رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان 18 أغسطس، 2020 0 تعليق

الحرمان الشريفان والمشاعر المقدسة رعاية وتطوير وأمن منذ عهد الملك عبدالعزيز – من 200 ألف إلى 2 مليون مصلٍّ بالحرم المكي

 

أولت المملكة العربية السعودية -منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- جلّ اهتمامها وعنايتها بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة لاستيعاب الأعداد المتزايدة لضيوف الرحمن، وذلك ابتغاءَ لمرضاة الله، وأداءً للأمانة العظيمة, وبذلت المملكة الغالي والنفيس في سبيل عمارة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وتطويرهم، وتقديم أرقى الخدمات العصرية لحجاج بيت الله الحرام ‏والزائرين والمعتمرين؛ وذلك استشعارًا للمسؤولية والشرف العظيم الذي خصّ الله به المملكة لرعاية الحرمين الشريفين.

من أهم الأولويات

     وتُعدّ خدمة الحرمين الشريفين من أهم أولويات قيادة المملكة التي يتشرف بها ملوك هذه البلاد الطاهرة، وواجب يتفانون في أدائه تقربًا إلى الله وأداءً لدورهم الريادي والقيادي في خدمة الإسلام والمسلمين، وقد سعوا طوال العهود المتعاقبة إلى توفير سبل الراحة، وتيسير أمور الحج والزيارة، وتسهيل الإجراءات، وتقديم أرقى الخدمات؛ ليُؤديَ ضيوفُ الرحمن عباداتهم في روحانية وسهولة ويسر وأمن وأمان.

الملك عبد العزيز - رحمه الله

     وقد بادر الملك عبد العزيز -رحمه الله- ‏منذ دخوله مكة المكرمة وتوليه أمر الحرمين الشريفين، بكل اهتمام وعزم- إلى عمارة الحرمين الشريفين، وخدمة قاصديهما، وكان من أبرز ما قام به: الأمرُ بترميم المسجد الحرام ترميمًا كاملاً، وإصلاح كل ما يقتضي إصلاحه، وترخيم المسجد الحرام وتجديد الألوان، وكان ذلك في سنة 1344هـ (1925م)، ووضع السرادقات في صحن المسجد لتقي المصلين حرّ الشمس سنة 1345هـ (1926م)، كما أصلح مظلة إبراهيم، وقبة زمزم، و(شاذروان) الكعبة المشرفة سنة 1346هـ (1927م). وفي عام 1346هـ (1927م) أمر -رحمه الله- بإنشاء أول مصنع لكسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، وتبليط المسعى بالحجر الصوان المربع وأن يُبنى بالنورة، وكان ذلك أول مرة في التاريخ، كما أمر الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بإنشاء إدارة الأمن، وجعل مقرها الرئيس بمكة المكرمة؛ تعزيزاً للأمن وتعظيماً للبلد الحرام.

صحن المطاف

     كما أمر الملك المؤسس -رحمه الله-، بنصب سرادقات بصحن المطاف، وعمل مظلات ثابتة في أطراف الصحن مثبّتة بالأروقة، تنشر وتلف عند الحاجة، وبقيت سنوات عديدة وتُجدّدُ باستمرار، كما وجَّه -رحمه الله- بإزالة نواتئ الدكاكين التي ضيقت المسعى، فصار المسعى في غاية الاستقامة وحسن المنظر، وأمر بعمل سبيلين لماء زمزم مع تجديد السبيل القديم، وأمر بإصلاح الحجر المفروش على مدار المطاف، وإصلاح أرض الأروقة.

تجديد سقف المسعى

     وفي عام 1354هـ (1935م) أمر بإزالة الحصباء القديمة واستبدالها بأخرى جديدة، كما أمر في عام 1366هـ (1945م) بتجديد سقف المسعى، وكانت مظلة السقف ممتدة بطول المسعى من الصفا إلى المروة ما عدا ثمانية أمتار مقابل باب علي - رضي الله عنه -، وأمر بعمل باب جديد للكعبة مُغطىً بصفائح من الفضة الخالصة، محلاة بآيات قرآنية، نُقِشَت بأحرف من الذهب الخالص. كما أمر بترخيم الواجهات المطلة على المسجد الحرام ورحباته في سنة 1370هـ (1950م).

أبناء الملك عبدالعزيز -رحمه الله

     بعد ذلك توالى أبناء الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بالعناية والاهتمام بخدمة الحرمين الشريفين؛ حيث وجّه الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- بتركيب مضخة لرفع مياه زمزم في سنة 1373هـ (1953م)، وإنشاء بناية لسقيا زمزم أمام بئر زمزم في سنة 1374هـ (1954م)، بعد بناء المسعى بطابقيه، وتوسعة المطاف، وصار بئر زمزم في القبو، وقد زود قبو زمزم بصنابير الماء ومجرى للماء المستعمل. كما أمر -رحمه الله- بترميم الكعبة المشرفة في عام 1377هـ (1957م)؛ حيث غُيّر سقفا الكعبة العلوي والسفلي بالكامل، وعُولجت أحجارُ الكعبة التي تعرضت للشقوق وتراكم التراب عليها.

الملك فيصل - رحمه الله

     وفِي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- واصل إنجاز توسعة المسجد الحرام التي بدأت في عهد الملك سعود، ومما أُنجز في عهده إزالة البناء القائم على مقام إبراهيم توسعةً للطائفين، ووضع المقام في غطاء بلوري عام 1387هـ (1967م)، ووجَّه ببناء مبنى لمكتبة الحرم المكي الشريف، وذلك في عام 1391هـ (1971م)، وببناء مصنع كسوة الكعبة المشرفة في موقعه الجديد في أم الجود، وتوسيع أعماله. كما اُفتُتِحَ مصنعُ الكسوة بعد تمام البناء والتأثيث، وذلك عام 1397هـ (1976م)، وتوسعة المطاف سنة 1398هـ (1977م)، وفرش أرضيته برخام مُقاومٍ للحرارة، ونقل المنبر والمكبرية، وتوسيع قبو زمزم، وجعل مدخله قريبًا من حافة المسجد القديم في جهة المسعى.

الملك خالد- رحمه الله

     وفي عام 1399هـ (1978م) في عهد الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- غُيّرَ بابُ الكعبة المشرفة إلى باب من الذهب الصافي، صنعهُ شيخُ الصّاغة آنذاك أحمد بن إبراهيم بدر، وقد استخدم 280 كجم من الذهب الخالص في صناعته، ويُعده بعضهم أكبر كتلة ذهب في العالم، وهو الباب الموجود هذه الأيام، وعُمل باب داخل الكعبة للصعود من داخلها، يُسمى باب التوبة.

الملك فهد- رحمه الله

     وفي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود-رحمه الله- عام 1417هـ (1996م) جرى الترميم الشامل والدقيق على أعلى المواصفات العمرانية العصرية للكعبة؛ حيث مكثت الكعبة نحو 375 عامًا من دون ترميم شامل، وفي العهد السعودي الزاهر عُمر المسجد الحرام ثلاث مرات، وَوُسّع توسعات عمرانية تاريخية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً عبر عصوره المتعاقبة.

التوسعة الكبرى 1403-1982

     وشهد المسجد الحرام في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- توسعة كبيرة في عام 1403هـ (1982م)، نُـزِعَ فيها ملكيات عقارات السوق الصغير غرب المسجد الحرام، تهيئةً لتوسعة كبرى للمسجد الحرام أمر بها الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله-، وقد بلغت مساحة أراضي العقارات المنزوع ملكياتها 30 ألف متر مربع، فهُيّئَت ساحات مؤقتة للصلاة قبل البدء بأعمال البناء عليها.

تبليط سطح التوسعة

     وفي عام 1406هـ (1985م)، أمر الملك فهد بن عبد العزيز-رحمه الله- بتبليط سطح التوسعة السعودية الأولى بالرخام البارد المقاوم للحرارة، وبإنشاء 5 سلالم كهربائية بالمسجد الحرام، وبناء 5 جسور علوية للدخول إلى الطابق الأول، وفِي عام 1409هـ (1988م) وضع الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- حجر الأساس للبدء في التوسعة السعودية الثانية، وكانت توسعة عظيمة.

التوسعة الثالثة

وفِي عهد الملك عبد الله بن عبدالعزيز -رحمه الله- بُدِئَ في ‏التوسعة السعودية الثالثة للحرم المك، التي يشهد تنفيذها الآن في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله .

     والتي تُعدّ أكبر توسعة على مرّ العصور والتاريخ، وتتضمن توسعة الحرم المكي، لترتفع الطاقة الاستيعابية بعد إنهاء أعمال التوسعة إلى مليوني مصلٍّ، وتشتمل توسعة الساحات الخارجية، على دورات مياه وممرّات وأنفاق ومرافق أخرى مساندة تعمل على انسيابية الحركة في دخول المصلين وخروجهم، وتتضمن منطقة الخدمات المتعلقة بالتوسعة وخدماتها التكييف ومحطات الكهرباء ومحطات المياه وغيرها.

المشاعر المقدسة

     واهتمّ ملوكُ المملكة بالمشاعر المقدسة، وذلك بعمارة مسجد نمرة في عرفات، والمسجد الحرام في مزدلفة ومسجد الخيف في مِنى، وتوفير البنية التحتية ‏والمرافق الخِدْمية الصحية والبيئية والأمنية والمواصلات والاتصالات وشبكة الطرق بين المشاعر المقدسة وإلى مكة المكرمة، وعمل الخيام المضادّة للحريق في مِنى، وجسر الجمرات العملاق وقطار المشاعر المقدسة.

الملك سلمان - حفظه الله ‏

     وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله ‏- تستمر الرعاية والعناية بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، ‏ومن ذلك‏ أمرهُ باستكمال التوسعة السعودية الثالثة للحرم المكي والمسجد النبوي ‏ورعايته ومتابعته مشروعات ‏تطوير مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، والارتقاء بالخِدْمات المقدمة لأهالي الحرمين وقاصديهما.

إنشاء الهيئة الملكية

     حيث أولى خادم الحرمين الشريفين المقدسات الإسلامية عنايته والحفاظ على أمنها، كما هو شأن قادة هذه البلاد منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن وأبنائه الملوك من بعده - رحمهم الله جميعاً - إلى هذا العهد الزاهر الذي وصلت فيه خدمة الحرمين إلى مرحلة لم يسبق لها مثيل، ومن ذلك الأمر بإنشاء الهيئة الملكية لتطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وإنشاء شركة المشاعر المقدسة، ‏وتدشين قطار الحرمين، والأمر بإنشاء مطار الطّائف الجديد خدمة لمكة المكرمة وبوابة أخرى للحجاج، ‏والتّوجيه باستكمال مشروعات تطوير المدينتين المقدستين.

مصنع كسوة الكعبة

     وصدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بتغيير مسمى مصنع كسوة الكعبة المشرفة إلى مُجمّع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة، وذلك في عام 1439هـ (2017م). كما أنّ رئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز للهيئة الملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وتفقُّدَه ‏الكعبة المشرّفة، ومشروعات المسجد الحرام ومكة المكرمة والمدينة المنورة، يأتي من حرصه واهتمامه - حفظه الله - وعنايته بتطوير الحرمين الشريفين، ‏والانتقال بمدينتي مكة ‏المكرمة والمدينة المنورة ومستوى المرافق والخِدْمات فيهما، وفق أهداف رؤية المملكة 2030.

 

العناية بالجوانب الأمنية

      لقد كانت عناية الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بتحقيق الأمن والأمان في الحرمين الشريفين محل اهتمامه على الدوام، ولا سيما عند قدوم مواسم الخيرات كشهر رمضان والحج؛ حيث يسافر إلى هناك، ويشرف شخصياً بنفسه على أمن الحجاج وسلامتهم، والاطمئنان على صحتهم، ثم سار أبناؤه على نهج أبيهم في العناية بتحقيق الأمن والرخاء في سائر مدن المملكة العربية السعودية، وفي مكة والمدينة على وجه الخصوص، وأصبح عدد رجال الأمن الذين يقومون على خدمة الحجاج يزيد عاماً بعد عام، حتى بلغ عدد رجال الأمن المشاركين في موسم الحج من عام 1436هـ  (أكثر من مئة ألف شرطي) بمختلف قطاعاتهم العسكرية والأمنية، في سبيل خدمة الحجاج والمحافظة على أمن ضيوف الرحمن وسلامتهم؛ ليؤدوا مناسكهم بيسر وسهولة.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك