التواني والكسل في الدعوة بين الأسباب والعلاج
لا شك أن الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى- أشرف الأعمال على الإطلاق، والدليل على شرفها وعلو منزلة من يمارسها قوله -تعالى-: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، قال الحسن: هذه الآية عامة في كل من دعا إلى الله، وكذا قال قيس بن أبي حازم قال: نزلت في كل مؤمن. وقوله -تعالى-: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}؛ فهذه النصوص وغيرها كثير تدل على شرف الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى- ومكانتها، لكن الواقع يتحدث أن هناك توانيا وكسلا عند الكثيرين في الدعوة إلى الله -عز وجل- وهناك أسباب ظاهرة أدت إلى هذا الكسل والفتور، منها:
- أولا: ضعف الإيمان الذي أصاب الكثيرين؛ مما أدى إلى ضعف الهمة عن الطاعات جملة، وعن العمل الدعوي خاصة.
- ثانيا: عدم تقدير الكثيرين للعمل الدعوي التقدير اللائق به واستشعار أهميته، إما لغياب المعاني الشرعية عنه التي تدله على ذلك، أو معرفة المعاني لكن عدم بروزها في القلب نتيجة كثرة الانشغال بالمباحات أو المعاصي والمخالفات.
- ثالثا: كثرة التشاغل بالدنيا والانهماك في تحصيلها.
- رابعا: عدم معرفة طبيعة الطريق وأنه ليس مفروشا بالورود؛ مما يترتب عليه عدم توطين النفس على كل الاحتمالات.
- خامسا: استعجال النتائج يؤدي في النهاية إلى التواني والكسل بحجة أنه لا فائدة.
- سادسا: الشعور بالإحباط عند الإخفاقات الدعوية.
- سابعا: غياب الرؤية عن كثير من الدعاة، وعدم وضوح الهدف.
- ثامنا: جعل الدعوة دائما في آخر سلم الاهتمامات.
- تاسعا: غياب التوفيق عن العبد؛ فإن الله إذا أحب عبدا استعمله في نشر الخير بين الناس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين».
- عاشرا: غياب البصيرة التي تنجيه من الحيرة التي يستمدها العبد في دعوته إلى الله من الكتاب والسنة، الذي كلما كان العبد ألصق بهما كلما زادت بصيرته.
- حادي عشر: تسرب الدنيا إلى النوايا وهذا أمر في منتهى الخطورة؛ لأنه قد يؤدي إلى النزاع والتقاطع والتدابر .
والأسباب كثيرة، ولكن ذكرنا بعضها أو المهم والبارز منها، وعلاجها يكمن في الآتي:
- الأول: الأخذ بأسباب قوة الإيمان؛ فإن الإيمان عندما يزداد في قلب العبد يؤدي إلى زيادة العمل ولا بد.
- الثاني: معرفة الأدلة الشرعية على وجوب الدعوة إلى الله، وتكرارها حتى يستشعر العبد أهمية هذه العبادة ومكانة من يجتهد فيها، وأنها طريق الأنبياء من قبل .
- الثالث: نشر روح التفاؤل والأمل بين العباد، ونفض روح الهزيمة والانكسار، ولاسيما في أوقات الإخفاقات الدعوية.
- الرابع: وضوح الرؤية بالنسبة وتحديد الأهداف.
- الخامس: علو الهمة في طلب الآخرة .
- السادس: استشعار أهمية الدعوة في إصلاح أحوال المجتمع.
وجماع ذلك كله أن يقوي العبد علاقته بربه، ويعلق قلبه به، ويخضع له، ويتوكل عليه حتى يتسنى له رؤية الأمور على حقيقتها.
لاتوجد تعليقات