التوحيد هو العلم الحقيقي الذي يحقق الاستقامة والهداية
لا مخرج للمسلم والمسلمة من الدوامات والصراعات والفتن إلا بتحقيق قوا الله تعالى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} (محمد: ١٩). فالعلم هو الأساس في الحياة ؛ فهو الوحي الرباني؛ ولذلك كانت البداية {اقرأ}، والعِلم هو ركن النهضة والتقدم والنجاح في كل جوانب الحياة {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (الزمر: ٩).
فالعلم هو الأساس في البوصلة القرآنية، لكن يبقى الركن الثاني وهو:
ما العلم المطلوب والمقصود لذاته؟ الجواب: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}، التوحيد هو العلم والحقيقة الكبرى التي جاءت بها كل الرسل والأنبياء عبر تاريخ البشرية كلها {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل: ٣٦).
العلم الحقيقي
والعلم بتوحيد الله -عز وجل- ومقتضياته ولوازمه هو العلم الحقيقي الذي نبه القرآن الكريم على ضرورة اتباعه، وتجنب مسلك أهل الكفر والضلال والخسار؛ فوصف علمهم بأنهم {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} (الروم: ٧).
فمن تعلّم أن الله -عز وجل- هو الإله الحق في الكون، عرف أن هذا الوجود كله -المحسوس منه وغير المحسوس لنا- هو من خلقه، وهو مالكه والمتصرف فيه، وعرف أن الله -عز وجل- متصف بصفات الكمال والجلال والعلم والحكمة والقوة والعظمة، ومن حاز هذا العلم والمعرفة عِرفَ أيضا أن الله -عز وجل- قد تعهد لأوليائه بالنصر والتمكين والفوز والسعادة والجنة إذا قاموا بواجبهم من الطاعة والمجاهدة والثبات، وأن منهم من يفوز بالنصر والظفر في الدنيا والآخرة، وأن منهم من يفوز بالصبر أو الشهادة في الدنيا والنعيم في الآخرة.
الثبات واليقين
ومن علم أنه لا إله إلا الله -عز وجل- فإنه لا تزيده المحن والابتلاءات إلا مزيدا من الثبات واليقين بصدق دين الله، ولن تجدي كل محاولات تحريف الإسلام الخارجية والداخلية مهما زينوها بشعارات التنوير والتطوير والتحديث والتقدم مع المؤمنين بصحة الوحي الرباني في القرآن والسنة.
القوة الحقيقية في الوجود
والخلاصة: من اتبع الهدايات القرآنية فإن قلبه يطمئن أولا؛ لأنه يدرك أنه يأوي إلى القوة الحقيقية في الوجود، ولأنه يعرف أن الله -عز وجل- وضع سننا في الكون، على المؤمن أن يلتزمها في مواجهة الابتلاءات، منها: الأخذ بالأسباب الدنيوية، ومنها: بذل الوسع والطاقة، ثم التوكل على الله -عز وجل-، والعِلم بالتوحيد يدفع المؤمن للإقدام في سبيل نشر الخير والدفاع عن الحق ونصرة المظلوم دون انتظار الجزاء إلا من الله -عز وجل-؛ ولذلك أقام أهل الإيمان دولة الحق والخير والعدل دوما عبر التاريخ.
الاستقامة والهداية
فالبشرية حين تتبع والإرشادات القرآنية وهي: العلم بالتوحيد، يتحقق لها الاستقامة والهداية، وتعبر على الصراط المستقيم للجنة والفوز العظيم في الدنيا والآخرة.
لاتوجد تعليقات