رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 5 سبتمبر، 2017 0 تعليق

الحج المبرور جزاؤه الجنة

     الحج من أعظم أركان الإسلام، وفريضة عظيمةٌ، بها يُهدمُ ما قبلها من الذنوب؛ لقول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن العاص -رضي الله عنه -: «أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما قبله؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأنَّ الحج يهدم ما كان قبله؟» رواه مسلم، ويبشره النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضاً بقوله: «الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» رواه البخاري، قَالَ اِبْن خَالَوَيْهِ: الْمَبْرُور الْمَقْبُول، وَقَالَ غَيْره: الَّذِي لَا يُخَالِطهُ شَيْء مِنْ الْإِثْم، وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيّ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: الْأَقْوَال الَّتِي ذُكِرَتْ فِي تَفْسِيره مُتَقَارِبَة الْمَعْنَى، وَهِيَ أَنَّهُ الْحَجّ الَّذِي وُفِّيَتْ أَحْكَامه، وَوَقَعَ مَوْقِعاً لِمَا طُلِبَ مِنْ الْمُكَلَّف عَلَى الْوَجْه الْأَكْمَل، وَاَللَّه أَعْلَم.

     ومما يدل على فضل الحج المبرور أن الرسول -صلى الله عليه وسلم - جعل الحج للنساء جهاداً؛ لما روى البخاري أن السيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: «لا، لكُنَّ أفضل الجهاد حجٌّ مبرور»، وقد سئل -عليه الصلاة والسلام-: أي العمل أفضل؟ فقال: «إيمان بالله ورسوله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور» رواه البخاري، وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -: «شدوا الرحال في الحج فإنه أحد الجهادين».

     وكم تشتاق نفس الحاج عندما يسمع حديثَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - الذي قال فيه: «والحجُّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، فيبدأ يتساءل: كيفَ يحقِّق الحجَّ المبرور؟ قال ابن عمر -رضي الله عنهما- لمجاهد حين قال: ما أكثر الحاج! قال: «ما أقلَّهم ولكن قل: ما أكثر الركب»؛ لأن الحج المبرور لايتأتى لكل أحد حج البيت، بل لا بد له من وسائل لتحصيله:

- أولها: الإخلاص لله، فمن خرج من بيته متطلِّعاً إلى المدح والثناء، والسمعةِ والمباهاة؛ حبط عمله، وضلَّ سعيُه قال - تعالى - في الحديث القدسي: «من عمل عملاً أشرك فيه معيَ غيري تركتُه وشركَه» رواه مسلم؛ ولذا كان -صلى الله عليه وسلم - يحذِّر من ضدِّ ذلك فيدعو مستعيناً بربِّه قائلاً: «اللهم حجةً لا رياء فيها ولا سمعة» رواه ابن ماجة.

- ثانيها: أن يكون الحاج في غايةِ الذلّ بين يدي الله، مطهّراً قلبَه من آفة العجب بالعمل، بل إنَّه يرى عملَه مهما عظُم صغيراً جداً أمام ما أنعم الله عليه من النعم.

- ثالثها: الاجتهادُ في موافقته لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم - فيما قلَّ أو كثر، وعدم مخالفته لشيء من سنته - عليه الصلاة والسلام.

- رابعها: إن مال الحجّ المبرور يجبُ أن يكون حلالاً طيباً؛ لأنَّ النفقةَ الحرام من موانع الإجابة.

- خامسها: وإن أيامُ الحجِّ المبرور تُحيَا بذكر الله، وتُضاء بتلاوةِ آياتِ الله، وتطهَّر بالاستغفار، وبذل المعروف، والدعوة إلى الله -عز وجل- قال -صلى الله عليه وسلم -: «الغازي في سبيل الله، والحاجُّ والمعتمر وفدُ الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم» رواه ابن ماجة، وصححه الألباني.

- سادسها: ملء الأوقاتِ بالطاعات تزيد الحجَّ برّاً؛ فالأيامُ فاضلة، وتلك البقاع مفضَّلة، وفيها تتضاعف الأجور، وقد كان سلفُنا الصالح إذا تلبَّسوا بهذه العبادة عطَّروا أوقاتَها بذكر وتسبيحٍ، وتهليل وتحميد.

- سابعها: إن سمة الحاجِّ في هذه البقاع العظيمة السكينةُ والطمأنينة، وسلوكُ أدبِ هذه الشعيرة بخفض الصوت، وعدم الإزعاج وأذية المسلمين، والهدوء في العبادة والدعاء.

- ثامنها: التلبية في الحجِّ المبرور ذكرٌ لا ينقطع، وهي إعلان العبوديةِ والطاعةِ والتذلّل: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك».

- تاسعها: الصحبة الطيبة في الحجّ تقوِّيك إذا ضعفت، وتذكّرك إذا نسيتَ، وتدلّك على طريق الخير، وتحذّرك من طريق الشر.

- عاشرًا: من أراد حجاً مبروراً امتثلَ قولَه -صلى الله عليه وسلم - «من حجَّ لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدتْه أمّه» رواه البخاري، نعم من تطلَّع إلى حجّ مبرور أدَّب جوارحَه فلا تنظر العين نظرة فاحشة، ولا ينطِق اللسان بألفاظ طائشة، ولا تمتدّ اليد بأذى إلى أحد، ولا ينطوي القلبُ على بغضاء أو حسد.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك