رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 13 فبراير، 2017 0 تعليق

الحفاظ على الأمن في منظومة مجلس التعاون الخليجي الحلقة (17) الإرهاب ووسائل التواصل الاجتماعي

 لا شك أن الهاجس الأمني أخذ يحتل المرتبة الأولى على الأصعدة جميعها على مستوى العالم ولاسيما في منطقة الخليج الملتهبة، التي تتصارع على رمالها جميع الدول الكبرى، ويتنافس على ثرواتها كل طامع وحاقد، لقد شاهدنا خلال السنوات القليلة الماضية نشوء العديد من الحركات الإرهابية والمتطرفة التي لم نسمع بها من قبل وممارستها لأبشع الجرائم بحق الإنسانية من تفجير المساجد والمجمعات التجارية، ونحر البشر وإشاعة الفاحشة وغيرها من الجرائم البشعة التي يشيب لها الولدان.  وإيمانا من مركز ابن خلدون للدراسات الاستراتيجية بأهمية التركيز على موضوع الأمن وبيان انعكاساته على جميعها نواحي الحياة فقد أفرد المركز هذه الدراسة المهمة بعنوان: (الحفاظ على الأمن في منظومة مجلس التعاون ودور العلماء) التي تتناول الكثير من المواضيع المتعلقة بالأمن على مستوى الخليج العربي والدول العربية، وتربط الدراسة ما بين الإيمان بالله -تعالى- وتطبيق شريعته وما بين الإعداد المادي والمعنوي، والأخذ بجميع الأسباب الممكنة لتحقيق الأمن.

 إعداد.فهد الشليمي

 

تستخدم الجماعات المتطرفة والإرهابية وبطريقة غير مسبوقة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في تجنيد العناصر العربية والإسلامية والأجنبية التي أسلمت حديثا وبتقنية إعلامية عالية الجودة وفي نقل أفكارها وأعمالها في حرب شديدة المراس، بينها وبين الإعلام الرسمي للحكومات العربية والأجنبية، وقد استخدمت داعش والقاعدة وسائل التواصل الاجتماعي في نقل رسائلها وأفكارها التحريضية ضد الدول والأنظمة المعادية لها بقصد جذب الشباب اليافع المتحمس للانضمام لها عبر نشر واقع حال بعض الفئات المسلمة (السنية المستضعفة) تسويغا لقيامهم بمجازر وأعمال إرهابية ضد مجتمعاتهم وشعوبهم؛ فقد تم رصد 17٫000 موقع إلكتروني يحرض على التطرف والإرهاب في شبكات التواصل الاجتماعي، وأنتجت الجماعات الإرهابية كمنظمة داعش بما يقارب 200 فيديو شهريا؛ طمعا في تجنيد الفئات الشبابية في الشرق الأوسط، وقد لاقت هذه الفيديوهات قبولا لدى العديد من الشباب المسلم في أوروبا العلمانية.

الكويت والتطرف

     تأثر المجتمع الخليجي والكويتي الذي تتمتع مجتمعاته وأفراده بهامش كبير من الحرية السياسية وحرية التعبير تأثرا محدودا بأحداث الربيع، كحال معظم دول مجلس التعاون الخليجي، وتأثرت المجتمعات بالآثار السلبية في هذا الربيع العربي بما حصل ويحدث في سوريا خصوصا؛ فاهتزت مشاعر معظم الكويتيين من جراء المأسي والمجازر التي يشاهدها على شاشات الإعلام ضد المدنيين العزل في المناطق السورية التي كان يتم توجيهها ضد مكون طائفي واحد (السنة)، أو ضد المعارضين عموما، كما أن تطور الصراع والنزاع في سوريا والعراق وتحوله من صراع وطني إلى صراع طائفي أشعل شرارات الفتنة الطائفية في شبكات التواصل الاجتماعي ولاسيما في شبكة (تويتر) المحادثة السريعة المختصرة؛ مما أوجد مناخا سلبيا في النقاشات التي تعدت إلى تبادل الاتهامات الطائفية بين شرائح المجتمع الكويتي ولاسيما شريحة الشباب التي تأثر بعضهم بها؛ مما جعله يتطوع في المجالات الإنسانية الإغاثية لمساعدة اللاجئيين السوريين، بل وذهب بعضهم إلى التطرف والانضمام لبعض الجماعات الإرهابية المتطرفة مثل (النصرة وداعش) وبعضهم الآخر تطوع في بعض الميليشيات الطائفية الشيعية معتقدا أنه يقوم بالفعل الصائب، وقد ينطبق عليه قول العزيز الحكيم سبحانه: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (الكهف:103-104).

مواصفات منفذي الهجمات الإرهابية

     إن معرفة مواصفات منفذي هذه الهجمات الإرهابية ودراستها والدافع لذلك ومن يقوم على تحريضهم وتجنيدهم والاستفادة من تجيير أعمالهم بما يخدم العديد من المنظمات الإرهابية وكيفية آلية تجنيدهم وآلية استخدامهم، تعطي فرصة للمراجعة والاهتمام بالشباب اليافعين خوفاً عليهم من الانحراف والتطرف, وذلك بالتعرف على ما يتم تحضيره وتدبيره لهم في الخفاء بقصد جعلهم وقوداً لحروبهم المتطرفة والقائمة على كراهية الطرف الآخر. فحركات تجنيد المتطرفين تقوم على اختيار الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 25عاماً دون مستوى تعليمي متوسط من عائلات محدودة الدخل، وفي الغالب يتم استهداف المتجهين للدين حديثاً، ومن أسباب الاتجاه نحو التدين المتطرف قلة الدخل لبعض العائلات؛ مما يجعل أفرادها يتجهون إلى التدين وتطبيق مبدأ الصبر وتطويع النفس في خدمة الدين، أملاً في الآخرة بدلاً من الدنيا، وفي الطرف الآخر نجد أن هناك فئة آعمارها تتراوح بين 30 و 35 عاماً وذات مستويات عالية أو متوسطة تقوم بتجنيد بعض مجاميع هذه الشباب حديثة السن والتربية الدينية؛ مما يجعلهم طينة سهلة التشكيل من قبل قادة التطرف الذين تكون لديهم الخبرة في الخطابة وفن الحوار والإقناع، وفن المجادلة وطرح الظواهر التي تحدث في المجتمع كأنها من المصائب والبلاء الذي عم البلاد والعباد؛ مما يستوجب وقفة ومعارضة، فرسالتهم الإقناعية واضحة، وتوافق قلوب بعض الشباب المتطرف؛ فهم يعتقدون أنهم يعيشون في مجتمع منحل ومتفسخ بعيد عن الدين، وموال للغرب الكافرين حسب ادعاءاتهم، وإن هذا الغرب هو المسؤول عن مشكلات المسلمين من المغرب العربي إلى المشرق العربي؛ فرئيس تنظيم القاعدة أسامة ابن لادن كان من الشباب المتحمس للدين في بداية التسعينيات والساعي للجهاد؛ حيث يعتقد أنه شارك في بعض العمليات القتالية في أفغانستان، إلا أنه قد تم احتواؤه من بعض زعماء بعض الحركات التكفيرية الذين هربوا من مصر، وعاشوا في أماكن التوتر في البلدان الإسلامية ومنها أفغانستان، ومعاناة البلاد من آثار ونتائج الاحتلال السوفيتي والحرب الأهلية بين الأفغان أنفسهم.

آلية تجنيد الشباب حديثي السن

     ما تزال مجتمعاتنا الخليجية عموماً والكويت خصوصاً تميل إلى التدين وتشجيع أعمال البر والخير، وتنظر بعين الرضا والقبول، وحث الأبناء على التدين وأعمال الخير، ويساعدهم في هذا التوجه ما تشاهده هذه الأسر والعائلات من بعض الظواهر السلبية الشاذة التي يعاني منها المجتمع الكويتي مثل زيادة تعاطي المخدرات بين الشباب، وحوادث الوفيات على الطرق، والاستهتار والاتجاه نحو تقليد الجنس الآخر التي تتنافى مع العرف والدين، التي بدأنا نشاهدها في بعض الأماكن العامة؛ ما يثير شعوراً بالاستياء بين معظم العائلات إلى تشجيع الأبناء نحو الالتزام والتدين بظواهره الإيجابية، وحث أبنائهم على الاتجاه إلى المسجد بنواحيه الإيجابية والسلوكية، وهنا يبرز دور الرقابة الأسرية على متابعة ما يتعلم الشاب أو ما يستمع له من أشرطة أو من محاضرات من خلال مشاركتهم والاستماع إليهم.

نقطة البداية

     وهنا تبدأ نقطة البداية في تحول بعض الشباب من متدين إلى متطرف؛ حيث تقوم بعض العناصر المتطرفة بالتودد إلى بعض الشباب من خلال المخالطة والتشجيع على العمل معهم وإعطائهم الأهمية المعنوية من خلال الاستماع إليهم وتدريبهم على فن الخطابة والتحدث أمام بعض المصلين؛ مما يشعرهم بالأهمية والقيادة، والجدير ذكره أن معظم هؤلاء الشباب الضحايا هم من الأسر المحدودة الدخل التي تعيش في المناطق المحدودة الدخل أو الضعيفة المدخول؛ مما يجعل التدين طريقاً وحيداً لهؤلاء الشباب بدلاً من سلوك الطريق المنحرف وغير القانوني أو تعاطي المؤثرات العقلية أو السرقة؛ حيث تقوم بعض العناصر المتطرفة بعملية الانتقاء لهؤلاء الشباب حديثي السن وحديثي التدين وجذبهم في مجموعات صغيرة لا تتعدى 5 أفراد، يلتقون بعضا إما في زيارات لبعض المساجد أو بحضور الندوات الدينية في بعض المخيمات، ثم تتم مرحلة تأهيل هؤلاء الشباب للانضمام في معسكرات برية أو تجمعات كبيرة، وتحتوي على محاضرات مكثفة تتم فيها عملية الشحن المعنوي والنفسي والتحدث بالخطاب الديني المتطرف الذي ينتقد الأوضاع العالمية والمؤامرات التي تحاك ضد بلاد المسلمين، كما يتم استضافة بعض رموز هذه المجموعات المتشددة التي لها القدرة على الخطابة الجماهيرية وبخطاب حماسي متشدد، ويمجد الجهاد ضد المفسدين، ويدعو له وأهمية دور الشباب في إحداث التغيير دفاعاً عن الإسلام ومن وجهة نظرهم المتشددة، وحثهم على طاعة مشرفيهم وقادتهم وأمرائهم والانصياع لهم بوصفهم جزءاً من تعاليم الدين الإسلامي.

العلاقة بالتنظيم

     وهنا تبدأ العلاقة بالتنظيم وتكوين الخلايا العنقودية للتنظيم أو الحركة ثم ينتقل الشاب حديث التدين إلى مرحلة الإعداد والتحضير العملي؛ حيث يتم تشجيع هذه المجموعات من الشباب والمشحونين بالطاقة والعقيدة حديثاً إلى السفر إلى مناطق التوتر تحت غطاء العمل الخيري ومساعدة إخوانهم المسلمين بوصفه أحد أنواع الجهاد، وهو في واقع الأمر أحد مراحل زيادة الجرعات التدريبية العملية؛ حيث تبدأ عملية العزل وغسل الدماغ من خلال تكثيف المحاضرات المتطرفة الفاسدة التي لا تتماشى مع أفكارهم وأيديولوجيتهم المتطرفة ووجوب إسقاط بعض الأنظمة الخاضعة للغرب الكافر بحسب وجهة نظرهم، كما يتم تدريب هؤلاء الشباب الأحداث على العمليات العسكرية أو عمليات صناعة المفرقعات وزراعتها بنظام عملي، والتدريب على العمليات الإرهابية العسكرية من المستوى الأول أوالثاني. 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك