل في توزيع الأعطيات، قال سبحانه: {إنّ الله يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاء ذي القُربي وينهى عن الفحشاءِ والمنكر والبغي لعلكم تذكرون} النحل: 90.
وجود جهاز أمن قوي أمين
- سابعا: ومن مقومات الأمن في الأوطان: وجود جهاز أمن قوي أمين، وسلطة تنفيذية قوية، تقوم بتنفيذ الأوامر، وتطبيق الأنظمة والقوانين، وتحاسب من يخالفها، وإلا فما فائدة الأنظمة؟ وما فائدة القوانين إنْ لم تنفذ عملياً، ويرى الناس أثرها في المجتمع؟
ولهذا أمر الله -تعالى- بإقامة الحدود علانيةً، لتكون زاجراً للناس عن الشر، كما قال -تعالى- في حدّ الزاني والزانية {الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهما مِائَةَ جَلْدَةٍ ولا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ في دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ ولْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِين} النور: 2، فقوله تعالى: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} يعني: علانية، والطائفة الرجل فما فوقه، وقال مجاهد: الطائفة الرجل الواحد إلى الألف، وكذا قال عكرمة، وقال قتادة: أمر اللّه أن يشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين، أي: نفر من المسلمين، ليكون ذلك موعظة وعبرة ونكالاً.
فليتق الله -تعالى- الجميع، وليعلم القاصي والداني، أنه ما نزل بلاءٌ إلا بذنب، ولا رُفع إلا بتوبة، قال الله -تعالى- {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تُفلحون} النور: 31. فبالتوبة والاستغفار، تحلُ البركة على البلاد والعباد، وقال سبحانه: {ولو أنّ أهلَ القُرى آمنُوا واتقوا لفتَحْنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض} الأعراف.
لاتوجد تعليقات