التواصل الفعال أساس الزواج الناجح
قال -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(الروم: ٢١)، من آيات الحكيم -سبحانه وتعالى- أن جعل المودة والرحمة بين الزوجين، لكن كيف تدوم تلك المودة والرحمة؟ بالتأكيد بتوفيق من الله بداية، ثم بالأخذ بالأسباب التي منها أن يتعلم الزوجان مهارات تعينهما على استمرارية الحياة الزوجية ودوامها؛ فالعلم هو أول طريق النجاح لأي مشروع أخروي أو دنيوي قال -تعالى-: {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك}(محمد).
واستكمالا لما بدأناه في الجزء الأول عن التواصل الفعال بين الزوجين، سنستعرض في هذا الجزء بعضًا من مهارات التواصل بين الزوجين، وهي تربو على الإحدى عشرة مهارة.
التشجيع والتعاون
لا شك أن تشجيع الزوجين لبعضهما بعضا والتعاون فيما بينهما على فعل الخير والتواصي بحسن الخلق، له أثر كبير في نجاح العلاقة بينهما، ويظهر ذلك من خلال أمور عدة أهمها:
- تعلم عدد من المهارات والممارسات التي تنبثق من المبادئ السامية والأخلاق الحسنة في التعامل اليومي، مثل اعتماد صفة الرفق في التعامل بينهما واللطف واللين، وعدم التسرع في إطلاق الأحكام على الطرف الأخر.
- تشجيع بعضهما بعضا على التخلق بحميد الصفات وطيب الأفعال، مثل عند مرور الزوجين بإنسان محتاج يقدم أحدهما المساعدة له؛ فيكون قدوة للأخر.
- تذكير بعضهما بعضا بالعبادات والأعمال الصالحة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ[: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ».
- التشجيع والثناء يعزز الاحترام بينهما، ويقوي قدرتهما على بناء الثقة المتبادلة.
- التشجيع هو السد المنيع لمنع الانهيار والإحباط لدى الزوجين، ويحمي علاقتهما من التصدع والانهيار، ويزيل الأوهام والشكوك.
اكتساب مهارة التشجيع
ولاكتساب مهارات التشجيع بين الزوجين يجب التدرب عليها وإتقانها من خلال المواقف التي تمر عليهما ومن ذلك:
- التعود على استخدام كلمات الشكر والثناء في الأوقات المناسبة.
- استخدام كلمات التشجيع في بعض المواقف والمهام التي يقوم بها الزوجان.
- المبادرة بالتشجيع من قبل الزوجين، وإشاعة روح الفرح والابتهاج وإذكاء روح الإحساس بالنجاح، وقد جاء عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: «أتيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بخَزِيرَةٍ طَبَخْتُهَا لهُ؛ فقلتُ لسَوْدَةَ والنبيُّ صلى الله عليه وسلم بيني وبينَها؛ فقلتُ لها: كُلِي؛ فأَبَتْ فقلتُ: لتأكلَنَّ أو لأًلطِخَنَّ وجهَكَ؛ فأَبَتْ، فوضعتْ يدي في الخَزِيرَةِ فطليتُ بها وجهَها؛ فضحكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ؛ فوضعَ فَخِذَهُ لها وقال لسَوْدَةَ: الْطُخِي وجهَها، فلَطَخَتْ وجهي، فضحكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أيضًا». السلسلة الصحيحة.
- التخاطب بإقبال وتقارب واستعمال الكلمات الإيجابية والداعمة والمشجعة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي عائشة - رضي الله تعالى عنها - بقوله: «يا عائش» تحبباً، وتحسناً لمكانتها المميزة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ففي الصحيحين عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام، قلت: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته».
- عدم إغفال الجهود الإيجابية التي يقدمها الزوجان والحرص على استغلال اللحظات المناسبة التي ممكن أن تحقق التقارب بينهما.
- على الزوجين الحرص على تقديم الهدايا في المناسبات الخاصة بمثابة التشجيع الذي يشيع المودة.
مهارات الحوار الهادف بين الزوجين
- الحوار يجب أن يكون يوميا، ولو بأوقات قصيرة ومركزة.
- الحوار جانب أساسي في بناء العلاقة الزوجية؛ ولذا لابد أن يشغل مساحة، ويأخذ وقتا في حياة الأزواج؛ فالحوار من أفضل السبل للتفاهم والتقارب.
- وجعل الحوار دائما فيما يحظى بالاتفاق المبدئي بينكما حتى تتكون نواة الحوار الأولية.
- إظهارالاهتمام بوجهات النظر المتبادلة، والاقتناع بها، والاستماع إليها جيدا، وليتكلم كل واحد بوضوح واطمئنان.
- تجنب التشدد في الرأي ووجهة النظر القاصرة، وليكن هناك مجال دائما لاستعياب الطرف الآخر، والتوقف عن الحوار بهدوء عند عدم التوافق.
- اعتماد مبدأ الاعتذار عند الأخطاء والزلات ولاسيما عندما تكون العواطف شديدة التغيير وسريعة الانفعال.
- تقديم الدعم بين الزوجين للقيام بالواجبات والاستمتاع بالأمومة والأبوة.
- لحوار ناجح على الزوجين تعلم فن الاستماع، لتوسيع محاور الحديث بين الزوجين استمع بطريقة جيدة للطرف الآخر وبحضور قلب؛ مما يعين على التعاطف وفهم ما يدور بعقلانية وموضوعية وتقارب في وجهات النظر، لاتقاطع ولا تتدخل إﻻبكلمات هادفة قصيرة.
ولعل حديث أبي زرع المشهور دليل قوي لمهارة الاستماع من النبي صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين عائشة وحديثها الطويل وختمه، لقد كنت خيرا لك من أبي زرع لأم زرع.
نظرات الرحمة والمودة
إن تبادل النظرات الدالة على الرضا والتفاؤل ما بين الزوجين من شأنها أن تنقل الصفات الجميلة، وما لها من تأثير مباشر على تعزيز علاقة الود والرحمة، وتجعلهما يتغاضيان عن سفاسف الأمور وجزئياتها التي تعكر صفو تواصلهما.
خطوات عملية
ما أهم الخطوات المساعدة لتفعيل هذا النوع من التواصل؟
- التهيئة النفسية والرغبة والاجتماع؛ فالانطباع الجيد عند اللقاء يحفز المشاعر الإيجابية لبناء علاقة قوية متماسكة، ويشجع تقبل الزوجين لبعضهما .
- القيام بمبادرات ذاتية لإظهار المحبة والاحترام للطرف الآخر؛ مما يتيح التواصل .
- النجاح بلغة العيون والنظرات الصادقة تعبير ناجح في تحرير الرسائل المطلوبة؛ فتركيز النظر في العين؛ -كونها نافذة الروح المادية والمكنونات الخفية- أسرع ترجمة عند النظر؛ فعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً، فَقَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : «انْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا»، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا»، قَالَ: «أَحْرَى أَنْ تَدُومَ الْمَوَدَّةُ بَيْنَكُمَا».(سنن الترمذي). وإذا كان هذا قيل في النظر للمخطوبة؛ فيكون للزوجة أوكد وأكثر أثرًا.
مهارة تغيير الطباع ايجابيا
تغيير الطباع إيجابيا يدعم التواصل بين الزوجين، لتعزيز التواصل نحتاج لتغيير بعض الطباع والتصرفات التي تعيق عملية التواصل ثم التوافق، واعتماد التعاون المتبادل والتنازلات المتبادلة؛ مما يعزز قدرة الزوجين على مواصلة الحياة بسعادة ونجاح .
خطوات التغيير الإيجابي
-أن يتقبل الزوجان مبدأ التغيير؛ فمن شأن ذلك تحسين العلاقة بينهما.
-من أولى الأشياء بالتغيير مشاعر الزوجين السلبية نحو بعضهما.
-عدم الرغبة في التغيير، تدل على عدم معنى التكيف والتأقلم.
-التغيير بالأمور البسيطة يبشر بالتحسن والتقدم للأفضل؛ فقوة الإرادة والإصرار أهم عامل من عوامل التغيير الإيجابي، والاعتراف بالخطأ بداية التغيير .
لاتوجد تعليقات