رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: هيام الجاسم 15 أبريل، 2019 0 تعليق

الثبـات منهاج سلامة وضمان استقامة

 

 

الرسوخ شموخ والثبات خير عدّة وعتاد، ولانجاة ولا استقامة مع الاهتزاز والارتجاج، التذبذب من علامات الضعف والتردد ومن دلائل انهزام النفس؛ لذا فالثبات رأس القوة في المرء وبرهان رباطة للجأش، وماضاع فرد ولا جيل ولامجتمع إلا بالتذبذب بين هويته وهوية غيره، التذبذب بوابة للانسلاخ؛ لذا فالمرء الحصيف اللبيب الذي يثبت على مبادئه وثوابته مهما اهتز من حوله المهتزون، وتذبذب المتذبذون، وتردد المترددون، أنت أنت ثابت راسخ تستمد قوة ثباتك من ثوابت دينك ورسوخ عقيدتك وصلابة أخلاقك من منابعها التي لاتجف مهما حاول المرجفون!!

     عزيزي القارئ،عزيزتي القارئة، الثبات إدامة الأمر والاستقرار عليه؛ فصار ملازما لك لايفارقك، والرجل ثبت المقام هو الفارس الشجاع الثابت العقل، فالثبات رديف الصبر وقرين البصيرة وملازم لرباطة الجأش، وكذلك المرء الثابت هو الذي يتصدّى للمواقف التي يزلّ فيها كثير من الناس، ومن أسباب هيبة الناس للمرء ثباته، ولقد قال بعض أهل العلم: «من ثبت نبت» أي نال مراده وحصد مازرع، ومن أراد من نفسه التزامها على طاعة أو عبادة أو تحلّ بأدب رفيع فليثبت على مايريد تعويد نفسه عليها، قال -تعالى-: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} سورة البقرة 265والمسلم يستمد العون على الثبات من ربه -عز وجل-؛ إذ قال الله -تعالى-: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}  سورة آل عمران 146، حينما ضرب الله -عز وجل- الأمثال في محكم تنزيله ذكر -سبحانه- في إحداها واصفا الكلمة الطيبة وأثرها في الخلق {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} سورة ابراهيم آية 24، الثبات نعمة من نعم الله على العباد، ثبات عقل المرء على دينه ورسوخه في أخلاقه ومبادئه تلك نعم كبرى، يجدر بالمرء سؤال الله الثبات في الأمر كله.

ثباتك ورسوخك

      أعزائي القراء، ثباتك ورسوخك لا ينفي تطوير نفسك وإمكاناتك التي أنعم بها رب العباد عليك، ويمكنك التطور والتغير نحو الأحسن في مجالات الحياة كافة فيما لا يتعارض مع ثوابت الدين والأخلاق؛ فثبات العقل على الحق لاينافي نضج العقل وتنميته، وثبات طباعك على الخلق القويم لايعني عدم تغيير بعضها السيئ المشين، وحين تتدرب على تبديل طبع سيئ بطبع حسن فاعتمد لغة الثبات على الطبع الجديد؛ فمثلا إن كنت من أهل الثرثرة والعجلة في النطق فيلزمك ضبط نفسك على التثبت من القول قبل التحدث به فضلا عن نقله، فأنت ثَبْت حينما تمسك عليك لسانك فلا يزل في مجالس الناس، وإن كنت غضوبا فيلزمك تعويد نفسك على ضبط انفعالاتك ولجمها وتثبيتها عند مستوى معين من تصدير الانفعال لغيرك، وإن كنت تفجر في خصومتك مع غيرك؛ فاثبت على صفة التسامح وألجم نفسك عن العويل والصراخ والشتيمة، وإن كنت ممن لايكتم سرا فانتبه لنفسك، واربط لسانك بأثقال الثبات، واسأل الله التثبيت؛ فمشاكسة هوى النفس من أعظم الأساليب التي تخلّص صاحبها من السيئ والأسوأ في الطباع والمسالك.

الثبات يحمي النفس

     عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة، الثبات يحمي النفس من التخلي والخذلان، والثبات يرفع قدرك عند الله حين تثبت على دينك وعباداتك، ويجعلك هيّابا بين الناس، الثبات وخصمك من مغالبتك، ويتعب نقيضك من الفاسدين من جرّك نحو فساده، وهو علامة الراسخين رابطي الجأش أقوياء النفس والعقل.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك