رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 8 فبراير، 2017 0 تعليق

الحفاظ على الأمن في منظومة مجلس التعاون الخليجي الحلقة (16) خطط الجماعات الإرهابية في تجنيد الشباب

 لا شك أن الهاجس الأمني أخذ يحتل المرتبة الأولى على الأصعدة جميعها على مستوى العالم ولاسيما في منطقة الخليج الملتهبة، التي تتصارع على رمالها جميع الدول الكبرى، ويتنافس على ثرواتها كل طامع وحاقد، لقد شاهدنا خلال السنوات القليلة الماضية نشوء العديد من الحركات الإرهابية والمتطرفة التي لم نسمع بها من قبل وممارستها لأبشع الجرائم بحق الإنسانية من تفجير المساجد والمجمعات التجارية، ونحر البشر وإشاعة الفاحشة وغيرها من الجرائم البشعة التي يشيب لها الولدان.  وإيمانا من مركز ابن خلدون للدراسات الاستراتيجية بأهمية التركيز على موضوع الأمن وبيان انعكاساته على جميعها نواحي الحياة فقد أفرد المركز هذه الدراسة المهمة بعنوان: (الحفاظ على الأمن في منظومة مجلس التعاون ودور العلماء) التي تتناول الكثير من المواضيع المتعلقة بالأمن على مستوى الخليج العربي والدول العربية، وتربط الدراسة ما بين الإيمان بالله -تعالى- وتطبيق شريعته وما بين الإعداد المادي والمعنوي، والأخذ بجميع الأسباب الممكنة لتحقيق الأمن.

 

إعداد.فهد الشليمي

يعيش العالم منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 هاجساً قوياً مليئا بالخوف والشك من الجماعات المتطرفة دينيا وعقائدياً وحزبيا.، وقد عاني العالم العربي والإسلامى وحاليا العالم بأسره يعاني من هذا التطرف الممتد منذ فترة الثمانينيات إلى يومنا الحاضر. وقد عانت بعض دول الخليج العربي، وبالتحديد المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين من بعض الحوادث الإرهابية المتفرقة والموجهة بالذات إلى ضيوف هذه البلدان، خصوصاِ من الجنسيات الغربية. وهاهى ذي دول الربيع العربى المزعوم تتهاوى مجتمعاتها وكياناتها بسبب التطرف والإرهاب الناتج من ظهور جماعات التشدد الدينى والمذهبي للعلن.

ثورات الربيع العربي

     بعد اندلاع ثورات الربيع العربي فى سنة 2011 المزعوم الذي اتضح أنه خريف عربي – غربي – اسرائيلي؛ حيث عصفت رياح الفرقة والتشرذم والانفجار الطائفى والمناطقي والعرقي في معظم الدول التى حدثت بها هذه الثورات؛ فليبيا وسوريا واليمن وبشكل أقل فى مصر، وبشكل مختلف ومذهبي فى البحرين الخليجية عانت بعض من هذه الدول، ومازالت تعانى آثاره المدمرة وهي التي كانت تنادى بشعارات العدالة والمساواة والحرية والحياة الرغده التي حل محلها الحاجة الى الأمن والغذاء والدواء، وعانت التدهور الاقتصادى الكبير الذى أثر تأثيرا مباشرا على جميع وجوه الحياة في هذه الدول.

     وتؤدي الدول والمجتمعات دورا كبيرا ومؤثرا فى مكافحة التطرف والحد من الغلو فى الأفكار والآراء المتشددة أو المتحررة، وخصوصا في الآونة الأخيرة التى شهدت زيادة غير مسبوقة في معدلات التطرف الطائفي والعرقى أو الدينى؛ فموجة التطرف وخلال نهاية القرن العشرين قد زادت معدلاتها إلى نسبة كبيرة، كما ظهرت زيادة واضحة في جمهور المؤيدين لها, ويتوقع مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكى زيادة العمليات الإرهابية بنسبة 15% فى دراسة تم تقديمها فى عام 2010 وأكاد أكون جازما اأن العمليات الإرهابية فى خلال فترة 4 سنوات قد زادت عن هذه النسبة المتوقعة.

القارة الأوربية

     فالقارة الأوربية وخصوصا فى فرنسا والمانيا وبعض دول أوربا الشرقية السابقة تشهد تطرفا وتشددا مبنيا على القومية والعرقية، وروسيا وبريطانيا وألمانيا تشهد تطرفا من جماعات « ذوى الرؤوس الحليقة العنصرية» والجماعات المعادية للإسلام التى تلقي باللوم على التدهور الاقتصادى والأمني الحادث فى بلدانها على العرقيات والأقليات الأخرى.

شبه القارة الهندية

     أما في شبه القارة الهندية فإننا نشاهد مجموعات التطرف الهندوسى، والمزج مابين التطرف الديني والسياسي ضد المجموعات المجتمعية الأخرى وخصوصا ضد الفئات الهندية المسلمة, وفى باكستان التي تكتوي بنار التشدد والتطرف الإسلامي التي تمارسه حركة طالبان باكستان ضد القوات الحكومية، وضد فئات الشيعة المسلمين عبر مهاجمة مراكز العبادة الشيعية. وفي جمهورية (سيريلانكا) التي عانت من الصراع بين نمور التاميل الثورية والقوات الحكومية وإن خفت حدتها فى السنوات الأخيرة. وفي جمهورية (ميانمار) ذات الحكم العسكري تمارس الأكثرية البوذية أسوأ أنواع العنصرية والقتل والتشريد ضد المسلمين الروهنجا التي تم تشريدهم من ديارهم وقراهم ووضعهم في مناطق احتجاز مؤقتة وتم تشريد بعض منهم إلى جمهورية بنغلاديش الفقيرة الموارد.

القارة الإفريقية

     وفي أفريقيا السوداء سوف نشاهد أنواعا متعددة من التطرف القبلي والعرقي والديني والطائفي؛ فالصراع بين الجماعات الإرهابية الإسلامية ضد الجماعات المسيحية، كان ومازال واضحا عبر الممارسات غير الإنسانية التي تقوم بها جماعة بوكو حرام المتطرفة ضد المجتمعات المسيحية، وقد أعلنت هذه الجماعة ولاءها لمنظمة داعش الإرهابية مؤخرا، ويقابل هذه الجرائم التي تقوم بها (بوكو حرام) فى نيجيريا جرائم أخرى بنفس دينى مسيحى ضد الأقليات المسلمة فى جمهورية أفريقيا الوسطى التى عانت من القتل والتشريد خلال الأشهر الماضية, وفى جمهورية (رواندا) شاهدنا الصراع الوحشي القبلى بين قبائل (التوتسي والهوتو) في منتصف التسعينات, وفي الساحل الأفريقي مازالت الصومال منقسمة ونشاط جماعات القاعدة مازال مستمرا عبر حركة الشباب الصومالية التي تدين بالولاء لفكرالقاعدة المتطرف.

الواقع العربي

     وإذا سلطنا الضوء على واقع الحال العربي عموما وعلى بلدان الربيع العربي خصوصا التي فتك بها الربيع العربي، وجعلها أرضا قاحلة متدهورة ومفلسه اقتصاديا ومتفككهة اجتماعيا، نجد أنها على وشك أن تصبح كيانات ضعيفة هشة منقسمة مناطقيا وطائفيا وعرقيا، وتفتقر إلى خطة الوصول لمسار مستقبلى وذات ولاءات متعددة ومتقلبة ليس لديها الرؤية السياسية، ولا المشاريع التنموية، وليست لها قابلية الاستمرار والاستقرار والتعايش والتوافق.

الوضع السوري

     وفي سوريا يستمر نظام الأسد في استخدام القوة العسكرية ضد شريحة كبيرة من الشعب السوري واستهداف المدنيين؛ مما جعل الانقسام كبيرا بين النظام والشعب، وساهم في انتشار التطرف الطائفي بين مكونات الشعب السوري نتيجة للحشد الطائفى والانقسام فى الاقليم السورى: فشاهدنا بعض الجماعات الموالية لفكر القاعدة مثل (جبهة النصره) وقيام وبروز منظمة داعش الإرهابية وانتشارها في العديد من المحافظات السورية، وقد امتد نشاطها ونفوذها وقبولها الى المناطق السنية العراقية في مناطق غرب وشمال بغداد؛ فالعنف والاصطفاف الطائفي من بعض الميليشيات المدعومة مباشرة من بعض الدول جعل التطرف يزداد وينتشر في بعض المناطق السورية والعراقية، وخلق بيئة خصبة لوجود الجماعات المتطرفة وانتشارها، التي تمارس وحشية التطرف ضد الأهالي والأقليات من جميع الطوائف والمذاهب ولا تستثني أحدا حتى من المواطنين السنة تم إعدامهم بدم بارد، ونحرهم أمام الكاميرات وأمام أنظار العالم.

التطرف لا يفرق بين الفئات

     التطرف لا يفرق بين الفئات والطوائف والجماعات، وقد كان رد فعل بعض الميليشيات متطرفا أيضا؛ من حيث القسوة والعنف والتهجير والاغتصاب ضد بعض فئات السنة؛ مما خلق حافزا ودافعا لقدوم العديد من الجماعات الأجنبية من دول وأقاليم متعددة من مختلف أنحاء العالم فشاهدنا مقاتلين ارهابيين من الشيشان وفرنسا وبريطانيا وبلجيكا واستراليا وتونس، ومن منطقة الخليج العربى القريبة جغرافيا من سوريا والعراق؛ فشاهدنا مواطنين من الكويت والسعودية وقطر والبحرين المتشبعين بالفكر الإرهابي الذي يقوم على تكفير المجتمعات كلها، حيث تم تضليلهم من بعض من يدعون التدين والعلم الشرعي، الذين جعلوا شباب المنطقة وقودا للحروب الطائفية، ونشر الفوضي بين مجتمعاتهم والمجتمعات المجاورة لهم. وفي الوقت نفسه نجد النزعة والنفس العنصري الديني يزداد في فلسطين المحتلة عبر قرارات حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي تنادي بدولة يهودية خالصة وخالية من أتباع الديانات الأخرى، وبالأحرى خلق دولة عنصرية يهودية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك