رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الهيثم زعفان 25 أبريل، 2016 0 تعليق

التوثيق والنشر والتدريس مراحل في التجارب الخيرية المتميزة

يعد التوثيق والأرشفة المعلوماتية أحد أهم خطوات النجاح في منظومة العمل الخيري

اعتماد نظام خاص لتكوين قواعد البيانات داخل المقر الرئيسي للمؤسسة الخيرية

الهدف الأكبر إنشاء الأكاديميات والمعاهد العلمية المتخصصة في تعليم منسوبي قطاع العمل الخيري الإسلامي الجدد وتدريبهم وتأهيلهم 

نشر خلاصة التجارب الخيرية بكافة الوسائل الإعلامية المتاحة، سواء المقروءة أو المسموعة أم المرئية

فتح قنوات اتصال مع المراكز البحثية والمحافل الأكاديمية والعلمية وأقسام الدراسات العليا

يزخر العالم الإسلامي بالعديد من التجارب الخيرية المتميزة والمعبرة عن خصوصية العمل الخيري الإسلامي، فثمراتها تتحدث عن نفسها، وروادها رفع الله ذكرهم في الآفاق أحياء وأمواتاً، فصار الاسم قرين التجربة؛ وصارت التجربة محل تقليد ورغبة في التكرار. فكيف يمكننا الحفاظ على ديمومة نجاح التجارب الخيرية، والسير على دربها، بل وتطويرها بتعزيز مقومات نجاحها، ومعالجة تحدياتها وصعوباتها؟

تساؤل حيوي يفرض علينا وضع التجارب الخيرية الناجحة على طاولة التشريح البحثي، طاولة تضم في طرحنا ثلاثية متشابكة وهي؛ التوثيق ثم النشر ثم التدريس.

أولاً... توثيق تجارب المؤسسات الخيرية

     يعد التوثيق والأرشفة المعلوماتية أحد أهم خطوات النجاح في منظومة العمل الخيري بصفة عامة؛ وهو ما يطلق عليه في الأدبيات الغربية اصطلاح (التسجيل)، فسجلات المؤسسة الخيرية تسجل وتدون فيها كافة فعاليات العمل الخيري وأنشطته ومعلوماته وتقاريره.

وعملية التسجيل أو التوثيق هذه قد تكون موسومة بالقصور لدى بعض المؤسسات والأنشطة الخيرية في عالمنا الإسلامي، ومن هذا المنطلق فإننا نشدد على مجموعة من الإجراءات التخطيطية الساعية لتفعيل هذه العملية التوثيقية الحيوية، ومن هذه الإجراءات:

1- إلزام كافة منسوبي المؤسسات الخيرية بالتدوين أو التسجيل الصوتي لجميع التحركات المهنية الفردية، والمواقف التفاعلية المصاحبة للأنشطة الخيرية طوال فترة المهمة الخيرية أو الإغاثية، بما في ذلك آراء وانطباعات المنسوبين حول البيانات والمعلومات والمواقف المسجلة.

2- تكوين قاعدة بيانات معلوماتية وتصويرية عن كافة الأنشطة الخيرية والإغاثية للمؤسسة الخيرية في ميدان العمل.

3- تكوين قاعدة بيانات عن الاحتياجات الخيرية والدعوية للفئات المستهدفة في مناطق العمل؛ فوجود منسوبي المؤسسات الخيرية في مناطق عوز ونكبات يصعب الوصول إليها بسهولة يستدعي عقد مجموعة من اللقاءات المسجلة والمصورة مع أبناء المناطق المستهدفة، والجهات الرسمية في الدول الحاضنة للمستهدفين، وذلك حتى تتمكن المؤسسة الخيرية من استخدامها لاحقاً في عمليات تقدير الاحتياجات.

4- اعتماد نظام خاص لتكوين قواعد البيانات داخل المقر الرئيسي للمؤسسة الخيرية؛ نظام يسمح بأرشفة تقارير المنسوبين وتبويبها، وكذلك الإحصائيات والبيانات والصور والفيديوهات المتعلقة بميادين عمل المؤسسة الخيرية وأنشطتها.

ما سبق من أعمال توثيقية سيفيد المؤسسة الخيرية ذاتها في تقويم أنشطتها وأداء منسوبيها؛ وهذا نفع (داخلي) يعود بصورة مباشرة على المؤسسة الخيرية وتطويرها.

     ويبقى أن هناك نفعاً آخر (خارجي) ينظم علاقة المؤسسة الخيرية بالعالم الخارجي، ويصنع لها (الثقة المجتمعية) المعززة لموقفها المهني، وفي الوقت ذاته يسمح باستفادة المؤسسات الأخرى من عوامل النجاح، وتجنب التكرار، والحذر من التحديات والصعوبات، وهو ما يتحقق بالعملية التالية والمتمثلة في النشر.

ثانياً: نشر تجارب المؤسسات الخيرية

بعد الانتهاء من العملية التوثيقية السالفة ستجد المؤسسة الخيرية نفسها أمام سيل من المعلومات الخيرية التي لو تم توظيفها إعلامياً وبحثياً بطريقة احترافية، لأحدثت نقلة نوعية في أداء العمل الخيري الإسلامي وانتشاره عموما.

من هنا تأتي أهمية عملية نشر تجارب المؤسسات الخيرية الناجحة، وهي بنظرنا على مستويين:

1. نشر إعلامي جماهيري:

     وفيه يتم نشر خلاصة التجارب الخيرية بكافة الوسائل الإعلامية المتاحة، سواء المقروءة أو المسموعة أم المرئية. وذلك بطريقة تحريرية وإخراجية احترافية تناسب أطياف المجتمع المسلم كافة، وتحفزهم على التفاعل مع الأنشطة الخيرية للمؤسسات الخيرية صاحبة التجارب الناجحة، وفتح آفاق عمل جديدة لمزيد من المؤسسات الخيرية.

2. نشر بحثي متخصص:

     وفيه يتم النشر العلمي للتجارب الخيرية بطريقة بحثية متخصصة، مبنية على المعلومات والبيانات والتقارير المؤرشفة والموثقة لدى المؤسسة الخيرية محل الدراسة؛ ليتم تباحث هذه التجارب الخيرية ومناقشتها في المحافل العلمية من ورش عمل، وحلقات بحث، وندوات، ومؤتمرات، وكذا الأطروحات الأكاديمية.

وهذه المرحلة من النشر سواء الجماهيرية أم المتخصصة بحاجة إلى الإجراءات التخطيطية الآتية:

1- استحداث (هيئة تحريرية وبحثية) سواء داخل المؤسسة الخيرية أم تكون مستقلة بذاتها، على أن تضم مجموعة من المحررين والباحثين المتخصصين، وذلك من أجل التعامل التحريري والبحثي مع معلومات المؤسسة الخيرية وتقاريرها، لنصل في النهاية إلى مجموعة من التقارير الإعلامية والعلمية الصالحة للنشر الجماهيري والبحثي، مع السعي لنشرها إعلامياً وبحثياً بكافة الطرق المتاحة.

2- فتح قنوات اتصال مع الوسائل الإعلامية المتاحة كافة، وتزويد المحررين والصحفيين والمعدين والإعلاميين في هذه الوسائل الإعلامية بتقارير المؤسسة الخيرية ومعلوماتها الأرشيفية والموثقة، وذلك حتى تترجم في صورة تقارير صحفية، وبرامج تليفزيونية وأفلام وثائقية وغيرها.

3- فتح قنوات اتصال مع المراكز البحثية والمحافل الأكاديمية والعلمية وأقسام الدراسات العليا، ودعوتهم لزيارة المؤسسة الخيرية، وإجراء البحوث، ودراسة الحالة حول أنشطتها وتجاربها الخيرية، وذلك من واقع المعلومات والتقارير الموثقة لدى المؤسسة الخيرية، تمهيداً لنشرها في المحافل الأكاديمية.

4- الدفع بمنسوبي المؤسسة الخيرية والمتميزين من الباحثين والطلاب في محيطها المهني، لتوثيق تجارب المؤسسات الخيرية في الجامعات عبر أطروحات الماجستير والدكتوراه.

 

وبذلك يكون قد توفر لدينا مجموعة من التجارب الخيرية الموثقة والمحكمة أكاديمياً، والمنشورة في الأوساط العلمية المعتمدة، لندخل بعد ذلك إلى المرحلة الأكثر تعقيداً وأهمية في الوقت ذاته وهي مرحلة تدريس التجارب الخيرية الناجحة.

ثالثاً: تدريس التجارب الخيرية الناجحة

بوصولنا لمرحلة البحوث الأكاديمية المحكمة سنكون بحاجة للتحرير المنهجي البسيط كي تصلح التجارب الخيرية الموثقة للتدريس الأكاديمي.

 لتبقى بعد ذلك بعض الأمور الفرعية الأخرى مثل أولوية التدريس بين المحاضر المنهجي، والدارس للتجربة؛ ومدى تحفز الإدارات الأكاديمية لتدريس التجارب الخيرية.

وأحسب أن هذه الإشكاليات يمكن معالجتها عبر بروتوكولات التعاون بين المؤسسات الخيرية ووزارات الأوقاف من جهة والجامعات والمعاهد العلمية من جهة أخرى؛ بحيث تدرس في ضوئها مواد بعينها تكون معنية بالقطاع الخيري.

 وكذلك يمكن معالجتها عبر الكراسي البحثية القائمة في الجامعات، أو باستحداث كراسي بحثية جديدة معنية فقط بالتجارب الخيرية الناجحة.

ليتبقى الهدف الأكبر الذي نطمح في رؤيته قريباً إن شاء الله، والمتمثل في إنشاء الأكاديميات والمعاهد العلمية رفيعة المستوى، والمتخصصة في تعليم منسوبي قطاع العمل الخيري الإسلامي الجدد وتدريبهم وتأهيلهم.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك