رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 8 مايو، 2012 0 تعليق

الجميع مستغرب من ضبابية موقف الجيش- أحداث العباسية.. هل هي مؤامرة ناعمة للانقلاب على الثورة وتعطيل الانتخابات الرئاسية؟!

 

أحداث دامية شهدتها منطقة العباسية والمنطقة المحيطة بوزارة الدفاع المصرية راح ضحيتها أكثر من 11 قتيلا ومئات الـمصابين، فيما حذر عدد من الخبراء الأمنيون من خطورة الموقف مطالبين بضبط النفس ومحذرين من حياكة مؤامرات تهدف إلى قيام الجيش بانقلاب عسكرى يتم بعده فرض الأحكام العرفية على البلاد، واصفين المشهد بالملتبس ولاسيما مع كل مرحلة من خوض مصر لأي من الانتخابات، ولا سيما أن مصر ستشهد إجراء الانتخابات الرئاسية لتسليم السلطة في الـ 23 من مايو الحالي.

الدعوة السلفية تستنكر الأحداث

       أصدرت الدعوة السلفية بيانًا استنكرت فيه ما يحدث مِن اشتباكاتٍ في محيط وزارة الدفاع، وأهابت بالشباب المتظاهر لتغليب لغة الشرع والعقل، وتجنيب البلاد ويلات فتنة لا يعلم مداها إلا الله؛ وطالبتهم بالعودة إلى «ميدان التحرير»، وتفويت الفرصة على مَن يريد استغلالهم للانقضاض على ثورتهم.

       كما ناشد البيان ضباط وجنود «القوات المسلحة» الموجودين حول الوزارة الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس، وتغليب المصلحة الوطنية، والصبر على أي استفزاز قد يعرض لهم.

       وأكد البيان في الوقت ذاته على أن «الثورة المصرية» لم تكن لتنجح لولا المحافظة على سلميتها، وعلى ذلك فإننا نستنكر أي دعوات لاستخدام الاشتباك المسلح بيْن أبناء الوطن الواحد، ونُذكِّر الجميع بحرمة الدم المعصوم.

       وطالب البيان بإجراء تحقيق فوري ومحاسبة من تثبت إدانته سواء بالتنفيذ أم التخطيط أم التسبب في وقوع تلك الأحداث وفي الوقت ذاته فض الاعتصام في العباسية درءًا لما وصفه بمفسدة سفك الدماء.

       وطالب البيان أيضًا المجلس العسكري بصفته القوة الوحيدة القادرة على ضبط الأمور وحفظ الأمن بتحمل مسؤولياته في حماية جميع المواطنين من معتصمين، وغيرهم، كما طالب العلماء والدعاة والسياسيين بالتدخل بما يمكنهم؛ لتهدئة الوضع، وإنهاء الاحتقان.

الشيخ ياسر برهامي.. احقنوا الدماء

       وفي تعليقه على الأحداث ذكر الشيخ ياسر برهامي أن الدعوة السلفية طالما حذرت من هذه السلوكيات والأفكار التي يريد بعضهم من خلال نشرها الوصول للفوضى والدمار، غير عابئ بما يسفك من دماء وما ينتهك من حرمات ونحن في هذه المحنة العصيبة، التي ندعو الله أن يخرج مصرنا الحبيبة وشعبنا الطيب منها بسلام.

       وذكّر الشيخ في كلمته الجميع بما قال الله -سبحانه وتعالى-: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} (النساء: 93)، محذرًا من الوقوع في الهرج الذي أخبر عنه النبي  صلى الله عليه وسلم فقال-: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِي أَيِّ شَيْءٍ قَتَلَ وَلَا يَدْرِي الْمَقْتُولُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قُتِلَ» (مسلم: (2908)، «القاتل والمقتول في النار...».

       ثم ذكر أنه لا تكفي النيات الحسنة في دفع الإثم عمن شارك في قتل مسلم، ولا اتباع الظنون التي لا بينة عليها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» (البخاري: 5144، مسلم: 1413)، قال تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} (يونس: 36).

       وحذر الشيخ من دعاوى التكفير الجاهلة، مذكراً بقول النبي صلى الله عليه وسلم : «ومن قال لأخيه: يا كافر، فهو كقتله» وقال: «من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما».

       كما وصف الشيخ ما يحدث بأنه فتنة، محذرًا من يشارك فيها قائلاً: وليعلم كل مشارك في الفتن أن توبة القاتل للمسلم عمدًا غير مقبولة عن ابن عباس وغيره، والصحيح أنها لا تسقط كل الإثم؛ لأنه يبقى حق المقتول، يأتي يوم القيامة وأوداجه تشخب دما، يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني، حتى لو أخذ أولياء المقتول حقهم بالقصاص أو بالدية أو بالعفو، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «نزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ...} الآية (النساء: 93) وهي آخر ما نزل وما نسخها شيء».

       داعيًا في نهاية كلمته أن يبذل كل واحد غاية جهده في صرف الناس عن سفك الدماء المعصومة بغير حق، ولنسع جميعًا إلى إزالة الاحتقان، ودعوة الجميع إلى الحكمة والتأني، والنظر في عواقب الأمور والمآلات، عسى الله عز وجل أن يحفظ بلادنا آمنة مطمئنة وسائر بلاد المسلمين.

الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح تستنكر الأحداث

       كما أصدرت الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح بيانا بشأن الأحداث الدامية التي تجري في محيط وزارة الدفاع وفي ميدان العباسية داعيةً الجميع أن يقوموا بواجبهم، وأن يتحملوا مسؤوليتهم، مؤكدة على مشروعية التظاهر والاعتصام والمطالبة بالحقوق المشروعة بطريقة سلمية لا تعوق الحياة ولا تؤثر سلبيًا على مصالح البلاد والعباد، ولا تفضي إلى عكس المقصود منها، كما أكدت أنه يجب على المجلس العسكري ووزارة الداخلية أن يقوموا بحماية المصريين فوق كل أرض مصرية وتحت كل سماء، وأن يعلموا أنهم مسؤولون أمام الله ثم أمام الشعب عن هذه الدماء فى الدنيا والآخرة.

       كما دعا البيان المشتغلين بالشأن السياسي والشأن العام إلى بذل كل المساعي لحقن الدماء وتأمين الممتلكات ومواجهة أعمال القتل وسفك الدماء والتصدي للمجرمين من البلطجية والمُهرّبين من السجون.

       وطالب البيان أيضًا جموع المتظاهرين والمعتصمين أن يصدروا في كل تصرفاتهم عن أهل العلم والحلم والبصيرة وتقوى الله تعالى ومجانبة الفتن، وعليهم الحذر من تخوين العلماء واتهام المخلصين والفضلاء.

       وأوصى البيان أهل العلم والفضل أن يتشاوروا في هذا الأمر، وأن يتحركوا بشكل موحد وينبذوا التلاوم فيما بينهم، وأن يرتفعوا إلى مستوى المسؤولية التي أناطها الله تعالى بهم.

الأحداث ليست في مصلحة الوطن

       من جانبه تساءل الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، عن هؤلاء الذين يريدون الصدام مع القوات المسلحة؟ هل مصلحة الوطن تقتضي ذلك؟ عليهم أن يسألوا أنفسهم قبل الإقدام على أي فعل، فقد تبقى أسابيع وتتضح الصورة ومعالمها ويمثل أمام الناس التحول السلمى فلا أرى مبررا لمثل هذه الحشود التي تربك الوطن وتعطل مصالح الناس وتعطي صورة سلبية عن ثورة 25 يناير بسبب أن هؤلاء المحتشدين ينبغي عليهم التريث والانتظار فيمكن أن تتفاقم المصادمات وأن يزيد عدد الشهداء، وأن نتحول إلى حرب أهلية.

شيخ الأزهر يطالب بوقف العنف

       كما طالب الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بوقف العنف فورا بالعباسية، مطالبا المتظاهرين بالعودة إلى ميدان التحرير، والتظاهر السلمي وعدم اللجوء إلى العنف؛ حيث إن دم المسلم على المسلم حرام، وناشد الجميع أن يوقفوا فورًا ودون إبطاء أعمال العنف، التي تمس بدن المصري أو تودي بروحه، محذِّرا الجميع من إراقة الدماء والدخول فى هذا النفق المظلم المشؤوم، كما ناشد العلماء والحكماء والسياسيين وقوى المجتمع المصري أن يتدخلوا فورًا لإنهاء هذه الفجيعة التي تشوه المشهد الوطني كله، وأن يبذلوا كل الجهود وبأقصى سرعة لوقف هذا النزيف أولاً وبلا قيد أو شرط.

الأحداث في الصحف الأميركية

       تصدرت اشتباكات العباسية اهتمامات الصحف الأمريكية التي حملت المجلس العسكري مسؤولية المذبحة التي راح ضحيتها نحو 11 قتيلاً وعشرات المصابين، وحذرت من أن أي محاولة لاستغلال الأحداث لتأجيل الانتخابات الرئاسية ستشعل الوضع بشكل غير مسبوق. وقالت صحيفة الكريستيان ساينس مونيتور الأمريكية: إن أحداث العنف التي شهدتها منطقة العباسية قدمت دليلاً جديداً للنشطاء الإسلاميين والعلمانيين على حد سواء على أن المجلس العسكري الذي يدير البلاد منذ الإطاحة بنظام مبارك غير جدير بالثقة.

       وأضافت أن استخدام البلطجية لقمع المظاهرات وكسر الأصوات المعارضة لقرارات الحكومة كانت الإستراتيجية السائدة تحت حكم مبارك. واعتبرت أن أعمال العنف الأخيرة تعد مؤشراً مقلقاً على انتشار استخدام العنف أداة رئيسة في السياسة المصرية.

صحيفة النيويورك تايمز

       من جانبها قالت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية: إن عدم تدخل قوات الأمن لفض الاشتباكات التي استمرت لساعات عدة  يثير المزيد من الشكوك حول تواطؤ الحكومة والمجلس العسكري في المجزرة.

       وأضافت أن حالة الارتباك التي تسود المشهد السياسي في مصر توسع الصدع بين المتظاهرين والمجلس العسكري بشكل متزايد، وتضع الانتخابات الرئاسية القادمة في حالة من الفوضى ولاسيما بعد تعليق العديد من المرشحين حملاتهم الانتخابية حداداً على أرواح الضحايا.

صحيفة لوس أنجلوس

       بدورها قالت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية: إن حالة الفوضى التي خلقتها الأحداث الأخيرة أثارت مخاوف من أن المجلس العسكري يبحث عن ذريعة لإلغاء الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 23 من الشهر الجاري.

وأشارت إلى أن الأحداث الأخيرة تعد مؤشراً على مدى قابلية البلاد للاحتراق، وتعكس عجز السياسيين عن تحديد مسار البلاد، مع استمرار المجلس العسكري في السلطة.

بعد فوات الأوان.. المجلس العسكري يفرض حظر التجوال

       في قرار كان من الواجب أن يتخذ منذ بداية الأحداث فرض المجلس الأعلى للقوات المسلحة حظر التجول في ميدان العباسية ومحيط وزارة الدفاع والطرق المؤدية إليها اعتبارًا من الساعة الحادية عشرة مساء يوم الجمعة الموافق 4 مايو وحتى الساعة السابعة من صباح السبت 5 مايو، جاء ذلك في بيان للمجلس، نصه: «إن حظر التجوال سينفذ «في ميدان العباسية ومحيط وزارة الدفاع والطرق المؤدية إليها اعتبارا من الساعة الحادية عشرة مساء يوم الجمعة الموافق 4 مايو 2012 وحتى الساعة السابعة من صباح السبت الموافق 5 مايو 2012». وأكد البيان أن المجلس قرر: «اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتورطين في أحداث ميدان العباسية والمحرضين على ذلك».

       ويبقى التساؤل: هل للجيش مصلحة في إشعال فتيل هذه الأحداث؟ لماذا يتقاعس الجيش عن الأخذ على يد هؤلاء المجرمين؟ هل يدير الجيش مؤامرة ناعمة يمسك بأطرافها من بعيد لإحداث هذه الفوضى؟ هل سيصدق الجيش في تسليم السلطة للمدنيين بعد الانتخابات الرئاسية التي يشكك الكثيرون في إمكانية عقدها في مثل هذه الظروف؟ تساؤلات كثيرة كلها تشير بأصابع الاتهام إلى المؤسسة العسكرية، إلا أننا لا نملك في النهاية إلا الصبر إلى نهاية الطريق حتى نرى صدق تلك المؤسسة من كذبها، نسأل الله أن يجنب مصر وسائر بلاد المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك